سعيد حميدي حكاية صورة : في صيف عام 1960،ذهب فريد الأطرش مع فريق العمل ونجوم فيلم "شاطئ الحب" إلى محافظة الفيوم، لتصوير مشاهد منه. الفيلم من إنتاج فريد، وإخراج بركات. وكان فريد يمر بفترة من الإرهاق والمرض. ولكن في سبيل الكمال الفني تحامل على نفسه من أجل إتمام تصوير الفيلم وسافر إلى الفيوم. كانت الفيوم في ذلك الوقت تختنق من الحر، كل من فيها يتصبب عرقا ،ويكتوي بأشعة الشمس الحارقة، وقد هرب الفلاحون من حقولهم ليستظلوا تحت الأشجار. بينما وقف فريد الأطرش وفريق العمل تحت هذه الأشعة ثماني ساعات، ونسي فريد مرضه وقلبه ،ولم يتذكر سوى عمله .كان المشهد الذي عاش فريد فيه تحت الشمس لمدة ثمان ساعات غريبا وعجيبا، فقد كانت هناك قافلة من السيارات تصاحب فريق العمل، أول قافلة لوري ضخم يحمل المعدات والآلات، ولوري آخر يحمل ماكينة توليد الكهرباء، وسيارة تحمل ماكينة تسجيل تدور عليها إحدى الأغنيات التي يغنيها فريد في الفيلم،وسيارة أخرى تحمل مدير التصوير "عبده نصر" ومساعديه وآلة التصوير، وبطارية ضخمة تسلط أضوائها المحرقة على وجه فريد الأطرش وسميرة أحمد، وهما يركبان "كارتة" تجرها السيارة التي تحمل "عبده نصر". كان المشهد يتطلب أن يغني فريد فيه لسميرة أحمد و"الكارتة" تسير على الطريق الزراعي، والعرق يتصبب من وجه فريد وهو يرتدي بدلة كاملة، تكاد تخنقه. والمشهد يتكرر ويعاد أكثر من 30 مرة، إستغرقت ثماني ساعات بالتمام والكمال، ثم يهبط فريد الأطرش من فوق" الكارتة"، ويبحث عن أقرب مكان فيه ظل، حتى إلتقى بمحرر مجلة "الكواكب"لأن طاقم المجلة رافق فريد أثناء تصوير الفيلم. وهمس فريد له قائلا:"تصور أن الثمانية ساعات دول من أجل ثلاث دقائق على الشاشة؟". والأغنية التي غنها فريد في "الكارتة" لسميرة أحمد كانت بعنوان "إرحمني وطمني ." في هذا الفيلم ظهر فريد الأطرش بشخصية أقرب إلى طبيعته في الحياة، حيث مثل دور المطرب الموسيقار.