واصبرْ وما صبرُك إلاَّ باللهِ ، اصبرْ صَبْرَ واثقٍ بالفرجِ ، عالم بحُسْنِ المصيرِ ، طالبٍ للأجرِ ، راغبٍ في تكفيرِ السيئاتِ ، اصبرْ مهما ادلهمَّت الخطوبُ ، وأظلمتِ أمامك الدروبُ ، فإنَّ النصر مع الصَّبْرِ ، وأنَّ الفرج مع الكَرْبِ ، وإن مع العُسْرِ يُسْراً .
قال ابن عطاء : يتبين صدق العبد من كذبه فى أوقات البلاء والرخاء فمن شكر فى أيام الرخاء وجزع فى أيام البلاء فهو من الكاذبين ولو اجتمع فى رجل علم الثقلين ثم هاجت عليه رياح البلاء فأظهر الشكوى لما نزل به لا ينفعه علمه ولا عمله كما جاء فى الحديث القدسى يقول الله تعالى : " من لم يرضى بقضائى ولم يشكر عطائى فليطلب ربًا سوائى " .
من صبر على طاعة الله تعالى أعطاه الله يوم القيامة ثلاثمائة درجة فى الجنة كل درجة ما بين السماء والأرض .
ومن صبر على محارم الله أعطاه الله يوم القيامة ستمائة درجة كل درجة مثل ما بين السماء السابعة والأرض السابعة ..
ومن صبر على المصيبة أعطاه الله يوم القيامة سبعمائة درجة فى الجنة .. كل درجة ما بين العرش إلى الثرى .
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقول الله تعالى : " ما من عبد نزلت به بلية فاعتصم بى إلا أعطيته قبل أن يسألنى وأستجب له قبل أن يدعونى ، وما من عبد نزلت به بلية فاعتصم بمخلوق دونى إلا أغلقت أبواب السماء عنه "
فيجب على العاقل أن يصبر للبلاء ولا يشكو فينجو من عذاب الدنيا والآخرة ، لأن أشد البلاء على الأنبياء والأولياء .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مرض ليلة فصبر ورضى خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، فإذا مرضتم فلا تتمنوا الموت"
وعن معاذ بن جبل – رضى الله عنه – قال : " إذا ابتلى العبد المؤمن بالسقم قال لصاحب الشمال ارفع القلم عنه وقال لصاحب اليمين اكتب لعبدى أحسن ما كان يعمل " .
وجاء فى الخبر عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) : " إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكان فقال انظرا ما يقول عبدى فإن هو قال الحمد لله رفع ذلك إلى الله وهو اعلم فيقول لعبدى على إذا انا توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدله لحمًا خيرًا من لحمه ودمًا خيرًا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته " .
ودخلوا على أبي بكر -رضي اللهُ عنهُ- وهو مريضٌ ، قالوا : ألا ندعو لك طبيباً ؟ قال : الطبيبُ قد رآني . قالوا : فماذا قال ؟ قال : يقولُ : إني فعَّالٌ لما أريدُ .
كان أحدُ العظماءِ مسرحاً تركضُ فيه المصائبُ ، وميداناً تتسابقُ فيهِ النكباتُ كلما خرج من كربةٍ زارتهُ كربةٌ أخرى ، وهو متترسٌ بالصبرِ ، متدرّعٌ بالثقةِ باللهِ .
هكذا يفعلُ النبلاءُ ، يُصارعون الملمّاتِ ويطرحون النكباتِ أرضاً .
تَلَفَّتْ يَمْنَةً ويَسْرَةً ، فهل ترى إلاَّ مُبتلى ؟ وهل تشاهدُ إلاَّ منكوباً في كل دارٍ نائحةٌ ، وعلى كل خدٍّ دمْعٌ ، وفي كل وادٍ بنو سعد .
كمْ منَ المصائبِ ، وكمْ من الصابرين ، فلست أنت وحدك المصاب ، بل مصابُكَ أنت بالنسبةِ لغيرِك قليلٌ ، كمْ من مريضٍ على سريره من أعوامٍ ، يتقلبُ ذات اليمينِ وذات الشِّمالِ ، يَئِنُّ من الألمِ ، ويصيحُ من السَّقم .
ولك في الرسول قدوةٌ وقدْ وُضعِ السَّلى على رأسِهِ ، وأدمِيتْ قدماه وشُجَّ وجهُه ، وحوصِر في الشِّعبِ حتى أكل ورق الشجرِ ، وطُرِد من مكَّة ، وكُسِرتْ ثنيتُه ، ورُمِي عِرْضُ زوجتِهِ الشريفُ ، وقُتِل سبعون من أصحابهِ ، وفقد ابنه ، وأكثر بناتِه في حياتهِ ، وربط الحجر على بطنِه من الجوعِ ، واتُّهِم بأنهُ شاعِرٌ ساحِرُ كاهن مجنونٌ كاذبٌ ، صانُهُ اللهُ من ذلك ، وهذا بلاءٌ لابدَّ منهُ وتمحيصٌ لا أعظم منهُ ، وقدْ قُتِل زكريَّا ، وذُبِح يحيى ، وهُجّرَ موسى ووضع الخليلُ في النارِ ، وسار الأئمةُ على هذا الطريق فضُرِّج عُمَرُ بدمِهِ ، واغتيل عثمانُ ، وطٌعِن عليٌ ، وجُلِدَتْ ظهورُ الأئمةِ وسُجِن الأخيارُ، ونكل بالأبرار ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ﴾ .
google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
من بعض ما قرأت عن الصبر ..
المصادر :
كتاب " مكاشفة القلوب " .. للإمام ( أبى حامد محمد بن محمد الغزالى )
كتاب " لا تحزن " .. للشيخ ( عائض القرنى )