مثل أي مهنة يتعرض أهل الفن لأزمات مالية ومعنوية، وخاصة إذا ما ابتعدت عنهم الأضواء وتوقف المنتجين عن الاستعانة بهم، وحين يمر الفنان بتلك الفترة كثيرًا ما تجد تصريحاته تتحدث عن ابتعاد الأصدقاء والزملاء الذين لم تكن تتوقف اتصالاتهم خلال فترة الشهرة إلا فيما ندر، وتعد حالة الصداقة التي جمعت الفنان عبدالسلام النابلسي والموسيقار فريد الأطرش، الذي لم يترك صديقه حتى في أحلك اللحظات.
العديد من الأفلام الفنية جمعت بين عبدالسلام النابلسي وفريد الأطرش، منها "لحن حبي-عفريتة هانم -إنت حبيبي" وغيرها من الأعمال إلا أن صداقتهما لم تكن في الاستوديوهات وفقط ولكن كانت في الحقيقة أقوى بكثير.
ففي لقاء تلفزيوني نادر تحدث عبدالسلام النابلسي عن صديق العمر وكيف كان يتمتع بأخلاق الملوك، وأنه كان يساعده في شدته برغم الأزمة المالية والنفسية التي كان يمر بها فقال النابلسي عن فترة مرضه: "فريد الأطرش في سنة من السنوات كان يمر بأزمة مالية عابرة وكنت أمر بأزمة مالية صعبة جدًا ووجدت نفسي يومًا ما في المستشفي وأنا لا أملك شيء ووجدت جنبي فريد الأطرش ومكنش معاه أجرة بيته، وماسبش سريري لحظة واحدة، وراح استلف مش عشان يدفع أجرة بيته، عشان يدفع أجرة المستشفى اللي قعدت فيها 40 يوم وأجرة الطبيب وهو ما عمق صداقة فريد الأطرش في نفسي".
وحول ما كتبه عبدالسلام النابلسي عن فريد الأطرش قال في ذات الحوار "أبرع من عزف على العود لا يزاحمه فيه مزاحم، تغنى بألحانه الناس وأخذ منها الغرب أغنيات رددها في مسارحه وإذاعاته وملاهيه، صعد السلم درجة درجة، وعلى كل درجة سكب دمعة ونضح عرقًا كان يعلم أن المجد وحش مفترس ولم يترك الوحش حتى روضه وامتطاه".
ظلت الصداقة تجمع بين عبدالسلام النابلسي وفريد الأطرش، حتى أزمة مرضه الأخير فبعد خلافات مع الضرائب اضطر النابلسي للابتعاد عن مصر والإقامة في لبنان، وبعد وفاته في 1968، تكفل فريد الأطرش بمصاريف جنازته بالكامل.