[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فريد الأطرش في قـِصار الأغاني بقلم: زياد العيساوي اتسمت الأغنيات القصيرات الزمن، للفنان الكبير "فريد الأطرش" بالكثافة الشجنية العالية والزخم العاطفي الكبير، وبالمتعة الطربية التي تؤطرها، هذا من حيث المسمع الخارجي لها، أما إذا دخلت إلى عوالمها الموسيقية الفسيحة، فسوف يتراءى ويتسامع لك، أنها من العمق في اللحن والغزارة الموسيقية بمكان، وما تقديمه لها في الحفلات الغنائية المباشرة، إلا برهانٌ مسموعٌ ساطعٌ على ذلك، فهو من التجديد، إلى درجة أنه لا يُقدِّم لمستمعه قِصار الأغاني المُسجَّـلة سلفاً، داخل حجرات التسجيل المسموع (الأستوديوهات) كما هي تماماً على المسرح، بل إنه يلجأ على الدوام، إلى تحويلها إلى طِوال الأغاني، من دون أنْ يُحسّس المتلقي، بأنه كان قد أدّاها سابقاً على نحو زمني قصير، ذلك أنه، من النوع الذي يختزل الجملة الموسيقية والمذهب والمطلع، مع علمه بأنها على مستوى عال ٍ وبديع، وتستلزم روعتها الإعادة غيرة مرة في العمل الواحد، حتى لتكاد وأنت تنصت إلى أغنياته، تحتجّ على ذلك وتهمس إليه: "ليتك يا فريد أعدت المقدمة مثلاً "من أية أغنية له، لكنه سُرعان ما يُنسيّـك احتجاجك وعتبك، وعن طيب خاطر، ويتنقل بك في عوالمه، الضيقة الشكل الخارجي، فتسلم له أيديك الثلاث، أقصد بالطبع، أذنيك وخيالك، ليرحل بك إلى عوالم من الفنِّ، أنت تجهلها، وما كنت لتعرفها إلا في حضرته وبصحبته، فتتنازل عن عتبك عليه، من دون أنْ يستسمحك عذراً، اللهم إلا، بأدائه المقنع. ومنبت اختزاله لهذه الحليات الفنية، أرجعه إلى الكم الوافر والزاخر من الموسيقا الذي يحتويه وتضيق به مشاعره المُرهَفة، فلا يودُّ أنْ يستثمر ويستهلك - كما غيره من مجايليه - الجملة والفكرة الواحدة في غير موضع من الأغنية، بل يُسرِّبها لتفسح للجمل الموسيقية المحتشدة الأخريات مجالاً، لتسفر عن نفسها بنفسها، فيرتاح بذلك من ثقلها، وهذه هي تعلتي للاستفهام الذي طرحه موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" حول أغنيته (أنا واللي بحبه) حينما تمنى على الموسيقار "فريد الأطرش" - أعتقد بعد رحيل الثاني - أنه لو قدّم (الكوبليه) الثاني أو النقلة السريعة المدهشة والنوعية، من هذه الأغنية التي يقول فيها: (أنت روحي وأنت فرحي.. أنت نوحي وأنت جرحي) باللحن عينه الذي اختاره لمطلعها (التانجو) الراقص، غير اللحن الشرقي الذي خصّصه لها، لا سيما وأنه، لم ينتهِ بعد من مطلعها، عند إنشاده لهذا البيت، لكأنه لم يكـُن يعلم بأنّ هذه الفكرة، قد وردت على الموسيقار " فريد الأطرش " نفسه، لكنه طرحها من مخيلته وعدل عنها بمحض إرادة الجُمل الموسيقية الدافعة لما قبلها، التي تـُظهر نفسها رغماً عن أنامله، ليأتي فيما بعد المُلحِّن الراحل " بليغ حمدي " ليُشيدَ بهذه الأغنية البديعة من البداية حتى النهاية - لحناً و أداءً و توزيعاً - فهو فيما اعتمده من ألحان، كما الكاتب، الذي نراه أحياناً، غزيراً في إنتاجه، على الرغم من أنّ جودة المادة التي يُقدِّمها لقارئه، تتذبذب و تتباين أحياناً، كل ذلك، ليفتح أمام الأفكار الأهم و الأحدث، فـُرجةً و فرصة لتخرج بانسيابية من عقالها الذي يكرّسها إلى الوراء، لكني مع ذلك، أرى أنه، تتوجب في الأفكار التي يزيحها من أمام أفكاره الأكثر أهمية، أنْ تكون في سويّة متوسطة على أقل تقدير، لكنْ في الجانب الغنائي ومع "فريد الأطرش" بالتحديد، نجد أنّ كل ما ألـّـفه من ألحان قصيرة مُزاحة من سبيل أغنياته الأهم، كما (الربيع) و(أول همسة) و(حكاية غرامي) و(سألني الليل) كان من الأهمية إلى حدّ أنّ أعماله القصيرات، صارت تنافس أعماله الطويلات، التي يراها البعض منّا، هي الأفضل، فأغنياته القصيرة، مثل (دقوا المزاهر) و(ما قالي وقلتله) و(تقول لا) و(زينة) و(يا حليوة) و(وحداني) و(يا مقبل يوم وليلة) و(اشتقتلك) وما إليها من أغنيات أخر، لست في وارد ذكرها الآن، ويضيق المجال في هذا المقال، لتعدادها لكم، ترسَّخت في ذائقة المتلقي، جيلاً بعد جيل، على الرغم من أني كنت وما زلت أراها، هي من فرضت نفسها على هذا المُطرِّب الراحل، لكأني بها قد اختارته، ليكون الطريق التي تصل على أديمها إلى الناس، لعلِّكم تتساءلون: كيف ذلك؟ وإجابة ًمني على تساؤلكم، أعود بكم إلى زمن إنتاج هذه الأعمال القصيرة، حيث إنها تزامنت في ظهورها مع أغانيه الطويلة، فأغنيته (أنا واللي بحبه)، وهذا تسجيل لها، لمن يرغب في الاستماع إليها:
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37914 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
موضوع: رد: الموسيقار في قصار الاغاني 3/9/2016, 12:15