هو الصوت الذى خرج من الكنيسة فكان مقدساً بالنسبة لمستمعيه وجمهوره من المحيط إلى الخليج، وأحد عمالقة الغناء العربي في القرن العشرين، الذي بدأ حياته الفنية في
الخامسة عشرة من عمره، وفي ظروف صعبة، حيث اضطر إلى الخروج من بلده سوريا مع أشقائه والمجيء إلى مصر هاربين من الاحتلال الفرنسي.. هو الفنان الراحل
فريد الأطرش الذي يوافق اليوم الذكرى الـ43 لوفاته.
اعتبره الأديب عادل كامل أعظم مغنٍ عربي ظهر في القرن العشرين، فبعد مجيء الإخوة الثلاثة فريد وفؤاد وأسمهان إلى القاهرة التحقوا بمدرسة الراهبات فتعلموا أصول
التدريب الصوتي الغنائي العالمي على يد الرهبان الذين كانوا يقومون بتدريس الموسيقى والتراتيل الأوبرالية الصغيرة، وعلى مدار خمس سنوات قضوها في الدراسة لمع
صوت الفتى الصغير فريد الأطرش ولمع معه صوت أخته أسمهان، بحسب مقال قديم منشور في جريدة "وطني" عام 1998.
داخل جدران الكنسية تدرب الاثنان وارتبطت أغانيهما بالتراتيل العالمية، فاتجه فريد الأطرش إلى تعلم آلة العود التي كان يتدرب عليها 8 ساعات يومياً، ومن هنا اكتسب
البراعة في أداء المقطوعات ذات التقنية الصعبة، وعندما درس أصول الموسيقى الشرقية بمعهد فؤاد الأول استمع إليه محمد القصبجي ورياض السنباطي ومدحت عاصم
وشجعوه على مواصلة التدريب، فتفرد في عزف الألحان المزدوجة ببراعة نادرة.
اتجه فريد الأطرش إلى الغناء فلم يقلد أحدا بل كان له طريق خاص نابع من إحساسه المليء بالتراث الممزوج من جبل الدروز والكنيسة، فعندما سمعه المصريون كان شيئاً
جديداً على آذانهم، وعندما سمع صوته عادل كامل لأول مرة وهو يغني في معهد الموسيقى دعاه لكى يحضر إلى الإذاعة ومنها بدأ حياته الاحترافية في الغناء، يقول عنه
"فما يتميز به هذا الفتى هو المساحة العريضة التي يتمتع بها صوته، فهو صاحب أطول نفس في الشرق الأوسط وحتى الآن على الإطلاق لم يمتلك مغنٍ آخر مثل هذا
الصوت". عندما غنى فريد الأطرش أغاني شبابية في الأربعينيات أدخل عليها إيقاعات التانجو والكومبرستيا في الغناء المصري، متفرداً على كل الملحنين والمغنين، كما أنه أدخل فن
الأوبريت على السينما المصرية، ونجح في تقديم الأفلام الغنائية والغناء المتواصل في الحفلات لمدة 4 ساعات مثلما كانت تفعل أم كلثوم في حفلاتها، وكانت أغانيه تغنى