وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37914 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
| موضوع: فلسفة فريد اخرجت اذن المستمع من التطريب التركي 17/10/2019, 11:36 | |
| Said Mevlana إلاهي! لماذا الموسيقى أصرت على مرافقتي في كل مرحلة من الحياة, اليوم أبدلت ما كنت استمع له في زمن المراهقة من "راي" بالكلاسيكيات والسمفونيات, كون زمن الشباب زمن الاندفاع وتوهج المشاعر قد أوشكتُ على مفارقته بالمرة وأضحيت أطل على الكهولة, تفرقني فقط ثلاث سنوات على بلوغي سن الأربعين, سن نزول الوحي على الأنبياء, نعم استمع اليوم لكل ما هو كلاسيكي وأستحضر قول جاد المالح حينما قال في احدى عروضه أنه عندما تشتغل موسيقى من النوع الكلاسيكي وتقول لمن حولك أنصتوا هذه هي الموسيقى هي الأجمل تًكوُن ُقد شِخت بدون أن تشعر, وكان لأمي رحمة الله عليها أنه حينما نتفاجئ بأغنية لفريد الأطرش بالتلفاز, ونحن في خضم الكلام, تصرخ في وجهنا "صه ! صه ! فريد يُغرد", لم أكن أعرف قيمة هذا الرجل لقصور فكري ونظري واستيعابي للألحان والكلمات, اليوم فريد أتخذه رفقة عمالقة الطرب كمداعبين لفكري الواعي المستشعر لكل ما يحُيط بنا, وأحطت جدران المنزل بصور بالأبيض والأسود لكبار الفنانين حتى أُُصبِح وأمسي عليهم على غرار ما فعله مالك مقهى "اسباس مَرِيا" بمدينتا الجميلة "سطات" والذي انتبه له زميلنا الفنان الموسيقي بالمحكمة "هشام بن عباد" كونه وضع صور لكل الفنانين إلا صورة المتميز "فريد الأطرش" وأصلح هشام هذه الهفوة بأن قام باستخراج صورة من الانترنت للعظيم وأضاف لها برواز يليق بها وعلقها بالمقهى وأخذ صور مع صاحب المحل توثق ذلك, فريد أصبحت لي معه صحبة خاصة حينما بحثُ واستكشفت شيئا من الموسيقى, الأطرش تميز بمزجه بين الإيقاع الغربي وكلمات الأغاني بالعربية الفُصحى بطريقته الخاصة, كإيقاع التانجو في اغاني "كرهت حبك" "من يوم ما حبك فؤادي" و"ميمي", وايقاع الرومبا في اغنية "مقدرش", وفي بعض الأحيان مزج كل هذه الإيقاعات في أغنية كـ"يا زهرة في خيالي" التي اقتبس الغرب لحنها وغناها الجيش الروسي. فلسفة فريد أخرجت أذن المستمع من التطريب التركي والتطويل الممل إلى ألحان البهجة والسرور ومطابقة الألحان للكلمات, وأدخل روح الدبكة في أكثر من أغنية كــ "تأمر على الراس والعين". أمي كانت تداوينا بفريد, كان لها في كل مرة تجدنا فيه نحمل هَمًا تنادي كل واحد منا بــ "تعالى ذا انتى جميل جمال", صدقوني تنسى همومك ولو كانت بحجم جبل أُحد. لذلك أحب اليوم هذا الموسيقار العظيم الذي كان يلحن لكل مُغني حسب طبقاته الصوتية كــ "على الله تعود" حينما طابقت الطبقات الصوتية للعملاق وديع الصافي, وروح المرح للشحرورة صباح في اغنية "يا دلع يا دلع". فريد لا يسكن وحده بيتنا, بل يسكنه حتى مؤلفي السمفونيات والمعزوفات الخيالية أمثال : - مجيد انتظامي بـسمفونيته "قميص يوسف". - واوديسياس ايفانجيلوس "دخول الجنة". - والبصير خواكين رودريغيز "كونشرتو أرانخويس" التي ألفها حزنا على فقدان زوجته لطفلها مستلهما نوتاتها من نبضات قلب ابنه الأخيرة عند الوفاة. (حسب مذكرات زوجته). - والرائع عمر خيرت في كل مقطوعاته ومنها موسيقى "قضية عم أحمد". - والأكثر من رائع "إلياس الرحباني" والذي تصاحبني معزوفاته في كل كلمة أكتبها لكم. يا أيتها الموسيقى اللعينة لماذا تلازمي حياتنا وروحنا, ولازمتي حتى من حرمك بتجويده وقراءته القرآن على إيقاعات مقاماتك من بياتي وبسط (المقام المفضل للمحبوب فريد) وعجم وكرد ونهاوند وجهاركا ... إلخ "واسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". الموسيقى أسست وساهمت لليوم في تقدم الدول, ومنها النشيد القومي للاتحاد الأوربي والذي يسمى بنشيد الفرح ويتكون من كلمات ألمانية وتلحين للرائع "بيتهوفن". المتشددين لم يبقوا شيئا يُساهم في تقوية مشاعر الإنسانية إلا وحرموه, قالوا أن من أخرج المسلمين من الأندلس "الفردوس المفقود" هو انشغال الاندلسيين بالموسيقى, كلنا استمعنا للموسيقى الأندلسية بالله عليكم هل فيها ما يفسد خُلقا أو يحُط من شعب أو أمة, موسيقى مذهلة بكلمات غاية في الأدب والتعبير وملامسة الجمال, والأب الروحي لها "زرياب" رجل ظلمه التاريخ الإسلامي واهتم به الغرب أكثر واستفادوا من تجربته وآثاره وما قدمه للعالم أجمع كونه لم يكن فقط موسيقارا بل كان عالما فلكيا وعارفا بالنجوم ومطلعا على الجغرافيا وشاعرا وملما بالمعرفة والأدب ويكفيه فخرا أنه هو مؤسس علم الذوق المعروف اليوم بإسم "الإتيكيت". لم نخرج من الاندلس بسبب الموسيقى, خرجنا منها بسبب أن الإسبان أرادوا استرجاع أراضيهم وتحالفوا مع باقي قوات أوربا, أما الموسيقى والعلوم فضاعت كما ضيع العرب علم وأدب وفلسفة ابن رشد بإحراق كتبه التي اتخذها الغرب من بعده وأسسوا بها نهضتهم الفكرية والعلمية والفلسفية. زرياب وابن رشد لم يعيشوا الظلم لوحدهم, عاشه معهم ابن الرواندي والرازي وابن سينا وغيرهم ووُصِفُوا بالإلحاد ساعتها وأُحرقت كُتبهم ومنهم من تم اغتياله واليوم يتبجحون بهم كعلماء مسلمين, لا تفسير لهذا التناقض عندي غير أن المجدد دائما يعتبر ملحدا, حيث كما سبق لي الذكر أن المبدع في النار حسبهم, ابدع في الدين او في غيره, فكل من ذكرت ابن رشد والرازي وابن سينا وزرياب ابدعوا في مجالات غير الدين فلم بحرفوا آية أو حديثا بل فقط أوجدوا علوما حياتية جديدة, تماما كما أوجد فريد أللحانا جديدة تتطابق مع صوت كل فنان وتمت محاربته بدوره لأنه مجدد لا غير. الفن علم للحياة, وصاحبه اتخذ من نفسه شمعة تحترق لتسعد الآخرين, نعم تحترق فكل منا لا يحب الجديد ويحاربه, حلاق حينا أو حلاقنا الخاص لا نبدله وإن قطعت رؤوسنا في خوف منا بالجديد وارتياحنا بالمعتاد, المعتاد وجب مفارقته ووجب الخروج من منطقة الراحة والبحث عن الجديد مهما كان صعبا ومتعبا حتى نتقدم ويعيش كل منا في رخاء, انهضوا يا سادة وتحدوا الصخر فالعزيمة عزيمتان عزيمة الروح وعزيمة نبد المعتاد واكتشاف الجديد وإيجاد حل أحمق غير عادي للمسألة, وثق في سيتبعك كل من يأتي من بعدك ولو سفهوك واحتقروك ووصفوك بالأبله والملحد, هكذا هي الحياة قد تعيش وسط الغرب يتخذ منك مثالا حيا وتعيش مع الشرق يسفهوك ويتبجحوا بك بعد أن يشهرك الغرب. لا حياة لمن تنادي, يقول المعري : كلُّ مَن لاقيتُ يَشكو دهرَه ليتَ شِعري هذه الدنيا لمَنْ؟! | |
|
علاء الشرنوبى فريديّ أصيل
عدد المساهمات : 164 تاريخ التسجيل : 03/03/2011
| موضوع: رد: فلسفة فريد اخرجت اذن المستمع من التطريب التركي 20/10/2019, 00:18 | |
| سطور رائعه للاستاذ سعيد عن فلسفه الموسيقار فى اخراج الحانه من التطريب التركى الممل
شكرا لحضرتك استاذ وليد علبى | |
|
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37914 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
| موضوع: رد: فلسفة فريد اخرجت اذن المستمع من التطريب التركي 20/10/2019, 23:17 | |
| شكرا لمشاركتك المشجعة استاذ علاء الشرنوبي | |
|