موضوع: الموسيقار زرياب عصره في الذكرى ال43 16/12/2017, 21:56
الموسيقار فريد الاطرش.. زرياب عصره
ولد الموسيقار فريد فهد الأطرش ولد في قرية القريا عام 1915، والدته الأميرة علياء المنذر التي أنجبت خمسة أبناء؛ توفى اثنان وهما: أنور، ووداد. أما الثلاثة
الآخرون فهم: فؤاد، وفريد، وآمال التي أصبحت فيما بعد المطربة أسمهان، توفي يوم الخميس 26 كانون الأول عام 1974
عُرف من بين الفنانين الذين كانوا يقدمون ريع حفلاتهم إما للجمعيات الخيرية أو لمصلحة القضايا الوطنية، كما فعل عام 1972 في حفلته بـدمشق، كان شغوفاً بالتبرعات
للأسر المحتاجة، كان ينفق قسماً من ثروته على أكثر من ثلاثين عائلة شهرياً، وفي الستينيات قدم ريع حفلاته لمصلحة مصر العربية لشراء السلاح؛ وهو ما دفع الرئيس
جمال عبد الناصر إلى منحه وشاحاً من الدرجة الممتازة
أما فنياً فقد كان واحداً ممن خطوا منهجاً في رسم هوية الأغنية العربية عامة والشعبية، والطقطوقة خاصة، وهو مثالاً حياً للميثولوجية الروحانية الذي تفوق بإمكانياته
الذاتية على أقرانه بعد أن وضع إحساسه دائماً في بداية أعماله الفنية، وحرص دوماً على أن يكون غناؤه تعبيراً أميناً على معنى الكلمة والحرف بأسلوب بسيط مغلف
برشاقة اللحن وجماله، فنشر بين الناس الفرح والتفاؤل في العديد من أغانيه، تماماً مثلما عبر في غيرها عن همومه وأحلامه وأشجانه التي هي الأساس لترجمة مفردات
حياته المشبعة بالحزن، وهو بذلك يقترب كثيراً من أحزان الناس التي بالأصل أحاسيس ثابتة في هذه الحياة
الإبداع لديه لم يقم على أرضية ثقافية، فهو وإن جاء ,وكان العمالقة متواجدون على الساحة الفنية إلا أنه وقف إلى جانبهم، فمن إذاعة شريدان الأهلية، قبل أن يذهب إلى إذاعة إلياس شقال التي
عمل بها مطرباً متدرباً، ثم التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقا، وكان من حسن حظه أن يتتلمذ في العزف على العود على يدي الموسيقار المبدع رياض السنباطي، لكنه لم
يكتفِ بما كان
يقدمه له المعهد، فلجأ إلى من سبق زمانه بموسيقاه بمئة عام على الأقل الموسيقار محمد القصبجي، واستعان بعازف العود الملحن اللبناني المعروف فريد غصن؛ ليغدو
بفضل هذا الثلاثي علماً من أعلام العزف على العود، وكوّن ثلاثياً: فريد غصن، جورج ميشيل، وفريد الأطرش، سميوا الفرسان الثلاثة، وكانوا ومعهم محمود الشريف،
ومحمد فوزي، يتعاونون جميعاً لإغناء خيالهم الموسيقي الذي انعكس فيما بعد على أعمالهم المتميزة في الأوبريت السينمائية والأغنية الراقصة
استطاع أن يكسر حاجز التقليد وابتدع أسلوباً خاصاً به يدل على ملامح شخصيته وشخصية كل من يتبع أسلوبه في العزف، وفي هذا الأسلوب يلتقي مع المدرسة البغدادية
التي جاء بها الشريف محي الدين في بعض ملامحها، وآلة العود كآلة شعبية، ابتعد بها عازفوها عن الجماهير وانصرف أساتذتها إلى العزف التقليدي الكلاسيكي المتوارث
بعيداً عن لغة العصر، لكنه نهض بها وأخرجها من إطارها التقليدي إلى الحياة المتجددة، وذلك حين جعل من آلة عود آلة محاورة للأوركسترا كما في حكاية غرامي التي
قدمت في تركيا ونال فيها جائزة أفضل عازف عود في العالم عام 1962، الأمر الذي جعل النقاد يؤكدون أن زرياب قد أضاف الوتر الخامس لآلة العود قبل ألف عام
ليتيح خلق واحتواء أفكار جديدة في النغمة الشرقية، فإن الموسيقار فريد الأطرش قد رد لتلك الآلة اعتبارها ضمن مكانة رئيسة في الأوركسترات الموسيقية وأعطى
الفرصة لها كي تعبر بصدق عن دفقات الحزن التي تعتل في النفس البشرية؛ فكأنما أضاف بذلك وتراً سادساً يعلن للوهلة الأولى عن وجوده عندما تبدأ أصابعه التعامل مع
الأوتار برشاقة وبأسلوب لا تخطئه الأذن أو الجوارح
كان أكثر شباباً بين زملائه العمالقة، وهدفه إعطاء الأغنية الرومنسية أبعاداً أكثر حداثة، أخضع الشاعرية لـالطقطوقة إلى حد بعيد، فتحولت بفضله إلى أغنية شاعرية بعد
أن ظلت زمناً ترتع في مجال الرتابة اللحنية التي جاء بها سيد درويش، ووجد أن الإيقاعات الغربية الراقصة لا تصلح إلا للغناء الخفيف، كما أدخل التجديد في التفريد
بغنائه للقصائد، لم يكن سائداً في تلك الأيام تفريداً بطريقة الموال في منتصف القصيدة كما فعل في عش أنت؛ إذ يعد جديداً، حتى قلده الكثيرون واستخدموا الموّال في
منتصف الأغنية الشعبية
في الأغنية الشعبية جسد شخصيته الفنية في ألحانه وجعلها تحمل هوية خاصة به وبشخصيته، ورسم معالمها في الوطن العربي إلى درجة كبيرة، حتى إن المستمع يتعرف
بسهولة إلى أي أغنية من أغانيه غناها مطربون عرب وهي من ألحانه التي تتميز بالجزالة والعاطفة الجياشة، وتتراوح بين حزن وفرح على حسب التأثيرات النفسية
التي يكون واقعاً تحت وطأتها، فإذا كان سعيداً وأموره العاطفية تسير كما ينبغي، طفحت أغانيه بالفرح والمرح، وإذا كان حزيناً يعصره الألم