في ذكرى رحيله الـ 36 فريد الأطرش.. أعذب الألحان وأرقّ كلمات الحب ******************
خالد بطراوي -جريده القبس
في مثل هذه الايام، وتحديدا يوم 26 ديسمبر، رحل الموسيقار الكبير فريد الأطرش صاحب الصوت الماسي الذي داعب مشاعر الملايين وأحاسيسهم، تاركا وراءه تراثا فنيا تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل. [/right]
من منا لم يتأثر بصوته الدافئ، العذب، الشجي؟، من منا لم يشاركه أحلامه في الطفولة والمراهقة؟، من منا لم يعش معه أفراح أفلامه الاستعراضية التي تحمل لونا وطعما ومذاقا وإبداعا تعز الآن على السينما المصرية رغم إمكاناتها الفسيحة وتطورها المشهود؟، من منا لم تدمع عيناه عندما يعود إلى ماضيه في شريط تسجيل على وقع كلمات أغنيته الشهيرة «عدت يا يوم مولدي»؟، ومن منا لم يخفق قلبه حبا وسموا الى حبيبته وهو يقول «قالتلي بكرة»؟. روح باقية 36 عاما مرت على الموسيقار فريد الأطرش، الرائد الثاني للسينما الغنائية في مصر، بعد رائدها الأول الموسيقار محمد عبدالوهاب، لم يفتقده أحد، ليس هو ما صنعه من مجد. وما أبدعه من موسيقى جديدة ومختلفة وقادرة على انتزاع اللحن من داخل الكلمات، وإنما لأن محبيه وعشاقه يعتبرونه حيا على الدوام، لم يمت، ولم يرحل، رغم مغادرة الجسد، فالروح باقية لا تفنى ولا تزول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، الموسيقار فريد الأطرش باق، وما نفعله اليوم هو محاولة لتسديد دين وجميل في أعناقنا للموسيقار العملاق الذي يعد الأطول عمرا من حيث العمل في الأفلام السينمائية الغنائية من بين نجوم الطرب في السينما العربية، واول من أدخل الاستعراض الغنائي في الأفلام وكذلك الأوبريتات الغنائية، وأول من قدم الغيتار في اللحن الشرقي في أغنية «ليالي الأنس» التي غنتها شقيقته اسمهان في فيلم «غرام وانتقام» عام 1944. معشوقة واحدة لم يترك الموسيقار فريد الأطرش بعد رحيله زوجة أو أبناء، لأنه ببساطة لم يتزوج أبدا، أو بمعنى آخر لم يسمح لشيء غير الفن أن يحتل مكان الأولوية في حياته، به انشغل، وبه عاش، وبه أيضا جاءت وفاته الصادمة للكثيرين، غير أنه لم يشأ أن ير حل هكذا من دون أثر وراءه، إن لم تكن الزوجة والأبناء فلتكن معشوقته الوحيدة الموسيقى، وما تخلف عنها من ألحان جميلة عذبة تتغنى معها كل القلوب لكل ما في الحياة من حب وشوق وشجن. لا أظن أن هناك من ينكر أن صوت الموسيقار فريد الاطرش واحد من الأصوات القليلة التي لها شخصية. كان واحدا من القلائل الذين يستطيعون الغناء على المسرح لمدة ساعتين وثلاثا وأحيانا أربع ساعات. وهو في كل مرة قادر على أن يجدد ويبتكر في حدود الجديد الذي يقدمه في ألوان متعددة من الأغنية القصيرة، الى الطويلة، الى الاستعراضية الى الشعبية الى الأوبريتات. أمنية لم تتحقق والمشهود للموسيقار فريد الأطرش أنه لم يكن يفرض ألحانه على بطلات أفلامه بصفته المنتج وصاحب البطولة المطلقة، بل على العكس تماما فالمطربات كن يتسابقن الى العمل معه للفوز بلحن أو اثنين من ألحانه، وكانت أعز أمنياته السعيدة أن تغني أم كلثوم لحنا من ألحانه على الرغم من أن الاطباء كانوا يحذرونه من الارهاق، فانه كان مستعدا للتضحية بصحته كلها في سبيل تحقيق هذه الأمنية القديمة الغالية. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، فقد مرت السنون ولم تغن أم كلثوم من ألحانه، وقيل في تبرير ذلك ألف زعم وزعم. قيل ان أم كلثوم طلبت تعديل تلحين بعض الجمل فرفض فريد الأطرش، لأن هذا التعديل يعتبر انتقاصا من قدره الفني. أتساءل ومعي الكثير عندما يقصر المسؤولون عن الفن في حق فنان، فهذا ليس إهدارا لحقه بل إهدار للفن بأكمله، وهذا ما حدث لموسيقار عظيم مثل فريد الأطرش، غنى للعرب وطاف بهم على بساط الريح، فالموسيقار فريد الأطرش لم يقدم القليل في عالم الطرب، بل انه يعتبر دعامة من دعائم الفن في مصر، فلو القينا الضوء على فريد الاطرش لوجدنا أنه رائد في مجال السينما الغنائية، فأعماله شاهدة على أمجاده، منها أربع عشرة أغنية شدت بها شقيقته اسمهان المطربة الراحلة، أهمها أهوى، ليالي الأنس. كما لحن ثماني أوبريتات غنائية، منها انتصار الشباب، فارس الأحلام، والربيع، ولحن ستة أناشيد وطنية أشهرها «المارد العربي» التي كتب كلماتها حسين السيد، وغنى أكثر من ثلاثمائة أغنية لقيت جميعها نجاحا بعد موته أكثر مما وجدت في حياته، وقدم واحدا وثلاثين فيلما سينمائيا، استعراضيا كبيرا، وكذلك قدم ألحانا رائعة إلى معظم المطربين والمطربات مثل صباح، محرم فؤاد، عبداللطيف التلباني، محمد رشدي، فهد بلان، وديع الصافي، ووردة. كرم الأطرش ولعل أحدا لا يعرف أن فريد الأطرش كان كريما رحيما جدا مع كل العاملين في السينمان ولأي شخص يتقدم لطلب المعونة منه، وكنت أنا بنفسي شاهدا على ذلك، فقد كان يفتح الباب للعمال الذين يكلفهم الاستوديو تسليم الأوردر له، ويدعوهم إلى داخل البيت لتناول الطعام، ويغدق عليهم بالبقشيش، وكان هؤلاء العمال يتهافتون لتسليم الأوردر للموسيقار فريد الأطرش لأنهم واثقون بهبة نقدية وأكلة مشبعة. وهناك شيء آخر بارز في حياة فريد الأطرش، هو أنه كان كريما أيضا مع أسرته وأصدقائه، وسباق لمساعدة زملائه الممثلين المعوزين. وخاصة المرضى منهم. وختاما.. إن كان من كلمة أخيرة فهي رسالة حب وشوق وعرفان الى الموسيقار فريد الأطرش في ذكراه أقول نعم نتذكرك ولن ننساك.
ونحن بدورنا نقدم لك كل الشكر والامتنان لتقديمك هذا المقال الرائع في حب حبيب العمر كله.وقد لفت نظري أنك رأيت بنفسك بعضا من خصائل فريد الحميدة، فأنت إذا كنز للمنتدى ، ونتطلع لقراءة الكثير عن تجاربك مع الهرم الأكبر للفن العربي، وعن سجاياه الجميلة في عدة مجالات. وإذا ما تكرمتي بقراءة الكثير من ردودي علي مداخلات كثيرة في المنتدى أيتها الأخت العزيزة الغالية فستعرفين أنني لي حكايات وحكايات مع حبيب العمر كله، أبرزها صداقتي القوية جدا له يوم أجرى بروفته الأخيرة في نفس يوم الحفلة التي شدا فيها برائعة " سنة وسنتين" وأروع ما سمع العرب من أغنيات في حياتهم ممثلا في " الربيع " ، ولسوف أتكلم كثيرا أيضا في حكاياتي الكثيرة الكثيرة مع فريد الأطرش إذا كان في العمر بقية إن شاء الله. أكرر ترحيبنا جميعا بك أختنا الغالية السيدة " قمر " وقد شدا فريد باسمك في عدة أغاني منها " تطلع يا قمر بالليل " و الديتو الخالد " قمر الزمان " مع الفنانة الراحلة نور الهدى.
لا يسعني اختي العزيزة الاّ ان اقف منحنيا امام هذه الكلمات الرائعة والتي تنبعث منها حقيقة ظاهرة جلية... كنت اتمنى ان يدرك المسؤلون الاعلاميون هذه الحقائق التي تجاهلوها بقصد.... فاليوم ادعوهم لقراءة هذا المقال. بارك الله بك واهلا وسهلا بك في الرحاب الفريدية