موضوع: رد: من صناع الموسيقى العربية في القرن العشرين 7/10/2016, 11:31
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فريد الاطرش: من صناع الموسيقى العربية في القرن العشرين صحيفة الرأي واذا امكن الحديث عن خطوات جريئة لموسيقيين عرب، وعن قدرتهم في نقل الاغنية العربية من نغميتها العابرة واطار التسلية المستغرقة فيه الى طابع التركيب النغمي المولد للتعبير العميق عن المشاعر والرؤى الانسانية، اذا امكن كل ذلك، فانه سيقود للحديث قطعا عن انجاز فريد الاطرش، وبالذات في اعطاء الحانه جوهرا "هارمونيا" لطالما كان سمة في التركيب الموسيقي الاوروبي، وهو في علاقته مع الموسيقى "الكلاسيكية" الاوروبية هنا جعل "التحديث" او الاتصال مع ثقافة الاخر، ذا بعد تاصيلي وليس لمجرد التاثر والانبهار، فاعماله التي بدت متاثرة في البناء الهارموني "الغربي" كما في "حكاية غرامي" "عدت يا يوم مولدي" "لحن الخلود" وغيرها، لا يمكن الا ان تحيل الى روحية عربية، لكنها روحية بدت قريبة الى نبض عصرها (النصف الاول من القرن الفائت، حين كانت المجتمعات العربية تنزع الى تجديد ولقاء نهضوي حقيقي مع الاخر، قبل ان ترتد وتتراجع بحمن سيطرة العسكرتاريا المتخلفة على ابرز المراكز العربية تحت اقنعة حكومات التحرر الوطني
وفكرة الاتصال مع ثقافة الاخر وموسيقاه، كانت ليست مجرد فكرة "مودرن" ومنسجمة مع "الموضة" عند فريد الاطرش، بل هي سعي الى اعطاء التحديث النغمي العربي، طابعا تاصيليا، فكان لحنه لشقيقته اسمهان (اسمها الحقيقي امال) في فيلم "غرام وانتقام" عام 1944 لحنا قارب "الفالس" القالب الموسيقي الغربي المعروف، في اغنية "ليالي الانس" غير ان المستمع للاغنية لن يجد الا دفقا من المشاعر العربية الصياغة والمعنى والروحية كما ان هذه العلاقة او الاتصال مع اللحن الغربي لم يكن اتصالا اعمى او مغلقا، فهو يعرف تماما الى اين هو ذاهب؟ ومع اي قضية يتصل؟ بل هو يعلم جيدا ان "الفالس" احساس انيس، وهو من نتاج ليالي العاصمة النمسوية فيينا الموسيقية، ومن هنا جاء مفتتح الاغنية "ليالي الانس في فيينا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] براعة في صناعة السينما الموسيقية
وعن فرادة عمل الموسيقار الراحل المثير الذي يجب ان يسجله الدارسون للموسيقى العربية ولتاريخ تطورها الحديث، ان الملحنين الكبار في مدرستها المعمارية الشاهقة، تاثر بعضهم ببعض غير ان الفرداة انعقدت للموسيقار فريد الاطرش الذي تخلص كثيرا من التاثر بغيره وتاثر به الجميع ودليل على الفرادة، هو لو اخذنا اغنية "اظنتيني بالهجر" فسنجدها صياغة لحنية بارعة ضمن قالب "غناء القصيدة" ولكنها في الوقت ذاته، تخرج عن حدود "الثقل" والرصانة المتجهمة في القالب ذاته، لنجدها اغنية رشيقة اللحن، و "خفيقة" في تراتبها الايقاعي لتمضي في بناء فريد، فيه الخفة والرصانة معا، فيه احكام القالب، وطراوة التجديد. هكذا كان فن الموسيقار الراحل فريد الاطرش سهلا ممتنعا، فيه التجديد والتحديث دون التنكر للاصول، فيه الاتصال العميق مع الغرب دون الانفصال عن الينابيع، وهي غنية وعميقة عند الاطرش، تمتد من ينابيع الموسيقى التركية فالشامية والمصرية، وصولا الى ينبوع النغم التجديدي الخاص به