فريدالاطرش والحروب النفسية

موضوع: فريدالاطرش والحروب النفسية 23/5/2019, 23:24

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فريد الاطرش و الحروب النفسيه
وجيــــه نـــدى الباحث فى التراث الفنى –

عانى موسيقار كل الازمان فريد الاطرش حروبا نفسيه فنيه طيلة حياته على ساحات الطرب ولكن كان الله معه ولذلك فشلت كل محاولات محمد عبد الوهاب المتوالية لإقصاءه عن الساحة الغنائية، في سعيٍ حثيثٍ لإبقاء عبد الحليم حافظ المتصدِّرَ الأوحد للساحة الغنائية في مصر، لكنَّ الموسيقار خالد الذِكر فريد الأطرش بقي صامداً شامخاً كالجبل الأَشَمّ لا يتزحزح بفضل فنِّه الأصيل العائش في وجدان المواطن العربي وبفضل عناده الشخصي في الدفاع عن حقٍّ هو من أبسط حقوق البشر، فما بالك بحقوق الفنانين منهم لا سيما المبدعين العباقرة..
أراد محمد عبد الوهاب إفراغ الساحة الغنائية للعندليب الأسمر لسببين اثنين: الأول أنَّ عبد الحليم هو شريكه في شركة الإنتاج الفنية التي تدرُّ مالاً وفيراً وحملت اسم ((صوت الفن))، والتي بقيت بسحر ساحر بعيدةً عن أيادي التأميم عام 1961، وبالتالي لا بد من إبقائه الصوت الأول على الساحة الغنائية بل والمتفرِّد بها، وخاصةً أنَّ محمد عبد الوهاب كان قد اعتزل الغناء أوائل الستينيات.. والسبب الثاني، أن يبقى عبد الوهاب هو نفسه الأول متربعاً على عرش الموسيقى العربية بعد أن مَلَكَ المجد من ناصِيَتَيْه: في كَفَّةٍ عبد الحليم وفي الكَفَّة الأخرى أم كلثوم، والذي ما أن اعتزل الغناء حتى شاءت الأقدار أن يحصل بينه وبين كوكب الشرق ما سمي آنذاك بلقاء القمّة أو لقاء السحاب عبر أغنية إنتَ عمري. وبذا بات عبد الوهاب هو نفسه منذ العام 1964 راعياً لكلٍ من عبد الحليم (شريكه ووريثه الصوتي) وأم كلثوم (منافسته السابقة).. ليلتفت فيجد فريد الأطرش ما يزال هو المتصدِّر أيضاً وينافس الجميع: وكانت مشكلة فريد الأطرش الأساسية والتي شكَّلت عقدةً حقيقية لمحمد عبد الوهاب وحالت دون أن يقوم الأخير باحتوائه ومن ثم إنهائه، أنَّ فريد الأطرش موسيقارٌ عملاق يلحِّن أغنياته بنفسه كما يلحِّن للآخرين، إضافةً إلى أنه نجمٌ من نجوم السينما المصرية لا ينازَع ولا يُقارَع، وإلا فلو كان فريد الأطرش مجرَّد صوتٍ جميلٍ فحسب لكان عبد الوهاب استطاع احتواء هذا الصوت الجميل بأن يقوم بالتلحين له ويكون فريد مجرَّد صوت جميل يؤدي، وحين يتعارض هذا الصوت الجميل مع مصالح محمد عبد الوهاب كمتزعِّم للموسيقى العربية فإنه و كما فعل مع فايزة أحمد حينما استبدلها بنجاة الصغيرة مطلع الستينيات بطلبٍ من عشيقها رئيس هيئة الأمن القومي في الإستخبارات المصرية فرَكَنَ محمد عبد الوهاب فايزة أحمد على الرف وباتت نجاة الصغيرة هي الصوت النسائي الوحيد المراهَن عليه في المرتبة الثانية من الأصوات التي تلي أم كلثوم.. هذه العقدة هي نفسها أيضاً التي جعلت أم كلثوم في السابق ترفض الغناء من ألحان محمد عبد الوهاب حين كان ما يزال مطرباً ما جعله يشكِّل منافساً لها، ولم تقبل بالغناء من ألحانه كي لا تذوب وتتوارى في أسلوبه التلحيني وكأنها تقلِّده كمطرب، اللهم إلا في الفترة التي اعتزل الغناء.. وهي العقدة نفسها أيضاً و التي جعلت أم كلثوم ترفض الغناء من ألحان فريد الأطرش وهو المستمر في الغناء، رغم أنه ظلَّ نحو ثلاثين عاماً، أي منذ أواخر الأربعينيات وحتى وفاته، وهو يعرض عليها ألحاناً فترفضها فيغنيها فريد بصوته، ومنها: حبيب العمر، أول همسة، آدي الربيع عاد من تاني، حكاية غرامي، نجوم الليل، وقصيدة وردة من دمنا للأخطل الصغير والتي غناها فريد الاطرش في حرب أكتوبر 1973.. إلى أن وافقت عام 1974 على كلمات ولحن كلمة عتاب من كلمات أحمد شفيق كامل وذلك حينما أصبحت أم كلثوم في الخامسة والسبعين من عمرها، لكن فريد رحل في 26 ديسمبر 1974 ورحلت أم كلثوم بعده ب39 يوماً (3 فبراير 1975).. كما عَرَضَ على محمد عبد الوهاب في الخمسينيات أن يغني هو (أي فريد) لحناً من ألحانه (أي من ألحان عبد الوهاب) مقابل أن يغني عبد الوهاب لحناً من ألحان فريد الاطرش ، فرفض الاول، والسبب الكامن هو أنَّ فريد الأطرش منافسٌ في التلحين والغناء والإنتاج السينمائي.. وأيضاً وأيضاً عَرَضَ فريد على عبد الحليم في أواخر الستينيات أغنية يا واحشني رد عليَّ كسبيلٍ للصلح بينهما، لكن عبد الحليم رفض لكونه ما يزال مطرباً منافساً وليس ملحناً فحسب، فأعطاها لمنافسه محرم فؤاد..
ولا نغفل جميعا ان محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم كانوا ضيوفاً دائمين في سهرات فريد الأطرش العامرة في منزله وعلى موائده، وإنما هو صراع مصالح فنية تشبه إلى حد التطابق الصراعات السياسية، وقد استغلَّ محمد عبد الوهاب ( وفي ظلِّه عبد الحليم ) الناحية السياسية في الفن المصري في الستينيات في محاولةٍ منه لإقصاء فريد الأطرش نهائياً عن ساحة الغناء والتلحين والسينما، مستغلاً رهان جمال عبد الناصر على صوت عبد الحليم كمطربٍ للثورة وكذلك على صوت أم كلثوم ومكانتها العملاقة وفنِّها الأصيل، وكون الزعيم هو الذي جمع بينه وبين أم كلثوم في لقاء السحاب إنت عمري. حينها اعتمد محمد عبد الوهاب على زمرة عبد الحكيم عامر في الجيش والإستخبارات المصرية في محاربة فريد الأطرش وإقصائه عن الساحة الفنية كمنافسٍ جدّي وخطير.. وكانت أولى المحاولات تأميم شركة الإنتاج التابعة لفريد والتي كانت تحمل اسم شركة أفلام فريد الأطرش للإنتاج السينمائي، والتي أنتج فريد من خلالها معظم أفلامه منذ النصف الثاني من الأربعينيات وحتى فيلمه يوم بلا غد مع مريم فخر الدين عام 1961.. وبعد صدور قرارات التأميم في أواخر ذلك العام شملت هذه القرارات بفعل فاعل شركة فريد الأطرش للإنتاج السينمائي ولم تشمل شركة عبد الوهاب وعبد الحليم! (شملت قرارات التأميم أيضاً شركة محمد فوزي للإنتاج والذي كان مطلوباً إقصاؤه أيضاً وقد نجحوا في ذلك).
لقد ظلَّ فريد الاطرش مبعداً عن السينما ثلاث سنواتٍ كاملة منذ عام 1961 وحتى عام 1964، وهو الذي كان ينتج فيلماً واحداً على الأقل كلَّ سنة طوال الأربعينيات والخمسينيات ومطلع الستينيات إلى حين صدور قرارات التأميم.. وعاد إلى السينما بفيلمٍ من إنتاج أحد رجال الإستخبارات المصرية من ضمن زمرة عبد الحكيم عامر، هذه الزمرة التي أمسكت بخناق الفن المصري منذ قرارات التأميم عام 1961 وحتى نكسة عام 1967.. إنه فيلم حكاية العمر كله مع فاتن حمامة، وحينما نقرأ لائحة الفيلم نجد أن المنتج هو رمسيس نجيب وصبحي فرحات.. نفهم مَنْ هو رمسيس نجيب، ولكن لا نفهم مَنْ هو صبحي فرحات!!
إنَّ صبحي فرحات هو سوريّ الجنسية وعمل في الحقل العام كمنتج سينمائي، وفي المحاكمات التي أجريت لزمرة عامر بعد النكسة تبيَّن أنَّ لصبحي فرحات علاقةٌ ما بعملية اغتيال رئيس تحرير جريدة الحياة كامل مروة في مكتبه في بيروت عام 1966.. لقد فرض صبحي فرحات – كمنتِج - على فريد الأطرش مشاركة المغنية مها صبري في ذلك الفيلم، ؟! إنها زوجة أحد ضباط المخابرات علي شفيق، وواحد من كبار زمرة عبد الحكيم عامر، والذي قاد عام 1962 كتيبةً من الجيش المصري موجِّهاً مدافعه باتجاه منـزل جمال عبدالناصر في منشية البكري في القاهرة مهدِّداً بقصفه ما لم يتراجع عبدالناصر عن إقصاء عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش وباقي أفراد زمرته عن مناصبهم في الجيش والإستخبارات.. أنَّ ظهور فريد الأطرش في السينما آنذاك بات بأيدي زمرة عبد الحكيم عامر في الإستخبارات والجيش وبات فريد الأطرش تحت رحمتهم.. الأكثر خطراً في هذا الأمر أنَّ زمرة عامر نفسها كانت تميل إلى كفة محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ،
ما اضطره للمجيء إلى لبنان أواخر 1966 حيث أمضى بعيداً عن مصر نحو ثلاث سنوات.. وبعد النكسة والقضاء على زمرة عامر واتجاه عبدالناصر لإصلاح ما أفسدته هذه الشله و حينما قرر موسيقار كل الازمان العوده الى مصر اشترط أن يغني في حفلة يحضرها جمال عبد الناصر شخصياً وأن يتم نقلها عبر شاشة التلفزيون المصري.. وبالفعل فقد عاد فريد الاطرش إلى مصر عام 1969 وغنَّى أغنيته الوطنية الشهيرة ((سنة وسنتين)) في عيد شم النسيم ونقلها التلفزيون المصري بالفعل،
ومنحه جمال عبدالناصر وسام الاستحقاق المصري مطلع عام 1970، وكان قد سبق ومنحه عام 1964 وسام الفنون من الطبقة الأولى.. - رحم الله الفنان القدير فريد الاطرش

الباحث فى التراث الفنى وجيــه نـــدى

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الكاتب والناقد الفنى وجيه ندى من الكتاب المنصفين والذين يملكون درأه لقول الحق

بعكس كثيرون يخافون من نطق كلمه الحق

مقال فى غايه الروعه مع الشكر استاذ وليد علبى

مقال جرئ لايقدر عليه الامن يمتلك شجاعة نادرة

فعلا الكاتب القدير وضع النقاط على الحروف

لقد استغلوا السياسة لاقصأ فريدالاطرش ولكنهم فشلوا

وهاهوفريدالاطرش يدخل العالمية متجاوزا بذلك جميع الفنانين دون استثناء

شكرا استاذة يسرا عمران

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عدد المساهمات : 267 تاريخ التسجيل : 14/03/2014

وجيه ندى ناقد فنى رائع ومنصف لابعد الحدود

شكرا لحضرتك استاذ وليد علبى على المقال الرائع

» العلاقة بين الطعام وحالتنا النفسية !!
» الصيام يقضي على الأمراض النفسية
» لمعرفة نسبة التوتر ونسبة الاضطرابات النفسية لدى الأشخاص!!!!!
» عالمية فريدالاطرش يجسدها كتاب محمود الاحمدية فريدالاطرش العالمي نابغة عصره {3}
» جمعبة محبي فريدالاطرش تحتفل بذكرى فريدالاطرش ال47