وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37405 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
| موضوع: اسمهان الظاهرة النادرة في الغناء العربي 18/2/2017, 18:09 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بروكسلأسمهان 1917 – 1944… الظاهرة النادرة في الغناء العربي حَمَلَت التناقضات والمواصفات التراجيدية التي قادتها إلى نهايتها لم تعرف تلك الصبية الصغيرة أن القدر كان يخبئ لها كل تلك التناقضات التي يمكن أن يعيشها إنسان على هذه البسيطة. صحيح أن حياة كل منا مليئة بالحلو والمر، النجاح والفشل والأبيض والأسود وما بينهما، إلا أن أسمهان عاشت كل حلاوة الدنيا ومرارتها وكأنها عرفت في قرارة نفسها أن عمرها قصير (1912 ـ 1944). ستون سنة مضت او اكثر على غياب صاحبة “ليالي الأنس”، و”فرق ما بينّا” و “يا ليالي البشر” و”رجعتلك يا حبيبي”، و”أهوى”، و”ليت للبرّاق عينا” و”أنا اللي أستاهل” وما تزال دموع حجاج بيت الله، تنهمر في كل عام مع أغنيتها الأقرب إلى الدعاء “عليك صلاة الله وسلامه” بنبرة الخنوع والتوبة، باعثة الرهبة، والحنين إلى مرقد النبي. الصوت الحزين لما يزل يرن في الأذهان كلما استحضرنا صورتها أو سيرتها أو مشهداً من أفلامها، إذ حيّر النقاد والموسيقيين والملحنين والمتذوقين والعشاق على حدّ سواء. أسمهان، النبرة الشجية في عالم الأغنية العربية، والشخصية الغامضة الواضحة معاً. عاشقة الحياة والمال، البهجة والحزن، لطالما دفعتها مشاعر مجهولة، قوية لا تقاوَم، ولهفة إلى كل تجربة جديدة ومغامرة، مهما ذهبت بها، بعيداً أو قريباً، من دون أن تهاب موت، أو تردعها تقاليد أو قيود، وكأنها شاءت عن قصد وإصرار، أو عن غير قصد أن تكون حياتها شريطاً سينمائياً، أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، حيث سطرت حياتها بقصص الفقر والألم النفسي بحيث لا تبتعد كثيراً عن قصص أغاثا كريستي الخيالية الشهيرة، وعاشت حياتها بكل ما هو مشوّق، وغريب . هل كانت بذلك تنتقم من تلك الحياة التي شاء لها القدر أن تبدأها بالترحال والهروب منذ لحظة ولادتها وحتى لحظة مماتها، وكأنها تقول لنفسها وللعالم أجمع: إنكم لم تذوقوا طعم الذل والحرمان، ولم ترضعوا الخوف كما رضعته، ولم تجربوا المحن في أيام الطفولة السوداء، في أوقات لم أجد من يحنّ علي وعلى عائلتي بكسرة خبز. الصحافي محمد التابعي أقرب أصدقائها، قال إنها يمكن أن تبكي بدموع غزيرة في لحظة، ومن ثم تضحك من قلبها في لحظة أخرى. امرأة استعصت على الوصف حقاً، وقد لا يملك امرؤ أن يتخذ موقفاً معيناً منها، لكثرة ما حوته شخصيتها من غرائب السلوك وتناقضاته. جمالها وجسدها الناحل وشكلها العام قد تثير المواقف المتناقضة منها وقد يختلف البعض حول جمال وجهها أو جسدها، لكن في أي زمان وفي أي مكان لم يختلف اثنان على حلاوة صوتها، والقشعريرة التي يبعثها فينا حين نستمع إليه. عرفت الفقر والغنى، لقبت الفنانة أسمهان وعشقت لقب الأميرة آمال. أحبت الغناء وكرهت الإذلال، تألمت وهي بعد غضة، إذ اضطرها العوز أن تقف ساعات، تغني في صالات شارع عماد الدين، حيث كانت تطوي آلامها، وتغالب دموعها . أحبت الغناء لأجل المزاج، لا من أجل المال، والغناء لنفسها ولوالدتها ولمن تحب ولمن ترتاح إليهم، لكن الغناء بالأجر مقتته إذ أصبح مهنتها التي لا تستطيع التخلي عنها، بل تعتبره مهنة أسرت موهبتها. أي سرّ في هذا الصوت المتلألئ الذي يأسر القلوب بشحناته القوية، وانحناءاته المفعمة بالدفء والحنان والشجن، بل قدرته على بصم أي لحن ببصمته، وتغليف الأنغام بخصوصيته، وإسباغ الصفة الدرامية الشجية عليه. صوت حمل كمّاً من الصفات التي كان يوصف بها صوت متكامل العناصر، وموهبة إلهية قلّما يهبها الله لحنجرة ما. المستمع العادي يستطيع أن يشعر بأوتار الصوت المشدودة، الأقرب إلى صفاء الذهب، في رنينه ولمعانه. صوت أنثوي بالغ الإحساس، مرهف، يتلون مع كل أغنية، حسب مضمونها، ونوعية الدور المسند إليها في السينما، كما في الحياة. ظهرت أسمهان في زمن العمالقة. في أوائل الثلاثينات. أصوات كبيرة راسخة في الآذان العربية وأذهانها ووجدانها، حين كانت مواصفات معينة في الصوت لم يمكن أن يخترقها أو تخرق قواعدها أي موهبة لا تتقيد بها، إلا أن ذهبية الصوت، أسمهان ـ كما وصفها الملحن محمود الشريف ـ لم يتجادل اثنان على جمال صوتها وعظمته وقدرته على سلب المشاعر. ليس بأنوثته ودفئه فحسب بل بمساحته التي هي هبة من الله في المرتبة الأولى حيث ضم صوتها أكثر من أوكتافين “ديوانين”، أي أكثر من خمس عشرة درجة على السلم الموسيقي. إضافة إلى قدرتها على التصويت من الرأس، حسب أسلوب الغناء الأوبرالي الغربي المتعارف لدى مغنيات السوبرانو، وقد نستمع إلى بعض المغنيات العربيات يستخدمن هذه الطريقة وبخاصة اللواتي من أصول مغاربية: تونس والمغرب والجزائر، إلا أن أسمهان تميزت عنهن بصوت ينثني انثناءة الحرير الأصيل، وكان صوتها يأتي صافياً عريضاً واضحاً رناناً شجياً لا صارخاً حاداً، بل يتدفق في غاية الحنان والسلاسة والرقة. ولو عدنا إلى أغنية “ياطيور” التي لحنها محمد القصبجي لوجدنا فيها كل مواصفات الصوت الأوبرالي الدرامي، تضاف إلى مواصفات الصوت الشرقي المعتق بأنغام الأصالة والملوّح بحرارة النبرة المقامية المشرقية بدقتها ورهافتها. فالمعروف في الأصوات العربية ذات المساحة الكبيرة إنها إما تكون متقنة للنغمات الغربية على حساب الشرقية، أو العكس، أما إتقان الأسلوبين معاً في الصوت الواحد فهو من النوادر وينطبق على أسمهان وفيروز، وأم كلثوم في بداياتها، والراحلة نور الهدى، وإلى حدّ ما على المطربة التونسية الراحلة ذكرى. صوت أسمهان كان الوحي، والملهم لأنغام الملحنين الذين تعاونوا معها، وخبروا الصوت بتعابيره الدرامية، لا في مساحته الكبيرة فحسب، وبخاصة محمد القصبجي الذي لحن لها “ياطيور” وغيرها وشقيقها الراحل فريد الأطرش الذي استوحى من صوتها أجمل الألحان إذ وضع أكثر الجمل اللحنية تناسباً مع موهبتها الفذة وأكبر مثال على ذلك، “ليالي الأنس”، إضافة إلى غنائها ضمن أسلوب الطرب التقليدي الذي كان متبعاً في تلك الفترة. إلا أن أسمهان وبسبب هذا الصوت الموحي بالتجديد والدراما جذبت الأسماع من خلال الألحان التي سبقت عصرها.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|
بنت مصر فريديّة أصيلة
عدد المساهمات : 3040 تاريخ التسجيل : 11/04/2011
| موضوع: رد: اسمهان الظاهرة النادرة في الغناء العربي 7/4/2018, 16:31 | |
| مقال رائع عن القيثاره اسمهان رحمها الله
شكرا جزيلا استاذنا القدير الاستاذ وليد علبى | |
|
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37405 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
| موضوع: رد: اسمهان الظاهرة النادرة في الغناء العربي 7/4/2018, 20:34 | |
| تواصلك الراقي مصدرا للتحفيز
شكرا لحضرتك الأستاذة القديرة بنت مصر
مع احرتحياتي | |
|