من مشاركات استاذنا القدير محمد رشدى محمد سالم- حفظه الله
(1) ذكريات الصبا
أحبائي أنتم جميعا ... فأنتم أصحاب الذوق الرفيع ... والإحساس المرهف ... وأخلاق النبلاء ... ولم لا وأنتم محبي فريد الأطرش ؟
أتشرف بالمشاركة معكم بالكتابة عن فريد، وسوف أعطي نفسي اسما أرجو أن ينال إعجابكم وهو : فريد .. وبس، لم أفكر في هذا الاسم إلا لحظة كتابته الآن، ولعل ما سأقدمه لحضراتكم من مشاركات يتفق مع ما اختاره ضميري لحظة كتابته. ماذا سأكتب ؟ كل ما يدور بخاطري هو ذكريات عمر كامل مع حب فريد، وهي مليئة بالأحداث الشجية. وليتني أستطيع أن أعبر بصدق عما يدور في خاطري من ذكريات، لو حدث ذلك لاستمتعت حقا معكم معها... فهي ذكرياتي... وذكريات شعب بأكمله ... مع الطرب الأصيل. أدعو معي بأن أنجح في تحقيق أمنيتي لإسعادكم.
أبدأ بالقول أنني وإخوتي كنا من هواة دخول السينما منذ نعومة أظافرنا . أخص بالذكر منهم أخي الأكبر " محمد " أطال الله في عمره ، وأختي الأكبر مني سنا " كوثر " . كان ذلك وأنا في الرابعة من عمري عام 1944 . الوالد رحمة الله عليه كان قد تخرج من كلية الشريعة مع إطلالتي علي الحياة عام 1940، ولم يكن قد تم تعيينه في الحكومة بعد... وكان يعمل مدرسا للغة العربية والدين بمدارس المعهد العلمي الخاصة، والتي كان يملكها الوزير المرحوم إبراهيم عبد الهادي وكان يتقاضي سبعة أو ثمان جنيهات راتبا شهريا منها. كان رحمة الله عليه يفني عمره كله محاولا إسعاد أولاده الخمسة وبناته الاثنتين. وكان السباق محتدما بيني وبين أخي الأكبر محمد في عدد الأفلام التي يشاهدها كل منا في السينما. ولتعجب يا عزيزي القارئ أنّنا أخذنا نكتب ذات مرة كل ما شاهده كل منا من أفلام، وكنت لم أكن قد تجاوزت السادسة من عمري بعد، وفاق عدد ما كتبته من أفلام مصرية 450 فيلما، وكان أخي محمد يفوقني بقليل رغم أنّه يكبرني بخمس سنوات.
كان الراديو قد دخل شقتنا في السيدة زينب من شهور ... وبالإضافة لسماع القرآن الكريم بأصوات الشيخ رفعت ورفاقه أول ما نسمع في الصباح ... ثم تمرينات الصباح الرياضية ... ثم أغاني الصباح لأم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش ... ومحمد قنديل وكارم محمود ... وغيرهم.
كان المرحوم أنور وجدي نجم النجوم ... أفلامه تشد إليها شعب مصر بأكمله... وكنت أحبه كحبي لوالدي، وخصوصا عندما بدأت تضم معه ليلي مراد. كنت أكره أفلام عبد الوهاب بنظارته ذات الدوائر الكثيرة ، وعدم قدرته علي نطق الراء ، وضحكته الشهيرة الذميمة التي كانت تشعرني أنّه يمثل الضحك فقط ... وربما عرفت من خلالها أنّ ما أراه علي الشاشة ليس إلا تمثيلا. كنت لا أحب سماع أغانيه إلا قصيدة قيس وليلي مع مطربة أسرني صوتها ، وكنت أحس أنّها كمان ملائكي حزين يدغدع كل خلجة في كياني... وخصوصا وهي تردد كلمة : قيس" كما كان يعجبني أيضا رد عبد الوهاب عليها : ليلي بجانبي ... كل شيء إذا حضر ، ومن هنا كنت أعجب بصوته أيضا قي هذه الأغنية والقليل النادر من الأغاني الأخرى في أفلامه ... وكانت جميعها في فيلم " رصاصة في القلب "، كما كان يعجبني هذا الفيلم بالذات لمحمد عبد الوهاب فيما بعد .
وفي أحد أيام عام 1944 ، خرجت من شقتنا بشارع العمري في قلعة الكبش بالسيدة زينب لأشتري بقرش صاغ جبن استامبولي، كان الجو عاصفا كئيبا ، وأحسست أنّها ربما كانت نهاية الدنيا. وفجأة سرى بين الناس في الشارع خبر انتشر بسرعة البرق. وقع عليّ كالصاعقة ... وكرهت الدنيا بأسرها عند سماعه. قال الناس : ماتت أسمهان غرقا ".
ألقاكم قريبا كلما سنحت الفرصة بذلك إذا كان في العمر بقية.
أحباء حبيبي ... السلام عليكم ورحمة الله
المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/
اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير
الطف بنا يا لطيف الله لطيفا بعباده يرزق من يشاء
اللهم يا لطيفا بخلقه
يا خبيرا بخلقه
يا عليما بخلقه
الطف بنا يا لطيف يا عليم يا خبير
**************************