حكاية أغنية: إحتفظ ملك العود فريد الأطرش ،بعلاقات وطيدة مع ساسة وزعماء مصر والعالم العربي. لكن هذه العلاقة عرفت توثرا خلال العهد الملكي، لدرجة دفعت الزعيم الوفدي ورئيس وزراء مصر مصطفى النحاس إلى التدخل لمنع إذاعة أشهر أغاني فريد في طليعة الخمسينيات،وهي أغنية"يا عواذل فلفلوا". يا ترى ما أسباب هذا المنع؟. بعيدا عن الأسباب التي ذكرتها الصحف آنذاك والمتمثلة في جرأة كلمات الأغنية التي ألفها" أبو السعود الإبياري" والتي لا تتوافق وأخلاق وقيم المجتمع. كان هناك سبب آخر يكمن وراء هذا المنع، ويتمثل في المناكفات السياسية بين النحاس باشا وزعيم سياسي آخر هو علي باشا ماهر، آخر رئيس للوزراء في عهد الملك فاروق. كانت أغنية فريد الأطرش "يا عوازل فلفلوا" قد إنطلقت في الوقت الذي تشكلت فيه الوزارة الثالثة للنحاس باشا في عهد الملك فاروق عام 1950.والتي شهدت عدة أحداث فارقة في تاريخ مصر. في ذلك الوقت لم تكن زيارات علي باشا ماهر تنقطع عن قصر عابدين للقاء الملك فاروق، وهو ما أثار حفيظة غريمه السياسي مصطفى النحاس، وراح يتهمه بتأليب الملك على الحكومة، حيث كل مرة يتم اللقاء بين علي ماهر والملك، يصدح فيها أثير الإذاعة بأغنية فريد الأطرش "يا عواذل فلفلوا" نكاية في النحاس. وذلك لما تحمله معاني كلمات الأغنية، التي تظهر صفو العلاقة بين حبيبين فشلت معها مساعي الشامتين والعذال. حيث تقول:"ما قال لي وقلت له ومال لي وملت له.. وجاني ورحت له يا عواذل فلفلوا.. قالوا لي كلام وقالوا له كلام.. وكان بيني وبينه خصام.. كلامهم زاد غرامي غرام... إلى آخر الأغنية. وبهذا إتفق لدى النحاس سببان لمنعه تلك الأغنية ،أولهما ما إعتبره خروجا عن تقاليد المجتمع بكلمات عاطفية صارخة. وثانيهما إيقاف تلك المناكفة السياسية التي يظهر ها ماهر مع كل مرة يلتقي فيها بالملك فاروق. ومع ذلك المنع فقد نجحت الأغنية أكثر من المتوقع، فقد سجل فيلم "آخر كذبة" الذي تغنى به فريد بتلك الأغنية إيرادات كبيرة، وعززت بذلك من تربع فريد الأطرش على عرش "الفيلم الغنائي" ،حيث شكل ثنائيا فنيا متميزا مع الفنانة الراقصة سامية جمال.