الموسيقار الفريد في ذكراه 42

موضوع: الموسيقار الفريد في ذكراه 42 26/11/2016, 09:11

ذكرى الموسيقار فريد الأطرش..42

طارق محمود
في السادس والعشرين من ديسمبر 1974 رحل عن عالمنا «فريد الأطرش» عملاق الغناء والتلحين العربي الذي أحب مصر فأحبته وعشقه شعبها، وصرخ معه كأنها مظاهرة حينما غني «سنة وسنتين» وعندما قال «يامصر يا أم الدنيا».. وهتفوا معه «تحيا الأمة العربية» وقال عنه الموسيقار محمد عبدالوهاب إنه طرق كل أبواب الفن فلحن الأغنية الطويلة والقصيرة والقصيدة والأغنية الشعبية وتألق في الأغاني البسيطة كما لحن الاستعراض.
رحلته الفنية ـ كما وصفها «محمود كامل» المؤرخ الموسيقي ـ رحلة شاقة استمرت منذ السابعة من عمره عندما فر مع عائلته هرباً من الغزو الفرنسي الذي تعرضت له سوريا.. لم تكن بدايته بداية طفل بل كان رجلاً صغيراً أخذ علي عاتقه مسئولية أسرته مما جعله يعمل في محل بالموسكي مقابل ثلاثة جنيهات ولا عجب إذاً من لمسة الأسي التي شعرنا بها دائماً في صوته وألحانه.
البداية
عمل في بداية مشواره الفني عازفاً للعود في صالة «بديعة مصابني» في فرقتها وظل مغموراً إلي منتصف الثلاثينيات وجاءت فرصة غنائه في الإذاعة المصرية وكانت أول أغنية «ياريتني طير وأنا أطير حواليك» تلحين «يحيي اللبابيدي» وكانت بداية موفقة أثبت بها فريد أنه فنان من طراز متفرد رغم امتلاء الساحة وقتها بعمالقة أمثال عبدالغني السيد وإبراهيم حمودة ومحمد عبدالوهاب. أقتنع بصوته وقتها الشاعر «يوسف بدروس» الذي كون معه فريق عمل وكتب له عدداً من الأغاني. بدأ فريد في الصعود وأصبح حديث الجميع ولم يتركه المنتجون بل اختطفته السينما، وكان أول أفلامه «انتصار الشباب» بطولته هو وشقيقته أسمهان ونجح الفيلم نجاحاً ساحقاً.
وتوالت الأفلام بعد ذلك لتصل إلي 31 فيلماً منها 18 فيلماً أنتجها لحسابه بعدما علم فائدة أن يكون له شركة إنتاج خاصة، وبالفعل قام بتأسيس شركة «أفلام فريد الأطرش» وكان باكورة أفلامها فيلم «حبيب العمر» إخراج هنري بركات والبطولة النسائية لسامية جمال ونجح الفيلم وكان ربح الفيلم وقتها «ثلاثين ألف جنيه» صرخ فريد عندما علم بالرقم لأنه كان وقتها ثروة عظيمة واتجه بالمبلغ لرجل الأعال وصديقه الشهير «شوكت حماد» وكان صديقاً لأغلب العاملين في الوسط الفني، يساعدهم بالرأي أحياناً وأحياناً أخري بالمشاركة من الباطن في الإنتاج، واستشاره فريد في كيفية التصرف بهذا المبلغ فاقترح عليه شراء «عمارة» وقال له إنه الاستثمار الأمثل، وبالفعل كان فريد يحب النيل كثيراً ولكنه قال لصديقه شوكت إن المبلغ لا يكفي فأشار عليه بأخذ قرض من البنك فأجاب فريد بأنه لا يملك ضماناً فأجابه شوكت: بضمان «اسمك». وبالفعل اشتري فريد الأرض وكانت أرضاً يمتلكها رجل لبناني ووثق عقدها في الشهر العقاري وكان وقتها يسكن في منزل رقم 3 في شارع العادل أبوبكر بالزمالك وهي تعرف بشقة أسمهان لأنها كانت اختيارها ووقعت عقدها مع «مدام خياط». كلف فريد مكتب «أنطون نحاس» ببناء العمارة وبدأت العمارة في الصعود.. كان فريد يريدها ذت أدوار كثيرة ولكن الحي لم يوافق فأخذ فريد لنفسه الدور الأخير وأسند الديكورات لمهندس الديكور «هاجون أصلانيان» وكان مهندساً مشهوراً وقتها. وفي عدة أحاديث لـ «هاجون» تحدث عن شقة فريد التي كانت مصدر إعجاب واندهاش كل من يراها بديكوراتها الرائعة التي أخذت من هاجون أكثر من عام كامل حتي صارت حديث الوسط الفني بأكمله من شدة جمالها وروعة أثاثها واللوحات الجميلة التي زينت جدرانها، فحجرة نومه كانت من الخشب الذي يتدرج بين البيج والرمادي الأبيض.. وأغرب ما بها قفص من أقفاص الطيور بداخله امرأة مما يرمز لغريزة امتلاك الرجل للمرأة. وكانت شقة فريد أول شقة تضم قاعة سينما صغيرة وغرفة معيشة شديدة الاتساع للأصدقاء بها الكتب والمجلات والتليفزيون والراديو. صالون البيت كان من الطراز الفرنسي من الزجاج الأسود والأزرق ـ أما حجرة الطعام فكانت من الطراز الصيني، علي جدرانها لوحات رسمت باليد مستوردة من الصين. أما أشهر مكان في بيت فريد فكان القاعة العربية الطراز ذات المشربيات الملونة والسقف المشغول بالزجاج والنافورة الصغيرة المصنوعة من الرخام الأبيض والأسود وكان يتوسط القاعة قطعة قماش من الحرير الأحمر تعلوها أوسمة فريد وسيوفه الذهبية.
وصف الموسيقار محمد عبدالوهاب منزل فريد عندما دعي إلي حفل انتقال فريد من منزله بالزمالك إليها قائلاً: «ليس بيتنا بل جزء من القصر الكبير في باريس» وأصبحت شقة فريد ملتقي الأحبة والأصدقاء بل الجمهور العاشق لفنه أحياناً وكانت لفريد «شلة» تضم «ليلي فوزي وجلال معوض ومديحة يسري وكامل الشناوي وسعيد أبوبكر» وكان يجمعهم حبهم للعبة «الكونكان» والبصرة، وكان هناك أشخاص يقومون بخدمته علي رأسهم «عم عبده» السفرجي الذي أسند إليه مهمة الرد علي التليفون واستقبال الزوار، ثم الأسطي «محمد» السائق. أما نظافة وتنظيم المنزل فكانا مسئولية «خضرة» التي قام بتربيتها منذ كانت طفلة، ثم «سنية» المسئولة فقط عن وجبة العشاء أما وجبة الغداء فمسئولية «عم شحاتة».
من العزف إلي الغناء
أما أهم الآراء التي قيلت عنه فكان رأي «مدحت عاصم»: عرفته في البداية كعازف عود مميز فأفسحت له المجال فقد كنت أتولي شئون الموسيقي والغناء في الإذاعة، أعطيته مساحة أكبر للعزف ثم طلب مني يوماً أن أسمع صوته وفوجئت أن مقدرته علي الغناء لا تقل عن قدرته ومهارته في العزف فقدمته علي الفور في الإذاعة وبرامجها مغنياً، وأعتقد أن السر في تفوق فريد وتميزه هو الإخلاص بعد الموهبة والدراسة إلي جانب أنه بدأ بداية قوية ومختلفة كثيراً عن الألوان والأنماط المتعارف عليها وقتها علي الساحة.
قال عنه الملحن العظيم «أحمد صدقي»: جذبتني ألحان فريد عند ظهوره لأنها كانت مختلفة كثيراً عن الشائع وقتها، فهو كان يلحن التانجو - والفالس ولم تكن تلك القوالب مألوفة وقتها وكنت أعتقد أنه سوف يستمر في ذلك اللون إلا أنني سرعان ما فوجئت به يقدم اللون الشرقي أروع ما يكون.
وكان عاشقاً للموال لذلك نلاحظ أن معظم أغانية لم تخل من الموال يستعرض به جمال صوته، كذلك عشق الأوبريت وأيضاً حرص علي أن يختتم معظم أفلامه بأوبريت وهو قالب من القوالب الشرقية ويتطلب موهبة فذة في التلحين لأنه صعب علي أي ملحن، نجح فريد مع غيره فلحن لمعظم فناني مصر ونجح معهم كما نجح مع ألحانه لنفسه فكان لا يبخل علي أي فنان يطلب منه لحنا أن يقدم له أروع ما لديه دون أن يتحدث عن أجر.
فريد الرائد
فريد الأطرش هو أول من قدم الأوبريت في الأفلام السينمائية وكان هذا في فيلم «انتصار الشباب» عام 1939.
سجلت ألحانه وموسيقاه في بعض دول العالم علي أسطوانات وقاد الفرق الموسيقية بمصاحبة كبار الموسيقيين العالميين أمثال الفرنسي «فرانك بورسيل».
عزف له العازف العالمي «جير الدشو» حينما زار مصر سنة 46 مقطوعة «حبيب العمر».
أول من استخدم البزق والجيتار والبيانو في الأغنية العربية.
بلغ عدد الألحان والأغنيات ستمائة أغنية.
أشياء في حياته
فريد كان «زملكاوي» متعصباً وعندما كان ينهزم الزمالك كان أحياناً يقوم بكسر جهاز التليفزيون.
تحمل مصاريف جنازة عبدالفتاح القصري وجنازة عبدالسلام النابلسي الذي كان صديق عمره.
وضع فريد الموسيقي التصويرية لبعض الأفلام منها علي سبيل المثال «أمير الانتقام» لأنور وجدي، وفيلم «كفاية يا عيني» وفيلم «مرات المليونير».
أول أجر لفريد الأطرش 1500 جنيه عن فيلم انتصار الشباب عام 1939 وآخر أجر 65 ألف جنيه عن فيلم «نغم في حياتي» وهو آخر أفلامه 1974.
ظل فريد يعاني عشرين عاماً من مرض القلب منذ 1954 حتي 1974، أصيب خلالها بثلاث ذبحات صدرية إلي أن وافته المنية في 26/12/1974 وترك وصيته بأن يدفن في مصر التي أعطاها شبابه وفنه فأعطته حبها وسطرت اسمه في ذاكرة العظماء الذين لن يجود الزمان بمثلهم
الموسيقار الفريد في ذكراه 42 Do

عدد المساهمات : 466 تاريخ التسجيل : 27/05/2011

مقال رائع ومنصف
كل الشكر استاذ وليد علبى الفريدى الرائع

الأخ الفاضل مصطفى محمودصقر
شكرا جزيلا لتواصلك الراقي
دمت بخير
مع اطيب تمنياتي

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

» الموسيقار الفريد بقلمي بمناسبة ذكراه ال45
» في ذكراه 42 كتب محمودالاحمدية في مجلة البلد اللبنانية عن عالمية الموسيقار الفريد
» متحف الفريد من منزل الشاعر الكبير فوأد منصوربمناسبة ذكراه ال46
» حب الفريد في ذكراه ال46
» الموسيقار في ذكراه ال {43}2