يا طيور أسمهان .. د. سلوى عمارين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بولادة أسمهان (آمال فهد الأطرش)، في 24 تشرين الثاني من العام 1917، زاد عدد أمراء الجبل أميرة جديدة، وبرحيلها المفجع في 14 تموز من العام 1944، فقد العالم هِبَةً إلهيةً لعلها لا تتكرر مرتيْن. ولادةٌ زُفّتْ لوالدها الأمير الدرزيُّ المطارد، فنزلت عليه برداً وسلاماً، وزُفّتْ إلى الكون فهيأته لقصة مدوية من الإبداع العبقري الفذ، والأحداث الصاخبة التي تميزت بها حياة أسمهان على قصرها، والوميض الذي ما كادت تلمع أولى بروقه حتى انطفأ فجأة عبر نهاية مأساوية صاعقة. سريعاً كَشفتْ موهبة أسمهان عن نفسها، وسريعاً حققت لها مكانة مرموقة في عالم الغناء العربي أيام زمنه الجميل، وطربه الأصيل، وأيام عباقرته الكبار: وسريعاً أيضاً وأيضاً، نسجت الجميلة صاحبة الصوت «السخي، الفياض بالشجو المرنان» بحسب وصف الفنان كرم ملحم كرم، خيوط نهايتها الدراماتيكية التي ما تزال تشكّل لغزاً لم تحل طلاسمه بعد؛ فهل كان موتها مجرد حادث عارض فعلاً؟ أم أن حادث غرقها في ترعه الساحل الموجودة حاليا في مدينة طلخا من تدبير جهةٍ ما؟ في كل الأحوال، وقبل أن تصل حكاية أسمهان لفصلها الأخير، وخلال فترة قصيرة لم تتعد 13 عاماً (من 1931 إلى 1944) هي زمن نشاطها الفني وعطائها الغنائي الباهر، كانت أسمهان قد تركت وراءها كنزاً لا يموت، ولا يخذله النسيان: يا طيور، ليالي الأنس في فيينا، الورد، يا حبيبي تعالى، رجعتلك، نار فؤادي، محلاها عيشة الفلاح، غيرُ مُجْدٍ، ليت للبراق، دخلت مرة في جنينة وأغنيات أخرى كثيرة، لحّنها لها إضافة لشقيقها الموسيقار فريد الأطرش الذي آمن بموهبتها واحتضنها وسوّقها، ملحنون كبار أمثال: محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ومحمد القصبجي وزكريا أحمد وفريد الغصن ومدحت عاصم وغيرهم، وكتب كلماتها شعراء كبار أمثال: أحمد رامي، ويوسف بدروس، والأخطل الصغير، ومأمون الشناوي، وبديع خيري، وبيرم التونسي وغيرهم. ولم تنس أسمهان أن تدلي، قبل رحيلها عن دنيا الحياة، بدلوها في عالم السينما، ولو بإسهام رمزي بسيط، فالعمر لم ينتظرها لتقول ما هو أكثر من «انتصار الشباب» و»غرام وانتقام» الفيلم الذي ترجّلت قبل أن يرى النور. رحلة عاصفة عاشتها أسمهان، على قلقٍ كأنَّ الريح تحتها، ولم يبق لنا سوى «يا طيور» و»ليالي الأنس» وغيرها من أغان لولا وجودها وشجي أنغامها، لظننا أننا أمام حُلُمٍ عارضٍ من صوتٍ لا يتكرر وصورةٍ مُشِعَّةٍ بالجمال والبهاء ونبل الأميرات. فيا طيور أسمهان ظلي زوري القبر البعيد، وظلي غردي، كلما عن الهوى لك أو لها أو لنا: «اشتـــكي لـــه يبتسم ويزيـــد ولوعـــــي/يا طيورصوري له حالي من سهدى ودموعي/ غنت الأطيار من فوق الأشجار أعذب الأشعار مالت الأغصان/ من هَنا الألحان والفؤاد ولهان/ والنســــيم يســــــري عليل/ يحمل الصوت الجمــيل/والزهور فاحت بعطر الأماني/ والغدير ردد معها الأغاني».