فريد الأطرش .. نغمات العود الخالدة فى القلوب محيط ـ محمود أيوب
هرب مع والدته إلى القاهر خوفا من اعتقال الفرنسيين
بدأ ببيع القماش وتوزيع الإعلانات من أجل إعالة الأسرة
قدمه “مدحت عاصم” إلى الإذاعة ثم ذاع صيته كملحن ومطرب
منح جائزة أعظم عازف علي العود في العالم العربي وتركيا
منح وسام الاستحقاق الفرنسي اسوة ببتهوفن وشوبان
عندما تجلس في ظلمة الليل وتريد أن تستمع ببعض ما تركه أصحاب الطرب الأصيل من الزمن الجميل فستتذكر حينها ملك العود فريد الأطرش، وتسأل نفسك، هل يمكن لآلة موسيقية أن تعبّر بشكل أفصح وأجمل من الصوت والكلام؟، والإجابة معروفة إذا علمت أن آلة ك “العود” قد تجعلك أسيراً لأنغامها إذا وجدت من يتقن تحريك أنامله على أوتارها، وإذا كان المبدع “فريد الأطرش” هو من يهيم على ذلك العود فستهيم حينها في عالم من الشجن والأحاسيس المرهفة.
تحل في السادس والعشرين من ديسمبر الذكرى ال 42 لرحيل هذا الموسيقار الفريد ، صوت العود الذى رحل عن عالمنا في 26/12/1974 من العام 1974 عن عمر ناهز 57 عاما .
مولده وحياته
ولد فريد فهد فرحان إسماعيل الأطرش وشهرته فريد الأطرش في جبل العرب، بسوريا عام 1917، وهو أحد زعماء جبل “الدوز” في سوريا، ووالدته هي الأميرة والمطربة، علياء حسين المنذر، وبعد وفاة والده عام 1925 اضطر فريد للسفر مرارا وتكرارا هو ووالدته وشقيقه فؤاد وشقيقته أسمهان من سوريا إلى القاهرة، هربا من الفرنسيين الذين رغبوا في اعتقاله، هو وعائلته لنضال والده ضدهم.
دراسته وبدايته مع العود
درس فريد الأطرش بمدرسة “الخرنفش” الفرنسية إلا أنه لم يكمل بها، والتحق بعدها بمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك، ثم دخل معهد الموسيقى وفي نفس الوقت بدأ في بيع القماش وتوزيع الإعلانات من أجل توفير قوت يومه له ولأسرته.
والتحق الأطرش بفرقة “بديعة مصابني” كعازف عود، وهناك لفت فريد الأنظار إليه، كما بدأ بعدها في الغناء ولفت إليه الأنظار بشدة، وخاصة مدحت عاصم الذي قدمه بعد ذلك إلى الإذاعة ولاقت أغنيته الشهيرة “يارتني طير” نجاحا بالغاً، ثم ذاع صيته كملحن ومطرب بعد ذلك، حتى لقب بملك العود وموسيقار الأزمان.
مشواره السينمائي
بدأ فريد الأطرش مشواره السينمائي عام 1941، وكانت البداية فيلم “انتصار الشباب”، ثم قدم بعدها عدد من الأفلام البارزة التي لعب بطولة معظمها مثل شهر العسل عام 1945، بلبل أفندي عام 1948، وفي عام 1955 خاض تجربة التأليف عبر فيلم قصة حبي، والذي كان أيضا من إنتاجه، كما لحن لعدد من الفنانين والفنانات العرب، منهم “أسمهان ، شادية ، فايزة أحمد ، صباح ، مها صبري ، وديع الصافي ، نور الهدى”.وردة
وشرع الأطرش في تطوير أدائه بالاستعانة بفرقة موسيقية وبأشهر العازفين كأحمد الحفناوي ويعقوب طاطيوس وغيرهم وزود الفرقة بآلات غربية إضافة إلى الآلات الشرقية وسجل أغنيته الثانية “بحب من غير أمل”، وقام ببطولة 31 فيلما سينمائيا أنتجت بين عامي 1941 حتى 1974 وتغنى بكلمات عمالقة الشعراء منهم “أحمد خميس ، أحمد رامي، أحمد شفيق كامل ، الأخطل الصغير ، إسماعيل الحبروك ، بديع خيري ، بيرم التونسي ، صالح جودت فتحي قورة ، كامل الشناوي ، مأمون الشناوي ومرسي جميل عزيز”.
روائعه الموسيقية في أفلامه
برزت الروائع الموسيقية لفريد الأطرش من خلال الأفلام التي تضمنت ألحانه وتغني بها ومنها، التانجو العالمي “يا زهرة في خيالي” حكاية غرامي، أنا واللي بحبه، نجوم الليل، بنادي عليك، يا قلبي يا مجروح” كما أدخل الأوبريت في السينما المصرية وكان منها “بساط الريح”.
جوائز وأوسمة حصل عليها
عين الأطرش رئيسا لجمعية المؤلفين والملحنين في 6 مايو 1965، وحصل علي خمسة عشر وساما وقلادة ونيشانا، ومنح جائزة أعظم عازف علي العود في العالم العربي وتركيا عام “1962”. ووسام الخلود الفرنسي عام1975
وفي 15 نوفمبر 1964 أهداه الملك حسين وسام الاستقلال مـن الدرجة الأولي، أهداه الرئيس جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي في 15 مارس 1970، حصل علي قلادة الجمهورية اللبنانية، وحصل علي أربع جنسيات عربية من “سوريا ، لبنان، مصر، السودان”.
علاقة الأطرش بالفنانين
قدم فريد الأطرش خدماته للعديد من الفنانين والفنانات، ومن أبرزهم الفنانة اللبنانية “صباح” والتي قالت عنه، انه لا عيب في أن أقول إن من رفعني ومن قدمني للجمهور هو الموسيقار فريد الأطرش، حدث هذا عندما تنكرت الفنانة رولا لدور صباح في شهرتها ووقوفها معها، ولكن صباح، لم تنصف الموسيقار في حياته مع أن الموسيقار الأطرش لم يصرح إلا تصريحا واحدا يخص صباح عندما قال قبل وفاته، لم تقدرني صباح كما يجب، لقد قدمت لها خدمات تستحق التقدير.
لعب القمار كان عادته السيئة
عرف فريد الأطرش بعادات جميلة وعادات غير مستحبة، فكان اتصاله بالقمار واحدا من تلك العادات السيئة، وأدمن على لعب الورق حتى عود نفسه على الإقلاع، وعرف أيضا بحبه للخيل.
وذات يوم، وفيما كان في ميدان السباق راهن على حصان وكسب الجائزة وعلم في الوقت عينه بوفاة أخته أسمهان في حادث سيارة، فترك موت أخته أثرا عميقا في قلبه وخيل إليه أن المقامرة بعنف ستنقذه.
رحلته مع المرض
تعرض فريد الأطرش لذبحة صدرية وبقي سجينًا في غرفته، تسليته الوحيدة كانت التحدث مع الأصدقاء وقراءة المجلات، ولم يكن يأبه للمرض، واعتبر أن علاجه الوحيد هو العمل، وبينما كان يكد في عمله سقط من جديد واعتبر الأطباء سقطته هذه هى الأخيرة، ولكن في الليلة نفسها أراد الدخول إلى الحمام فكانت السقطة الثالثة، وكأنها كانت لتحرك قلبه من جديد وتسترد له الحياة، فطلب منه الأطباء الراحة والرحمة لنفسه لأن قلبه يتربص به، وهكذا بعد كل ما ذاقه من تجارب وما صادفه من عقبات عرف حقيقة أن البقاء للأصح.
وفاته
فارق فريد الأطرش الحياة في٢٦ ديسمبر ١٩٧٤، بيروت، لبنان، عن عمر يناهز 57 عام، بعدما أصيب بأزمة قلبية نقل على أثرها إلى مستشفى الحايك.