الموسيقى لغة الأحساس ولكل انسان احساسه الخاص وان تشابهت واتحدت بين البعض الا ان لكل خصوصيته وذكرياته ومااعتاد سماعه .. فماتراه نغما عاديا يراه هو شيئا عظيما ... عاش فريد الأطرش حياته جنديا يصول ويجول في ساحات النغم وبين صفوف الأوتار .. بدأ بدايات بسيطة وصعبة وكانت كافية لأن ينسحب ويتراجع الا ان موهبته واصراره على الكفاح جعلاه يثابر ليصبح واحدا من اعلام الموسيقى في العالم وليتقدم بعد سنوات قلائل ويقف شامخا في اوائل الصفوف يحمل راية النغم ليكون بذلك مثلا وقدوة لكل فنان اصيل جاء بعده ...
قدم للسينما (31 ) شريطا سينمائيا مابين عامي 1941 ــ 1974 من انتصار الشباب الى فلم الوداع نغم في حياتي واول فلم انتجه لحسابه هو حبيب العمر الذي يعتبر الأنطلاقة الحقيقية في العالم العربي . خلال مشواره الفني قدم جميع الألوان الغنائيه ماعدا الدور والموشح ولحن لأغلب الأصوات العربيه التي عاصرته وكان يلحن ويشارك في المناسبات الوطنيه بدون مقابل بل ويدفع اجور الموسيقييين من جيبه ليقدم فنا راقيا اصيلا يأتي في ابهى حُلّـه و يسعد الناس , نال في حياته اوسمة عديدة وكرّمه الحكام والهيئات وحمل العديد من الأوسمه والألقاب الرسمية والشعبيه . كان عاشقا للتراث العربي واحدث تجديدا في الموسيقى العربيه الشرقيه وتراثه الغنائي بالمئات اما الحفلات الجماهيريه فهي كثيرة ولا تستطيع اقتناء حفلة واحدة لأحدى الأغنيات وتكتفي ... بل ان لكل حفلة جماهيرية مذاقها وان كان اللحن واحدا فالجو العام لكل حفلة يختلف وطريقة العازفين في تقديم اللحن تختلف والتقاسيم لكل حفلة رونق وجمال وانسجام خاص وكذلك الموال وان كانت نفس الكلمات ولكن شدوه يختلف بحسب مزاجه وراحته النفسيه وسلطنته و تجاوب الجمهور ونوعيته وطريقته في التعبير بالكلمات والمزاح وهو بالعزف والغناء و يفرز ذلك التناغم عملا فنيا لاتمل سماعه ... سيظل عملاقا مـاردا لايؤثر على فنه وعطاءه توالي الأيام او ظهور الأقزام ...
الجوانب الأنسانيه : كان فريد الأطرش سبّاقاً لأعمال البر حريصا على القيام بواجباته تجاه اهله واقربائه واصدقائه ووطنه العربي ... معطاء بلا منّـه رصد مرتبات لأسر كثيرة ورعى الطلبه المعسرين وقام بواجبه تجاه فقراء الفنانين الذين اقعدهم المرض او كبر السن عن الكسب . رصد جائزة ماليه بأسمه تمنح سنويا للطلبة المتفوقين في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة والنابغين في العزف على الآلات الموسيقة الشرقيه حفاظا عليها من الأندثار . كان يسارع للغناء بالمجان لصالح الأعمال الخيريه واذا وعد وحالت ظروفه الصحيه عن تنفيذ وعده فأنه يدفع من جيبه ماوعد به .من ذلك انه وعد مرة بأحياء حفلة لصالح الطلبه المحتاجين وفاجأته الذبحة الصدريه ومنعه الأطباء عن الحركه واحاطوا به لتنفيذ ذلك لمعرفتهم بعناده ... وجاء وفد من الجامعه يحمل باقات الزهور للأطمئنان .. فنهض من فراشه بين احتجاجات الأطباء وصراخ الممرضات وكتب شيكا بالمبلغ المطلوب تعويضا عن مدخول الحفلة ! لم يكن حريصا على جمع المال بقدر حرصه على صرفه ، فلا يمكن ان يردّ طارقا على بابه لغرض البرّ . عندما اجتاحت السيول مدينة ( قنــا ) في صعيد مصر وسمع بها وهو على فراش المرض تبرّع بمدخول حفلة أفتتاح أحد افلامه للمنكوبين مساعدة منه ... وحضر قادة الثورة المصرية آنذاك وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر تلك الحفلة وكان في استقبالهم على باب العرض شقيقه فؤاد الأطرش ... وقال عبد الناصر عبارته المعروفة : فريد مهم خلوا بالكم منّـه . وحين وقع زلزال في لبنان اقام حفلة خصص ريعها لصالح ضحايا الزلزال .. كما لم يتأخر في مشاركة الدول العربية افراحها واعيادها ومناسباتها الوطنية ، ومن اجل فلسطين اقام الحفلات وفي احداها قدم له واحدا من محبي فنه مبلغا كبيرا من المال تبرع به لصالح المقاومة الفلسطينيه ... في صداقاته لم يكن المال ميزانا للصداقة فقد كان صديقا للجميع وايضا صديقا شخصيا لعدد كبير من الشخصيات العربية والمسئولين العرب ... تراه كبيرا في حسن الاستقبال وفيض الكرم ومع البسطاء يبهرك تواضعه وهذا شأن العظماء من الناس ... عندما بنى عمارته مطلع الخمسينات طلب من شقيقه ان يختار السكان بعناية ودقه ... لم يكن يهمه المال بقدر اهتمامه بنوعية الساكنين .. وكان ممن سكنها عماد حمدي وزوجته حينها الفنانه شاديه وسكنها فيما بعد الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي وباع العمارة عام 1958 على صديقه محمد الصبان بمبلغ 180000 جنيه مصري واكتفى بأستئجار الدور العاشر بمبلغ 84 جنيها شهريا وبعد وفاته ووفاة شقيقه تنازل الورثة عن الدور العاشر بمبلغ اربعة ملايين جنيه لورثة المالك !! حسب مااوردت المصادر ( بدلا من ان يكون متحفا ومزار لمحبيه ))؟؟ وقد كانت الحكومة المصرية تعتبر بيت فريد الأطرش نموذجا لمنزل فنان عربي يزوره من يرغب من ضيوفها فكان ضيوفها ضيوفا على بيت فريد الأطرش .. واجه فريد الأطرش في حياته ( وبعد مماته ) الكثير من الظلم والجحود ولكنه كان متسامحا يترفع فوق الأحقاد والكره .. يحمل بين جنباته قلبا رحيما صافيا لايعرف من الحياة الا جانبها المضيء . كان مما واجهه وقوف بعض رجالات الثورة المصرية ضده في وقت من الأوقات مجاملة لبعض الفنانين وعدم دعوته لأحياء حفلات اعياد الثورة ! ولم يكن الأمر يطال فريد وحده بل تعداه لبعض المطربين الجدد في حينها ... كما فعلت الدسائس والتآمر فعلتها في عدم التقاء الحانه بأم كلثوم وعبد الحليم ونجحوا في ذلك ولكنهم فشلوا في طمس اسمه من وجدان الجماهير التي جاء حبها له وافيا متسربلا يجري مجرى النيل ليصب في بوتقة الهامه ليمتعنا بالمزيد من عطاءاته اللحنية تظل مسطورة في عمر الزمان لايخدشها مايأتي بعدها من الحان
الاستاذ سعود من اوائل الذين كتبوا فى عصر الانترنت للموسيقار وبرغم انه شاعر وقصاص واديب كبير الا ان معظم كتاباته لا تخلو من اسم فريد يحبه بصدق ويدافع عنه وهو مثقف وواعى وتفكيره سليم بعكس اخرين شاهدت نقاشا له على احد المنتديات وقد تفوق عليهم جميعا فى النقاش والمعلومات شكرا جزيلا لحضرتك استاذنا الكبير وليد علبى الفريدى الرائع وشكرا مرة اخرى لنقلكم لنا ابداعات هذا الفارس الفريدى الاستاذ سعود القويعى
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37914 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
موضوع: رد: وقفات من سيرته العطرة 14/4/2016, 19:41
الاخت الفاضلة نعمة عبدالتواب محمود يسعدني جدا اطلالتك بمشاركة ثرية القت الضوء على معلومات مهمة تتعلق بالاديب القدير سعود القويعي كما اشكرك على تشجيعك الذي يدعو الى التحفيز لايجاد مايثري حركة التوثيق لمسيرة موسيقارنا العالمي فريدالاطرش دمتي ذخرا لمنتدانا الزاهر مع اطيب تمنياتي لك دوام التألق والتوفيق