[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سمر محمد سلمان انصهار الثقافات فريد الأطرش هو لا شك صاحب مدرسة شديدة الخصوصية والتفرد، لا تشبه احداً سواه. مدرسة تلحينية انطلقت من دوائر ثلاث: دائرة محلية شهدت أولى خطواته الفنية في بيئته الشامية، ودائرة اقليمية عربية شرقية عرفت نضجه الفني وتألقه في بيئته القاهرية واستلهمت فن الرواد الأوائل ونسجت على منوالهم، ثم دائرة عالمية استلهمت موسيقى الشعوب الأخرى وايقاعاتها كالسامبا والرومبا والتانغو، وكذلك بعض ملامح الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، لا على سبيل المحاكاة الفجة بل من خلال اخضاعها لروح الشرق وهضمها في بوتقته باقتدار. وذلك نظراً لقدراته الفنية الفائقة وموهبته الحقيقية التي استطاعت أن تبتلع هذه المؤثرات والروافد وتصهرها في موقد خيالها الرحب لتخرج علينا بأسلوب تلحيني مميز ذي ملامح محددة وبصمات خاصة لا يخطئها المتذوق للموسيقى. فريد الأطرش اذاً هو النموذج الأمثل لهذا الانصهار بين الثقافات الموسيقية المتعددة والمتنوعة وأفضل من سكبها في نهر الموسيقى العربية حتى انسابت في مجراه كأحد مكوناته من دون أن تذوب فيه بل نشعر بوجودها ونلمح طيفها كظلال تلوح من بعيد. فريد الأطرش يمثل في ثقافتنا الموسيقية حالة فنية أضافت وأثرت واستطاعت أن تخترق حواجز المحلية للانطلاق الى العالمية من خلال مجموعة من مقطوعاته الرائعة التي لفتت انتباه الموسيقيين الغربيين. من هذه المقطوعات قصيدة «يا زهرة في خيالي» التي سحرت الألباب وجابت شهرتها الآفاق وتردد صداها في أنحاء العالم وعزفتها الأوركسترات العالمية في أكثر من مكان. ما لم يحدث لأحد من معاصريه من الكبار أو الذين سبقوه. وكان من أوائل الملحنين، الذين ألفوا المقطوعات الموسيقية المحضة التي ذاعت شهرتها عربياً وعالمياً، واهتموا بالمقدمات الموسيقية التي عزفتها الأوركسترا بكامل عديدها وآلاتها، كما اهتم بتوظيف الكورال بشكل بديع في اعماله واللجوء الى تقنية البوليفوني الغربية وتطويعها للموسيقى الشرقية باسلوب خلّاب، كما في ختام قصيدته الشهيرة «عدت يا يوم مولدي». ان التقدير العالمي عزز مكانة فريد الأطرش محلياً وعالمياً، وأنصفه ورفع عنه ظلماً أصابه في وطنه على المستوى النقدي والتأريخي