سافرالموسيقار فريد الاطرش الى باريس ممثلا لجمعية المؤلفين والملحنين التي يرأسها ومعه هيئة مفوضية من الجمعية، وهم: مأمون الشناوي وعبد الحميد عبد الرحمن... وذلك لانهاء المشاكل المعلقة بين الجمعية في القاهرة وبين المكتب الرئيس الدولي في باريس!.. الزمان: الثانية عشرة منتصف الليل، المكان: احد الملاهي الكبيرة المنتشرة في الشانزليزيه في باريس. وكان فريد الاطرش يجلس على مائدة منزوية في ركن خففت الضوء وأذنه تسرح مع الموسيقى الشاعرية التي تملأ المكان لشويان وبيتهوفن وكبار الموسيقيين وفجأة – ضمن البرنامج – بدأت الفرقة الموسيقية الفرنسية تعزف لحن اغنيته المعروفة (وياك.. وياك) وقام رواد المقهى يرقصون على انغامها ورؤوسهم تتمايل مع اللحن الشرقي الجذاب! ولم يصدق فريد اذنيه.. فقام في الحال وغادر المكان.. واخذ يسير على قدميه اكثـر من ساعتين في شوارع باريس وهو يفكر ماذا يفعل؟.. ودارت في ذهنه اشياء كثيرة عن مصير الموسيقى الشرقية وقال لنفسه: ان موسيقانا واغانينا ليست اقل من مستوى الموسيقى الغربية ولكن كيف نسلط عليها الاضواء في الخارج؟ وتوجه فريد في الصباح التالي الى شركة (باتي مركوني) وطلب مقابلة الموسيقار"فرانك بورسيل"قائد اكبر فرقة موسيقية في باريس.. وكان هدف فريد ان يستمع الموسيقار الفرنسي بورسيل الى بعض الحانه الشرقية ويعرف نوع الانتاج الفني الموجود في القاهرة ويمكنه غزو اوروبا. قلت لفريد الاطرش: - ماهو شعورك عندما استمعت الى موسيقاك مصادفة لعزفها فرقة موسيقية اجنبية في احد ملاهي باريس؟ - قال فريد: كان الحلم الكبير الذي يراودني طوال حياتي ان اقدم الموسيقى الشرقية التي تسمعها اوروبا وتعجب شعوبها!. وصدقوني انه لم يكن يهمني على الاطلاق ان اكون مؤلفها او صاحبها وليس معنى ذلك انه لا توجد عندنا الموسيقى الشرقية التي تعصل الى المستوى العالي وتستطيع اوروبا وامريكا ان تفهمها وتتذوقها.. انها موجودة فعلا ولكن الاضواء غير مسلطة عليها، واعتقد ان انتاج عبد الوهاب وفريد الاطرش وغيرهم من كبار الموسيقيين العرب ثروة فنية موسيقية لابد من نشرها في الخارج..! _مجلة المصور/ 1962