الأبوة لاتعني ان تُـنجبْ ... فجميع المخلوقات تُنجبْ
الأبوّة لاتعني ان تصرفْ... فهذا واجب ليس فيه منّة لأحد وبقدر الإستطاعه .
الأبوّة لاتعني ان تأمر فتطاع في كل امر ... فهناك ماهو واجب وهو من ابواب البرّ وهناك ماهو مرفوض كالشرك بالله وبينهما امور لابد فيها من الأستشارة وترك تحديد امرها للأبناء.
الأبوّة لاتعني ان تكون قائدا في معسكر ومن هم تحت رعايتك جنداً عليهم ان يسبحوا بأبوتك في كل اشراق وغروب !
إن الأبوّة من اجمل الصفات الأنسانيه إذا أُحسن امرها وجللهـــا الدين والمنطق .
إن الأبوّة مسؤلية عظيمه لايقدر عليها كل من تزوج فأنجب !
لكي تكون ابا يحبك ابناؤك ويسعوا لكسب ودك ويدعون لك فإن عليك واجبا كبيرا تجاههم ...
الرعاية لاتعني تأمين متطلبات الحياة من سكن ومأكل وملبس وخلافه ـ وإن كانت مهمه ـ لكنها لاتُـغني بأي حال عن احساسهم بأبوتك .
يكون ذلك بالكلمة الطيبه وان خيركم خيركم لأهله ومن لايرحم لايُــرحمْ . ابتسامتك في وجوه ابناؤك ولمسة يدك وكلمة حانية رقيقه تدخل السرور لأنفسهم ولها فعل السحر .
بعض الآباء ( للأسف ) تجده خارج بيته ومع الناس رجلا كريما عطوفا يملك من حوله بظرفه وحديثه ... وحين يدلف بيته يصبح انسانا آخر !!!
عابسا ... بخيلا ... فظّـا ... متسلّـطا ... لايقبل من احد كلمة او رأيا!!! سبحان الله ؟ او ليس ابناؤك احق بك !
تحتار في امر هذا الأب وتسأل ذاتك : لماذا هذا الإنقلاب ؟ وماخطأ اهله ؟ واي ذنبً جناه ابناؤه ليكون هذا جزاؤهم ؟!
وهل بعد هذا اذا اخفق الأبناء في حياتهم نحملهم اللوم ؟؟
إن اي بيت ينشأ على التسلط وفرض الرأي ومصادرة رأي الأبناء والضغط عليهم وتسفيه افكارهم وقراراتهم وحجب الثقه عنهم واغلاق باب ابداعهم وترك الحرية لهم ليقرروا مستقبلهم كما يروه ... هي في النهاية نتيجة وخيمه لن يجني ندمها الأكبر الا الأب .ويكون ذلك بعد فوات الأوان .
لاشك ان الأب القُدوة هو من يترك لأبناءه الحرية الكامله في تحديد مايروه في امورهم المصيريه من دراسة وزواج وعمل وهوايه .
لكن هذا لايمنع من اشرافه ونصحه وتوجيهه ومتابعته ... فإذا حصل إخفاق من احدهم فإنه يتحمل نتيجته ولا لوم على الأب فيه كما ان النجاح وهو امر مؤكد مالم تعانده ظروف هو نجاح لكل الأسره .
إن اغلب المشاكل الأسريه وفضائحها تكون بسبب ابٌ يعتقد انه يعيش في ثكنة عسكريه يصدر الأوامر وعلى الجميع السمع والطاعه والغاء عقولهم تماماً !
رأينا امثلة كثيرة عن ابناء فرض عليهم آباؤهم تخصص دراستهم دون رغبتهم فكانت النتيجه اخفاق متواصل وضياع مستقبلهم !
وللأسف ان لوم الناس وسخريتهم تكون من نصيب الأبن فقط .
ورأينا فتيات أُرغمن على زيجة لايرغبنها تنفيذا لوعد قطعه الأب على نفسه لأحدهم او انصياعا لعادات عفى عليها الزمن من ايام وأد البنات ... او طمعا لمال او منصب او غيره وكأن البنت سلعة او كائن من زمن الرقيق دون اي اعتبار لمشاعرها وفكرها ؟ !
والنتيجة معروفة سلفا ... فهي إما ان تصبر على مضض فتمضي سنين عمرها بلا هويه ولا طموح ولا ادنى اهتمام بأي امر يخصها بعد ان صودر رأيها واغتيل طموحها ووأدت احاسيسها
وإما ان تعود لأهلها مطلقة وقد تحمل على كتفها ضحية قهرها وامتداد لمأساة كانت بسبب قرار تسلطي قبلي عقيم
خلق الله الناس لتتبدل وهي سنّـة الكون ولاشيء يظل كما هو ولكل زمن عاداته ونواميسه ومتطلباته .... ومن العبث ان نفكر اليوم بعقلية الأمس ... وغدا له شأن آخر خلاف مانحن عليه اليوم .
إن الحظارة ليست في مانستورده ونستخدمه من وسائل العلم والراحه ولكن الحظارة الحقيقيه هي التي جاء بها الإسلام على لسانه نبيه الكريم وصفحات القرآن الكريم ... انها السلوك .. فهو نهى وامر عن كثير من العبث الذي نمارسه في حياتنا اليوميه تحت دعاوي باطله وكأنها آيات منزله تبديلها او تحريفها كفر وبهتان .!
إن الصفات الجميله التي امر بها الدين ( الدين وحده ) على كل اب اسرة ان يتمسك بها ... اما دون ذلك فعلينا ان نأخذ منها مايحاكي العقل والمنطق ويخدمنا ويزيّــن حياتنا ... اما ماهو جاهلي اوتسلطي او تنفيس عُقد او مجاملة لفلان وعلان ! فهو مرفوض ومستهجن ، وعلينا ان نغرقها في ماضينا وننسفها ... بدل ان تغرقنا في غياهب الجهل وتنسف بيوتنا .
الى كل اب مسلم قرأ وعرف وانعم الله عليه بعقل ميّزه عن بقية المخلوقات : إن ابتسامتك في وجه ابناءك هي مايطلبوه
إن حنانك عليهم هو مايتمنوه
إن مشاركتك اياهم بأفكارهم ومعايشة مشاكلهم هو الذي يعطيهم الثقة بأنفسهم .
إن تركك اياهم يقرروا مستقبلهم هو مايعفيك من مسؤلية اخفاقهم لاسمح الله,إن وجودك بينهم هي اللحظات التي يرجون ان لاتنتهي
إجعلهم يحبوك بحبك لهم . بدل ان يتمنوا موتك ، لأنك بدل ان تملأ قلوبهم سعادة ... حطمتها بمعول الشقاء والحيرة والملل و... البكاء .
إن مال الدنيا لايمكن ان يسعدهم دون حنانك وعطفك وحبك لهم وثقتك فيهم .
ياأيها الأب الذي شغلتك دنياك عن ابناؤك ، لتعلم يقيناً ان تجارتك الحقيقيه هي ابناؤك .. نجاحاتهم الرابح فيها ليس انت او هم فقط ... إن مجتمعا بأكمله سيفوز بجيل ابناء اسوياء يملؤهم الخير والحب والأنتاج ويحملوا الوطن على اكتافهم ويكملوا الرساله الخالده لإعمار الأرض .
ايها الأب . لاتقسو . وإن قسوت فكن رحيما.
لاتغضب . وإن غضبت فكن ممسكا .
لاتتهاون . وإن تهاونت فكن رقيبا .
امنح ابناؤك فرصة الأعتماد على النفس وازرع بداخلهم الثقه ...
هم في النهاية بشر مثلك ولديهم عقول تفكر وتقرروتبدأ .
لاتترك الآخرون بوشايتهم يسلبوك فرحتك بهم .
كُنْ كما يريدك ابناؤك ... فهم يحبوك ويرغبوك ابا رائعا .
كُنْ أبــاً ... يستقبلوك بإبتسامة الرضا كلما صافحت عيونهم محيّاك , ليقول لك كل واحد منهم .... أُحبكَ يـــا أبــي .