فريد الأطرش في ذكراه لـ42: عالميته ببعض الوثائق والأرقام
محمود الاحمدية
27 ديسمبر 2016بتاريخ 26/12/1974 رحل الموسيقار فريد الأطرش تاركاً للإنسانية جمعاء ثروة فنية موسيقية احتضنها العالم في شتى بقاع الأرض وبصمة شرقية طبعت أعماله بأصالة نادرة وبطريقة تستسيغها الأُذُنُ الغربية… وتصاعد اهتمام العالم به وصولاً إلى صدور إعلان تكريمي من أعلى منبر ثقافي في منظمة اليونسكو الدولية في نيويورك منذ سنة بالدعوة لتكريمه واعتبار عام 2015 عام مئوية ثلاثة كبار في العالم: الفرنسية اديت بياف والأميركي فرانك سيناترا والعربي فريد الأطرش…
وحرصاً مني ومن منتدى أصدقاء فريد الأطرش بعدم تكرار المعلومات التي ذكرناها سابقاً عن عالميته، يشرفني وفي مجموعة جديدة من الوقائع المدعومة بالمستندات التي يستسيغها كل مُقَدِّرٍ للفن الراقي وتقتصر على أربعة وقائع:
- من إبداعات فريد التي سبق فيها عصره أنه أول مَنْ صوّر الڤيديو كليب بشكله الحالي الحديث وكان ذلك عام 1970 عندما طلبت منه شركة “جو بوكس” الفرنسية أن يصور بعض أغانيه بالألوان الطبيعية (سكوبيتون) وكان لها ما أرادت وسجل فريد عشر أغنيات: وياك، بتأمر عالراس، نوره، تقول لأ، اشتقتلك، دايماً معاك، اثقل اثقل، وللإشارة فقط أن أُغنيتيْ بتأمر عالراس، واشتقتلك صُوِّرت بالطريقة والحرفية التي يُصَوّر بها الڤيديو كليب هذه الأيام… لذلك كرّم المهرجان الدولي للأغنية في القاهرة فريد الأطرش على أساس أنه أول مطرب عربي صوّر الڤيديو كليب بالعربية.
- جورج موستاكي أحد عمالقة الأغنية الفرنسية في القرن الماضي، ومن شدّة إعجابه بالموسيقار فريد الأطرش قدّم أغنية بالفرنسية مبنية على لحن “يا زهرة في خيالي” اسمها: Le Pêcheur وغناها على الغيتار وكانت إحدى الأغنيات التي قَدّمها في أسطوانة مؤلفة من 10 أغنيات فرنسية.
- الموسيقار المرحوم وليد غلمية مدير الكونسرڤاتوار سابقاً أكد في تصريح شهير أن من مميزات أغاني فريد الأطرش أنها قابلة للتوزيع أوركسترالياً مما أغرى كبار الموسيقيين في العالم على توزيع ألحان بعض أغانيه وكان النجاح كبيراً وملموساً، فالموزع الأرمني هاغوبيان وزع أغنيتين: “يا زهرة في خيالي” و”زينة زينة” والموزع الفرنسي فرانك بورسيل أربع مقطوعات “حبيب العمر” و”بنادي عليك” و”رقصة الجمال” و”زمردة” والموسيقار اليوناني “دينو دينوس” ثلاث مقطوعات “وياك” و”يا مالكة القلب” و”نورا” والموسيقار الهندي محمد راني “وياك” والتوزيع يحتاج إلى فرق أوركسترالية ضخمة تربو على الماية عازف.
- جاء في أطروحة دكتوراه قدمتها اللبنانية رحاب بانيول (المتزوجة من فرنسي) وتحت إشراف البروفسور الأميركي شارلز بوشانان وقد قدمتها في جامعة أوهايو الأميركية عام 2005 ومما جاء فيها: “هناك ثلاثة مبدعين وفنانين كبار غيّروا تاريخ الفن الشرقي وبالذات الرقص الشرفي من النظرة الدونية التي كان ينظر إليها العالم بأن الراقصة كان يطلق عليها لقب العالمة ورقصها كان يعتبر جزءاً من حفلة جنسية والجسد كناية عن حركة جنسية… فجاء الفرنسي جان ليون جيروم والأميركي أوسكار وايلد وخاصة العربي فريد الأطرش وغيّروا من مفهوم الرقص الشرقي… وتتابع قائلة: هناك فضل كبير للعربي فريد الأطرش وعبر موسيقاه العالمية التأثير والراقية جداً بالإضافة إلى الرا\قصة سامية جمال المبدعة بامتياز، تطوّر المفهوم وأصبح الرقص الشرقي مع فريد وسامية جمال فنّاً محترماً وله قيمته ومقامه وانتقلت الراقصة من لقب العالمة إلى لقب الفنانة بكل احترام…
- في جينيڤ (سويسرا) هناك مناسبة سنوية اسمها: (جينيڤ عيد الموسيقى) وكانت على مدار أسبوعين وكل يوم مناسبة لأحد الفنان العالميين الكبار والحدث المفاجأة وكما تثبتها المستندات أنهم خصصوا يوماً للموسيقار فريد الأطرش بوجود فرقة موسيقية فيلهارمونية تحت أنظار العالم أجمع ونحن نعلم قيمة سويسرا بالبُعدين: الحضاري والسياحي والمفاجأة الأهم أنهم اختاروا فريد الأطرش كشخصية موسيقية فنية (العربي الوحيد في عيد الموسيقى السويسري) والتعليل أنه ترك بصمة عالمية على الموسيقى ببُعدها الكوني وكان موعد حفلة فريد الأطرش في 20 شباط 2014 من الساعة التاسعة مساءً حتى العاشرة والنصف…
هذا غيض من فيض ومن خلال عشرات الوقائع والمناسبات أَثبت فريد الأطرش عالميته وتفرّده بهذه العالمية… وأمة لا تقدر فنانيها لا مكان لها تحت الشمس… والعرب الممزقة شوارعهم من الماء إلى الماء والتي تشهد على نهاية أُمة، يعز علينا وعبر النار والبارود ومعمودية الدم أن نتكلم عن الموسيقى وعن فريد الأطرش وعن تكريمه وصولاً إلى ترشيحه لجائزة نوبل للثقافة والفنون… لا عجب ومن سخافة القدر أن نغرق في مستنقع الجهل ونترك العمالقة الذين يخلدون شعوبهم مثل فريد الأطرش وبمناسبة ذكراه الثانية والأربعين، ونمر عليها مرور الكرام وكأنها لم تكن… قليلاً من الوعي والتقدير يا سادة…
(*) رئيس منتدى أصدقاء فريد الأطرش