موضوع: خواطرمن كتاب دموع فريدالاطرش 27/4/2020, 19:32
أردت بيع خاتمي لاشتري تذكرة العودة يقول فريد الاطرش في كتابه دموع فريد الاطرش؛ والتقيت في باريس بأصدقاء مصريين منهم فكري اباظة، وعبد الحميد عبد الحق وسيد ياسين وكانوا يدعونني الى سهراتهم ، فكبر علي ان اطلب اليهم قرضا، وكانت فكرة العودة الى القاهرة على الفور قد اختمرت في رأسي لان كل يوم يمر علي وانا في باريس كان يزيد الأمور تعقيدًا لأنه كان يزيد الدين ارتفاعاً. وكان في إصبعي خاتم ثمين أهداني إياه الدكتور بيضا بعد ان نجح فيلم انتصار الشباب حطم كل التوقعات وتجاوزها، فذهبت به الى مدير الفندق ، ورويت له قصتي ، وقلت له انني لم اعد املك الا الخاتم ، وشحنت نبراتي بالتأثر وانا اقول له؛ خذه يا سيدي وأعطني اجر القطار الى مرسيليا .. وانا معي تذكرة العودة بالباخرة..وكان مدير الفندق طيب القلب وقال لي لا اقبل ان اشتري خاتمك، فهذا كثير اقبل ان ارهنه.. خذ هذا اجر القطار .. مصير الأحياء ان يلتقوا وستجد الخاتم باسمك في خزانه الفندق. وحملت حقائبي الى قطار مرسيليا، حملتها بنفسي، رغم ثقلها واكتنازها بالهدايا التي اشتريها لان الحمالين حملوا السلاح وتركوا رصيف المحطة خاليا! وما ان وصلت مرسيليا حتى صدمني نبأ اخر.. قالوا لي ان لم تبحر الباخرة الى الإسكندرية الا بعد يومين! لماذا ؟ لان اليقين ان غواصات هتلر قد شقت الأعماق الى البحر الأبيض المتوسط ولهذا فلا بد ان تبخر البواخر في حراسة المدمرات، واحدة تسبقها والثانية تتبعها! ثم قال لي الرجل في شركة البواخر: والمدمرات الفرنسية لن تصل قبل يومين ! وطفرت الدموع من عيني! ماذا افعل في اليومين وانا لا املك غير فرنكات لا تكفي وجبة واحدة؟ وغامت الدنيا امامي فلم اعد اسمع ولا ارى شيئًا من زحام الميناء حولي، وفجأة تنبهت على صوت يصيح لي؛ أستاذ فريد.، فوجدت رجلا لا اعرفه له ملامح عربية فضلًا عن انه حدثني بالعربية، قال لي انت لا تعرفني ولكني أعرفك، شاهدت فلمك فاهتزت جوانحي لكل ما فيه من ضروب الإبداع ... وصعد دم الخجل فغطى وجهي وبدد حزني الاول... وشكرت الرجل في اقتضاب، فقال لي؛ سمعتك وانت تتحدث الى رجل البواخر، ويبدو انك لم تسعد بما قال. قلت؛ كيف اسعد بما قال وانا انفقت كل ما معي ولم استعد لبقاء يومين اخرين! فقال بأريحية لا تقبل الجدال؛ الأقدار فعلت هذا لتعطيني حظ استضافتك. اسمع أيها الفنان الذي نعتز به... انت ضيفي الى ان تبحر الباخرة.. انت ضيفي حتى وان أبحرت الباخرة بعد ان تضع الحرب أوزارها! فضحكت وعززت راسي بالحيرة قبل ان ارفض، فحسم الموقف بقوله؛ هل اقسم بالطلاق؟؟ فضحكنا.. وبعد عشرة كريمة مع الرجل الكريم عدت الى الإسكندرية لأقبل ثراها واعانق كل من يفتح ذراعيه في الميناء الصاخب.