في ذكرى وفاته..نرصد علاقة "فريد الأطرش" بحب عمره وماذا فعل على قبر "عبد الناصر"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لم تقتصر علاقات نجوم الزمن الجميل على أعمالهم الفنية فقط، لكنها امتدت إلى حد الصداقة المتينة والعلاقات الاجتماعية التي تشمل الحفلات والسهرات الغنائية وتبادل العزائم.
وكان الموسيقار الراحل فريد الأطرش الذي ترك بصمات واضحة في الموسيقى والغناء العربي ويعد من أعلام الفن العربي، واحدًا من الفنانين الذين حظوا بصداقات قوية داخل الوسط الفني؛ حيث أقام ذات يوم مأدبة غداء لجمع من أصدقائه الفنانين؛ منهم مديحة يسري، محمد فوزي، شادية، كمال الشناوي، فايزة أحمد، محمود ذوالفقار، زمردة، ليلى فوزي وغيرهم وأعد المائدة ووزع الطعام بنفسه بمساعدة مديحة وشادية.
ونستطيع القول بأن الفنانة "سامية جمال" قد حصلت على النصيب الأكبر من علاقات "الأطرش" حيث جمعتهما علاقة حب من نوع خاص، علاقة لم يُكتب لها الزواج ولم تنته النهاية التقليدية، إلا أن فريد ظل بالنسبة لسامية، رغم الفراق، حبيب العمر.
يذكر أن الموسيقار الراحل فريد الأطرش، كان أول من أدخل فن الاستعراضات في أفلامه، خاصة مع الراقصة المصرية سامية جمال التي وصفها بخفة الظل والروح، وقوة التعبير والتمثيل.
وعلى الرغم من توتر العلاقات بين قطبي الغناء العربي عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، إلا أن ذلك لم يستمر طويلًا؛ ففي ليلة من ليالي رمضان ذهب الفنان سمير صبري إلى منزل الأطرش لتسجيل حلقة في برنامجه "بدون إحراج"، والذي كان يُذاع يوميًا في إذاعة الشرق الأوسط خلال شهر رمضان الكريم.
وأثناء تسجيل الحلقة بحضور الإذاعي جلال معوض وزوجته الفنانة ليلى فوزي والموسيقار أحمد فؤاد حسن والفنانات زبيدة ثروت ومها صبري وكريمة، دخل عبدالحليم حافظ على مجلس الحضور ضاحكًا "أنا جاي اتسحر" فجرى الأطرش فرحًا واحتضنه وبعد أن جلس الجميع للسحور قال حليم "ولا واحد هايتسحر قبل ما الأستاذ يغني" وأخذ العود وأعطاه لفريد، وبالفعل غني "فريد" أغنية "يا جميل يا جميل" وصفق عبد الحليم وغنى معه "يا فريد يا فريد" وفريد يرد "يا حليم يا حليم".
وعن الكاتب الكبير "كامل الشناوي" فجمعت بينهما علاقة صداقة قوية، وكانا لا يفترقان؛ فكل ليلة السهر والسمر في منزل الأطرش، وكانوا يتحادثون هاتفيًا ظُهر كل يوم مرة أو مرتين على الأقل.
وتصادف أن علم الموسيقار الراحل بقرب عيد ميلاد "الشناوي"، وأنه لا يحب الاحتفال بأعياد ميلاده فطلب منه أن يعطيه فرصة يحس فيها السعادة بإقامة حفل عيد ميلاٍد له، وبعد تدخل من الحاضرين وإلحاح من الأصدقاء وافق "الشناوي" على طلبه.
أما علاقة الأطرش بالفنان "كمال الشناوي" فكانت متوترة بعض الشئ؛ فعندما قرر الأخير أن يُقلع عن لعب الورق أو ما كان يسمى وقتها "البوكر" وقرر أن يحمل لقب "عدو البوكر" طالب زملاءه من الوسط الفني بإلغاء اللعب من برنامج سهراتهم، بل واستبداله بمناقشات فنية أو اجتماعية، فلقي طلبه ترحيبًا غير متوقع وخاصًة من صديقه المقرب الفنان السوري فريد الأطرش، الذي كان يحب اللعب بشدة ويتخذ منه هواية ووسيلة للترفيه.
وذات يوم اقترح الشناوي على الأطرش أن يعقدوا بمنزله ندوة فنية فرحب بالاقتراح، واجتمع المدعوون وقام فريد بعزف أحد ألحانه الجديدة، الذي كان قد أعده لفيلم جديد مع نور الهدى، وجامله الحاضرون جميعًا، ماعدا كمال الشناوي الذي قال له "بصراحة يا فريد؛ يُخيل إليّ أنني سمعت جزء من اللحن قبل كده!".
وغضب فريد لأن ذلك يعني أنه سرق اللحن وقال "آدي آخرة الندوات، يالا يا جماعة نتسلى بشوية "كونكان"، وانفضّت الندوة وبقي كمال الشناوي وحيدًا بعدما انصرف الجميع إلى اللعب.
استمرت القطيعة بين الصديقين لفترة من الزمن، ثم تلقى الشناوي اتصالًا من الأطرش يدعوه إلى العشاء، وإذا به يستقبله بحرارة ويعرض عليه المشاركة في فيلم جديد من بطولته وإنتاجه وكان فيلم "رسالة غرام"، وسعد بذلك كثيرًا؛ لأن فريد لم يسرّها في نفسه وهو أبدًا لم يفعل، لأن قلبه كان مثل الحليب سريع الغليان والفوران ولكنه أبيض حسب وصف الشناوي.
ولم تقتصر علاقات "الأطرش" على الفنانين فقط بل امتدت لتشمل الرؤساء وسادات القوم فبعد أن توفي الرئيس "جمال عبد الناصر" قام "الأطرش" بزيارة قبره بعد وفاته بخمسين يومًا، وذلك بسبب الحالة الصحية التي دخل فيها بعد علمه بوفاة عبد الناصر.
وما إن وطأت قدما الأطرش أرض مصر، حتى اتجه إلى قبر عبد الناصر، فوضع على القبر باقة زهور وانحنى وقام بتقبيل الضريح، وقرأ الفاتحة وسط انهمار دموعه.
وتجمع الناس حول فريد الأطرش، وهو يحاول أن يتمالك نفسه، وبلغ سيارته وقد أثار شجون كل من حوله، وقال الأطرش حينها "إن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر رجل قلَّ أن يجود الزمان بمثله، فهو أعطانا قيمة وجعل للقومية العربية جذورًا، وكرم الفن تكريمًا لم نعرفه من قبل".
وأضاف في تقرير لمجلة الشبكة "حين أصبت بذبحة صدرية ثانية عام 1953، كان لي في دار السينما فيلم اسمه عهد الهوى، وكنت قد وجهت إليه الدعوة ليكون الافتتاح تحت رعايته ولم أحصل على وعد منه لأنه كان كثير المشاغل، ولكن بمجرد سماعه بمرضي قبل اليوم المحدد لعرض الفيلم أرسل لي من يزف لي أنه سيذهب ليرى الفيلم، وكانت فرحتي كبيرة جدًا رفعت معنوياتي وخطت بي سريعًا نحو الشفاء"، وتابع "لقد كرمني بأوسمة الدولة؛ أوسمة الفنون، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بعد عودتي إلى القاهرة.
وعلى صعيٍد آخر؛ ظهرت علاقته بالرئيس الراحل "محمد أنور السادات" ففور تولي الأخير منصب رئاسة الجمهورية، قام الموسيقار الراحل فريد الأطرش بتهنئته وكتب في سجل الزيارات رسالة موجهة إليه.
وفي يوم السادس والعشرين من ديسمبر عام 1974 توفي الفنان "فريد الأطرش" في مستشفى الحايك ببيروت إثر أزمة قلبية تاركاً وراءه أعظم الألحان والأفلام الغنائية، وﻴﻌﺘﺒﺭ "ﻓﺭﻴﺩ" ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ كان ﻴﺤﻤـل أربع جنسيات (المصرية واللبنانية والسورية والسودانية)
نقلا عن جريده الوفد القاهريه