حـــوار مـــع الأطــرش فريد الأطــرش (وحـيد) زمانه

حـــوار مـــع الأطــرش
فريد الأطــرش (وحـيد) زمانه
**********************

الإثنين 12 نوفمبر-تشرين الثاني 2007
ملف أعده: عز الدين العامري

وخصائصه التي تميزه عن غيره.. ونحن في هذا الملف سنحاول عرض بعض الجوانب المتعددة لهذا الموسيقار العربي الكبير.يعتبر الموسيقار العربي الراحل فريد الأطرش أحد أشهر الموسيقيين العرب بعد الموسيقار/ محمد عبدالوهاب، بل أن البعض يجد أن ما أضافه الموسيقار فريد الأطرش للموسيقى العربية يتجاوز ما أضافه محمد عبدالوهاب حيث نجد ملحناً كبيراً مثل بليغ حمدي يقول: «إن فريد الأطرش كان مرشحاً - أكثر من غيره - للخروج بالموسيقى الشرقية من آفاقها المحلية إلى المجال العالمي»، وهذا ليس من باب التقليل من الدور الكبير للموسيقار محمد عبدالوهاب ولكن لكل واحد من هؤلاء العمالقة سماته
أمير الطرب العربي (فريد الأطرش) في حوار نادر جداً:
فريد الأطرش مع أم كلثوم في عام
الكثير من القصص والخلافات كانت تدور رحاها بين فناني الزمن الجميل فهم في النهاية أشخاص معرضون للأخطاء.
وبالرغم من كل ما يحدث في الكواليس إلا أن صورة هؤلاء العمالقة مازالت خالدة في أذهاننا، لأنهم القيمة الحقيقية والإبداع الفني الذي نعيش معه بكل حالاته.
في أول إطلاله لهذه الزاوية التي سنستعرض فيها ما كان يجري في السابق من أحداث وتغيرات عصفت بالفن سنستعرض حواراً ثرياً وجميلاً جداً وقعت أيدينا عليه للفنان فريد الأطرش.
حوار ليس كأي حوار.. حوار ناري يفتح فيه الموسيقار الراحل فريد الأطرش على أحد أهم الأسماء الفنية في تاريخ الأغنية العربية النار، على سيدة الغناء العربي أم كلثوم على إثر حادث موت إسمهان ورحيلها ورفض أم كلثوم الغناء له وعدم إتاحة الفرصة له لتقديم ألحانه من خلال حنجرتها.
في هذا الحوار الجميل أحببت أن أقدمه بلهجة الأطرش الحادة وبدون تزييف أو تلفيق، وبالرغم من كونه فناناً سوري الأصل، إلا أنه يتحدث المصرية بطلاقة وجمال لا مثيل لهما بل أنك تصل إلى نشوة عارمة عند سماعه وهو يتحدث فهو مطرب في كلتا الحالتين.
حوار فني عمره الآن ما يقارب الأربعين عاماً، قدمته إذاعة مصر في أحد برامجها في ذلك الوقت أحببت أن أقدمه لكم لترون ما كان يحدث في الزمن الجميل من تنافس حول تقديم الأجمل..
.. ماذا اكتسبت من الفن بعد هذا الزمن الطويل وهذا العطاء المميز؟
- يضحك: خرجت بذبحة صدرية وثلاث جلطات وانسداد في الشرايين وتضخم في الكبد والقلب وبلاوٍ أخرى ومنغصات في الحياة..
.. الحياة مليئة بالمفارقات الغريبة فيها سعادة بؤس وشقاء وملذات.. ثلاثة أشياء تكرهها في الحياة؟
- الكذب أولا، والنفاق ( يا ساتر على النفاق) والخيانة خيانة صديق، لما الغريب يخونك دا بتسميه طعنه، ولكن لما الصديق بيخونك وبيطعنك دي بتوجع أكثر، بتوجع لأنها بتفضل في النفس تعذب القلب، فهما دول الكذب والنفاق والغادر اللي بكرهم في الدنيا.
.. ثلاثة أشياء بتحبها؟
- أحب الموسيقى أولاً، لأن دي حياتي طبعاً، فيه ناس بيقولك أنا بحب وطني، طبعاً أي إنسان عنده شهامة وكرامة بيحب وطنه أولاً، دا شي ضروري، فأنا بحب فني ووطني وبحب المرأة، مش عيب لما أحب المرأة واستمد من شفاه حلوة ولا عنين حلوة ولا جسم ممشوق إني استمد منها وحي فني.
الحب في نظري شيء من الله.
.. كم مرة حبيت استاذ فريد؟
- منتا عارف وهما عارفين (يضحك).
.. طيب أعطينا بالعدد ومراح نقول أسماء؟
- ربنا أوصى بالحب ووضع لنا قلوب عشان نحب ونتحب، فأنا بوصي كل الناس إنهم يحبوا بعض وما يكرهوش بعض، لأن الكره دا بيسبب تعاسة في القلب ومنغصات وضغائن ويكون في جسد الإنسان شي ما يدعوه للانتقام فربنا أوصانا بالحب.
.. كمان ما جاوبتني كم مرة حبيت في حياتك؟
- أنا أقول: إنها دي حاجات خاصة وبلاش عشان ما يفتكروش الجمهور إني فاسق (يضحك) وفيه أشياء كتيرة الواحد يقدر يتعشق فيها منها الطبيعة وكمان الطبيخ يا سلام على الطبيخ وخصوصاً لو كانت (مجدرة) يضحك بقوة.
الحب فيه حاجات كتيرة لذيذة وشاعرية وتبعث الراحة والطمأنينة للنفس وبتوحي للشعراء والملحنين أمثالي واحنا بنقدم كل هذا للجماهير ولفننا فأنا بآخذ ابتسامة حلوة وأبلورها في لحن جميل فأي غضاضه في هذا الأمر.
{<.. بالنسبة للحب أستاذ فريد كم مرة إنت عشت في حرمان وأنتجت شيئاً في الحرمان؟
- والله أنا أصعب حرمان عشته هو حرماني من أختي أسمهان، يوم ما ماتت أسمهان يمكن نص حياتي انتهت لأن أسمهان كانت كل شيء في حياتي، وأنا وأسمهان كنا نحب بعض حب لا يمكن أن يتخيله إنسان فهي كانت صديقتي وأختي وحبيبتي وكل شيء والصوت اللي كنت با اديله أجمل ألحاني وكان من السهل عليّ لو فقدت عين من عنيه أو رجل أو أيد مني على إني أفقد أسمهان وياليت ما راحتش أسمهان.
ما لقتش بعد أسمهان صوت يؤدي لي مش صوت بس صوت وشخصية، لأن الفنان لازم يكون عنده صوت وشخصية فيه كثير من الأصوات جميلة جداً في الشرق لكن تنقصها الشخصية.. والفنان إلي له شخصية بيوصل حتماً للناس بأي شكل كان.
فأسمهان كان لديها شخصية جبارة وكانت فنانة جبارة وصوت عظيم، ومن يومها ما لقتش صوت أحسن من أسمهان، عشان كدا أنا ما بلحنش دي الوقتي وما فيش في هذا الوصت صوت أقدر أديه ألحاني إلا السيدة أم كلثوم.. أم كلثوم بكل أسف فيه حاجة في نفسها مش عايزة تتعاون معايه، يعني أنا مش مضطر إني أقول الكلام دا، أنا حاولت وقلت هذه أمنيتي في حياتي وتواضعت وحتى جرحت نفسي لما أقول هذه أمنيتي لأني مش محتاج لكل ده، بس أنا حبيت أوري الناس أد إيه أنا بتعذب والناس عارفه قيمتي الفنية وعارفة إني أقدر أقدم أكثر مما قدموا لها في حياتها الفنية.
.. يا ترى ماهي الأسباب؟
- والله حاجات كامنة في نفسها أنا مش قادر أتكلم فيها لأنها جارحة شوي وأنا مبحبش أتكلم عن السيدة أم كلثوم، وأقول اللي في نفسيتها لأن هيه بتكرهنا، هيه مبتحبناش، ودا دليل قاطع إحجامها عن كونها تغني من ألحاني، هيه مش مضطرة أول حاجة وأنا مش بفرض عليها بس هية تقدر تسمع من ألحاني وتقول مش حلوين طب مين يحكم بيني وبينها، طبعاً الجمهور مش عايزة تديني الفرصة دي كل ما تسمع مني حاجة تقول لا أنا فريد أنا بعزه أنا بحبه أنا بقدره طب تفضلي تعالي نتعاون مع بعض، قدمت لها قصيدة للأخطل الصغير عن ثورة فلسطيبن بعنوان «وردة من دمنا» وأنا أعتقد أنها لو غنتها أم كلثوم كان الناس حتحبها أكثر من أي أغنية حب.
سمعتها أم كلثوم واتجننت عليها وقالت عايزة أغنيها بكرة وبعد أربع خمسة أيام غيرت فكرها فإذن فيه شيء كامن في نفسها مش عارف أنا هوه إيه؟
- أنا بعتقد إنه إذا كان فيه شي ضد أسمهان فأنا ورثت هذا الكره، فأنا مش عارف ليش هيه مش عايزة تغنيلي مع أنك لما تسألها تقولك لا دا فنان عظيم ومش عارف إيه أروح أقدم لها ألحان رائعة مش عايزة تغني لي هيه تقدر تقولك والله فريد قدملي لحن معجبنيش.. مش من حقها لأن الملحنين الكبار مثل السنباطي، عبدالوهاب مش هيه اللي تحكم على ألحانهم الجمهور اللي بيقول دا فاسد و دا ناجح.
وكل الألحان اللي قدمت لأم كلثوم مش كلها ناجحة، لا أعتقد أن كل ما قدم لها في مستوى صوتها ، وأنا بسمع لها ألحان تقدمها أدنى بكثير من مستوى أم كلثوم.. والله مقدرش أحدد لأنهم كلهم كويسين وخواتي وزملائي، لكن أنا فكري أن أم كلثوم، لازم كانت تعتزل يوم ما قالت: أنا حعتزل يوم ما مات جمال عبدالناصر أنا مش حغني تاني.. كانت قدمت الأطلال ودي أروع قصائد قدمتها وبعد كدا ما قدمتش ألحاني يعني في مستوى الإطلال.
.. أنا عايز أسألك انته وأسأل الجمهور.. هل أم كلثوم بعد الأطلال وأنت عمري قدمت حاجة زيهم؟
- فبعد كدا ابتدت تغني طقاطيق وحاجات صغيرة كدا خفيفة تؤديها أي مطربة مش ضروري أم كلثوم، فإذن الكبر والسن لما يتقدم بالفنان لازم يعترف أنه انتهى، لازم تعتزل وهي كبيرة أنا بحب صوت أم كلثوم سيبك من الحاجات الخاصة اللي بيني وبينها، أنا طبعاً بقدرها كأكبر مطربة جت في تاريخ الغناء العربي وأنا ما سمعتش إيقاع أيام زمان عشان أحكم عليهم، لكن في عصرنا هذا أم كلثوم أجمل وأروع صوت، طبعاً جاء في الشرق، فإذن هذه الفنانة الكبيرة العظيمة لازم تعتزل وهي عظيمة مش تعتزل بعد أن تنهار، وصوتها يضعف ويبتدي الناس ينتقدوها ويقولوا لها صوتك ضعف.
وإحنا بنقول إن صوتك ضعف جداً وأصبح مستواه لا يمكنه أن يؤدي الألحان القوية الدسمة والانطلاق والطبقات العالية والصدر المنفتح والنفس الطويل أداء القصائد والألحان الرائعة الكبيرة فأصبحت هي لا تقدر أن تؤدي هذه الألوان العظيمة كما كانت تؤديها في السابق.. فإذن لماذا الاستمرار، والإصرار على أن أنهي حياتي وأنا عايش وأنا مسئول عن كلامي.
. لكن هذه مشكلة في العالم كله.. فالفنان لايعرف متى يعتزل؟
- أنا أحترم بعض الشخصيات التي اعتزلت وهي في أوج مجدها، فهناك من الفنانين من اعتزل وعمره خمسة وخمسون، يعني من عمري فأنا لسا عندي عطاء والدليل إني عملت حفلة السنة اللي فاتت وغنيت: عش أنت إني مت بعدك للأخطل الصغير، ونجحت نجاحاً منقطع النظير، وكان صوتي بيؤدي أحسن مما أديت في شبابي، فإذن أنا لو أحسو أنافريد الأطرش إلى الجمهور العربي وصلني للمكانة الرفيعة اللي أنا عليها لايمكن إني أفقدها في لحظات جنون أو خبل أو غرور، وأفقد كل حياتي وكل ما ضيه وأروح وأغني وحش قدام الناس، وأنزل لمستوى أوطى من المستوى اللي أنا وصلت إليه لازم أعتزل وأنا كبير وأفضل في نظر الناس كبير زي الملاكم اللي يعتزل وهو بطل العالم.
من هو الذي سيوصل هذا الكلام للسيدة أم كلثوم؟
ـ أدي الإذاعة أهيه وادي الناس أهم وأكيد فيه ناس حيسمعوها ضروري لأنه فيه ناس حاسدين وحقودين ومنافقين ويروحون يقولوا لها شوفي فريد أطرش بيقول إيه!!
أنا بقول عنها إنها أعظم امرأة في الشرق، فلما بقول عنها كذا لأن بقالي أربع خمس سنوات أترجاها وارجوها أنها تغني لي قصيدة قدمتها لثورة فلسطين يعني حاجة وطنية حتى لو وحش كان لازم تغنيه وبعدين الجمهور هوه اللي حيحكم عليه.
أنا جيت وبقدم فني على كفي وما ضيه كله وبما عرف عن فريد الأطرش بكل تواضع من اختيار مواضيع أغانيه الجميلة والكلمات الجيدة والألحان اللي بقدمها والحمد لله كل الناس راضية عنها وأنا مستوايه كل الناس تعترف لي بيه وكل الناس بتعرفه هوه إيه.
إذن فأنا مش الفنان اللي حاجي واعرض اسمي ومكانتي وماضيه دا كله للزوال عشان يقولوا فريد الأطرش قدم لحن وحش لأم كلثوم، فأنا طبعاً إذا قدمت لحناً لأم كلثوم أنا عارف بقدم إيه، بقدم شيء خطير يتناسب مع مستوايه، أنا مع فني ومع ألحاني ومع ماضيه كله ومع تقدير الناس ليه ومع صوت أم كلثوم، فإذن كل هذه الأشياء تخليني أفكر مية مرة في اللحن وأغير فيه لحد ما ألاقيه مكتمل، والدليل لما سمعته أول مرة كادت أن تجن والله والله والله العظيم والقرآن الكريم كادت أن تصعق من كثر ما هي تأثرت باللحن وقالت لي امتى حغنيه؟
- الجمعة دي وحنعمل بروفة بكرة وتحمست حماس مالوش نهاية، وبعد أيام الزن في الودان فبيزنوا في ودانها وبيبقولوا لها يا شيخة دي أغنية وطنية وحقيقة معرفش قالوا لها إيه؟
ومعرفش هل دا صادر منها؟
ولا نابع من الناس الحاسدين اللي مش عاوزيني أوصل لأم كلثوم، وحقول واعترف لأول مرة بالسبب الوجيه اللي مش عازين الناس تتعرف عليه ومش عاوزيني أوصل لأم كلثوم لأنه حيحصل مقارنات ما بيني وبينهم، حيقارنوا بين الألحان التي قدمت لها واللحن اللي أنا عملته ليها فيحصل مقارنات أيهما أصلح وأيهما الأحسن فإذا أنا كان لحني فاشل حيقولوا عملها إيه فريد الأطرش ما عملهاش حاجة وحفشل أنا، لأن صوت أم كلثوم مش هوه اللي حيفشل الملحن اللي يفشل مع صوت أم كلثوم اللحن لما يكون وحش وضعيف هوه اللحن اللي بيسقط ما بتغنهوش تاني لكن صوتها بيفضل عظيم صوتها عظيم أم كلثوم ومش ممكن تفشل اللي بيفشل المحلن معاها.
ولو نجح لحني حتحصل مقارنات والناس حتقول آه دا أحسن من السابقين فالحاجة دي حتأثر على سمعة ومكانة الآخرين اللي بيلحنوا لأم كلثوم لازم يبعدوني عنها عشان متحصلش هذه المقارنة.
عن مجلة الوطن السعودي

الأمير الذي أصبح ملكاً
موسيقار الأزمــان (فريد الأطرش)
حنان محمد فارع

فريد الأطرش سطع نجمه في سماء الفن العربي منذ بدايات ظهوره في الثلاثينات من القرن الماضي على الساحة الغنائية العربية، تفرد عن مطربي عصره بصوته الدافىء الحزين وأدواته المختلفة في قول المواويل والنفس الطويل وعزفه البارع على آلة العود، ألهب مشاعر الجميع وحرك الإحساس بفنه الراقي فأصبحوا عشاقاً لطربه الأصيل.
يُلقب بـ ملك العود فقد كان مولعاً بآلة العود منذ أن كانت والدته (السيدة عالية) تعزف عليه وتغني على أوتاره، من كلماته الخالدة: «إنني منذ استمعت إلى غناء وعزف أمي وأنا أسبح في هذا البحر الكبير كقطرة»، عندما كان يصعد المسرح للغناء بصحبه عوده يهتف الجمهور طالباً منه وصلة منفردة من التقاسيم على العود، تلك الصلة الحميمة التي جمعته بالعود تجعلك تراه يحتضن عوده بحب وانسجام ومشاعر متدفقة يحتويه بين ذراعيه ليسافر معه في غيبوبة فنية تتوجه ملكاً على آلة العود بدون منازع، فكان بعزفه يبهر الحضور ففي إحدى حفلاته فلتت ريشة عوده من بين يده، ولكي لا يقطع الوصلة مع جمهوره استمر بالعزف على يديه بدون ريشة - وهي عملية صعبة - وبعد أن انتهى قام أحد الحضور لمصافحة فريد وتحيته وإذا نقاط الدم تنزف من بين أصابعه.
فريد الأطرش (المطرب والملحن والممثل) عاش للفن وهبه كل حياته وأخلص له فقدم لتاريخ الفن العربي مكتبة زاخرة بأحلى الألوان من الغناء وما يقارب 31 فيلماً سينمائياً و 300 لحناً غنائياً، رغم العطاء الزاخر والتراث الفني الغنائي الذي ترك بصمات فريدية واضحة على الموسيقى والغناء العربي لم نعطه حقه كاملاً حتى اليوم فلا يزال مهضوماً إعلامياً، نشتاق لسماع أغانيه التي لا تُذاع إلا نادراً والجيل الحالي لا يعرف عن فريد إلا اسمه.
سوء الحظ كان خير مرافق له، منذ طفولته عانى حرمان رؤية والده واضطراره إلى التنقل والسفر هروباً من الفرنسيين المعتزمين اعتقاله وعائلته انتقاماً لوطنية والده ولم يفارقه سوء الحظ، فعندما تقدم للامتحان أمام لجنة الغناء في الإذاعة والتلفزيون أصيب بالزكام وأدى ذلك إلى فشله، لكنه لم يفقد الثقة بصوته فتقدم للامتحان الثاني وسجل أول أغانيه للإذاعة المصرية (يا ريتني طير لاطير حواليك)، وألحقها بالثانية (بحب من غير أمل)، فكان ما يقبضه زهيداً، ليخرج فريد من التجربة الغنائية الأولى خاسراً مادياً لكن تشجيع الجمهور عوض تلك الخسارة.
بدأ في دخول عالم السينما مع اخته الراحلة أسمهان في أول فيلم لهما (انتصار الشباب)، حيث قام فريد بوضع ألحان أغاني الفيلم والموسيقى التصويرية، بالتدريج أخذ النجاح يزحف إليه ليرسم الفرح والسعادة في حياته، لكن سوء الحظ ظل لصيقاً به فتوفيت شقيقته المطربة الراحلة أسمهان على إثر حادث غرق سيارتها مما جعل حزنه يزداد عمقاً، فإذا غنى فإن الكلمة حزينة، وإذا لحن فإن النغم أكثر حزناً.. شعوره الدائم بالوحدة والحزن، انعكس على شخصيته في الكثير من أفلامه فكان يسمي نفسه (وحيداً) لشدة حزنه ووحدته، فإذا ما تخلى عن هذا الاسم في أي فيلم يعلم جمهوره أن ملك العود أصبح سعيداً وعودته للاسم تعني عودة الحزن إليه.
أكثر من نصف قرن مضت على زيارة فريد الأطرش لعدن فهو أول فنان عربي يأتي للغناء في اليمن، كان وصوله أرض عدن نهار الجمعة 10فبراير 1956م، ففي أسبوعيات فتاة الجزيرة يكتب الأستاذ محمد علي لقمان (12فبراير 1956م): «أصبح فريد الأطرش حديث الناس في عدن.. فلأول مرة في تاريخ جنوب الجزيرة يصل فنان عربي شهير لإحياء حفلات غنائية في عدن... وما كان أهل الفن يقدمون على هذا العمل لأن عدن لم تكن سوقاً رائجة من أسواق الفن الغنائي، والفنان الكبير لا يحضر بلداً إلا إذا كان أجره يليق بمكانته الفنية، ولكن فريد يعلم أن عدن سوقاً رائجة لأفلامه، ويندر أن نجد أحداً لا يشاهد فيلماً لفريد ولا يحفظ أغانيه وحضوره إلى عدن شخصياً أمر فيه مجاملة كبيرة من ناحية وفيه كسب تجاري من ناحية أخرى لأن عدن سوق لفريد الأطرش».
كان حلمه بأن يحصل على وسام من الثورة وحدث أنه علم أن الرئيس جمال عبدالناصر سوف يمنحه وسام تقدير في أحد الاحتفالات التي تقام لثورة يوليو وتم إبلاغه بذلك، وبدأ الاستعداد للذهاب لاستلام الجائزة ولكن عبدالحليم سارع بالاتصال بالمقدم شمس بدران الذي كان صديقاً حميماً له ولعبدالوهاب ومدير المكتب المشير عبدالحكيم عامر، واستطاع عبدالحليم أن يقنع رجال الثورة بحجب الجائزة عن فريد الذي ظل منتظراً في فراندة شقته ينتظر وصول الدعوة - ولكن الدعوة لم تصل - وشوهد فريد ليلتها والدموع تنهمر من عينيه.
كانت لديه رغبة تخص أم كلثوم في تحلين أغنية لها ورغم موافقة أم كلثوم إلا أنهما اختلفا في الأغنية التي يمكن أن تغنيها له خاصة بعد أن رفضت أم كلثوم أغنية وطنية باسم (ورد من دمنا) حيث أنها لا تستطيع تقديمها في أي حفلة من الحفلات التي كانت تقيمها.
فريد الأطرش مطرب الزمن الجميل حيث كانت القلوب صافية والنفوس نقية.. غنى فأطرب عزف فأبدع فتربع ملكاً على العود والقلوب

فـريــد كــوسي
رمــزي الخـالـــدي
يبدأ الحديث عن مثل هذه القامات بالأسئلة، والبحث عن معرفة ما يدور وكيف تختفي المعلومات، وأيضاً كيف يمكن إيجازها أو إيرادها بشكل يليق بالشخصية التي يتحدث عنها، وهو ما وجدته في مقدمة للدكتور والباحث عدنان طاهر في مقال له في مجلة «ليلى» بعنوان فريد الأطرش الجزء الأول.
( ماهو الشيء المشترك بين فريد الأطرش والشاعر الأسباني فيديريكو غارسيا لوركا الذي اغتاله الحرس الأسود إبان الحرب الأهلية الإسبانية 1936 - 1939؟؟).
يقال :إن فريد الأطرش - أمير الطرب العربي - تنحدر أصوله من جنوب الجزيرة العربية من عائلة الأمير فخر الدين المعني الذي نزحت إلى لبنان، وكان لهم دور في مقاومة الإحتلال العثماني(1).
حيث عانت عائلة الأطرش في بداية الأمر الكثير، وفي 1915م ولد فريد بن محمد بن فهد الأطرش بمدينة السويداء في محافظة جبل العرب بسوريا.
وترد المعلومات على لسان علياء المنذر - والدة فريد الأطرش - أنه في عام 1921م وقفت عائلة الأطرش في جبال الدروز أمام القوات الفرنسية التي كانت تحتل أراضيها، فخافت الأم علياء المنذر على أبنائها الثلاثة فؤاد وفريد وآمال، فقررت أن تنتقل بهم إلى لبنان، وهناك ألحقت فريد بمدرسة «أن جوزيف» التي يتقدم فريد فيها تعليماً بالقدر الكافي.
لكنها سرعان ما التفتت إلى الأمر وهاجرت إلى مصر وفور وصولها للقنطرة لم يسمح لها بدخول الأراضي المصرية لأنها لم تكن تحمل جواز سفر، إلا أنها استطاعت الوصول إلى الزعيم سعد باشا زغلول تليفونياً، الذي كان على علاقة طيبة بعائلة الأطرش، فتوسط لها وسمح لها بدخول القاهرة، واستقروا فيها في شارع البحر.. ونظراً لأن اسم العائلة «الأطرش» كان مزعجاً للفرنسيين لما فعلوا بها من مقاومة في لبنان وسوريا أىضاً، قررت علياء - أم أمير الطرب العربي - تغيير اللقب إلى «كوسي» والذي ظل يلازمها لسنوات عدة إلى أن عرفت المدرسة بحقيقة نسبهم، فخرجا من المدرسة، وأكمل الولدان تعليمهما في المدرسة البطريركية للروم الكاثوليك بلقبهما الحقيقي(2).
شهرة فريد الأطرش:
أشتهر فريد الأطرش من خلال الإذاعة، حيث ظهرت عنده موهبة في التلحين وسلك في هذا الجانب طريقاً زادت من شعبيته حين بدأ يلحن لأخته «أسمهان»، وفي الجانب الآخر بزغ نجمه واشتهر في الغناء إلى جوار محمد عبدالوهاب حتى أن مجلة الصباح أقامت مسابقة لاختبار أفضل مطرب فظهر عبدالوهاب أولاً وفريد يليه ثانياً.
كوسي شبيه لوركا
وبعد المقارنة التي أوجدها الدكتور عدنان طاهر، بين لوركا الشاعر وفريد المطرب، فتعدد في الأصول والمقارنة بالشخصية حتى وصل إلى سؤال طريف وقد يكون قريباً جداً من الحقيقة، (هل كان لوركا أىضاً من دماء نجد أو من دماء يمنية؟؟)، وهذه المعلومة لم تكن بالجديدة فقد كتب فيها عديد كتاب عن هيام الشاعر الأسباني لوركا بالبلدان العربية وخاصة «لبنان»، لذا أطلق على الشاعر الإسباني الشهيد على غرناطة لقب «جنة العربي المفقودة» غرناطة تنضح بلغز/ لغز ما يستحيل وجوده/ وهو رغم ذلك موجود، «أطلق الشاعر الإسباني الشهيد لوركا» لغز غرناطه إنها تستحضر الجنة على الأرض(3).
الحب وفريد الأطرش
ورد في الموسوعة الشهيرة «وكيبديا» أن فريد الأطرش تعرف خلال عودته من باريس على الراقصة الجزائرية ناريمان التي كان ينوي الزواج بها ولكن والدتها صرحت في إحدى الصحف أنه غير كفء للزواج من ابنتها إذ لا يجدر بالفنان أن يتزوج ملكة سابقة وهكذا نسي أمر زواجه.
ويقال: إن الزعيم النازي هتلر كان عنيناً لذا تزوج من صديقته إيفان وهذا ما ورد في بعض المؤسسات الروسية على هتلر، وللعودة إلى المقارنات فقد تثبت هذه المقارنة مع المطرب الشهير «الأطرش» حينما بدأ حبه مع سيدة عربية تدعى «سلمى القدسي» كانت زوجة لرجل لبنان هو الدكتور نور الدين القدسي وأصبحت خطيبة لفريد بعد وفاة زوجها القدسي طوال عمره (4).
إلا أن هذا الإقدام على الخطبة فرض سؤالاً وضعه نقاد كثيرون على فريد الأطرش، رفض فريد مجرد فكرة الزواج، فلماذا يقدم عليه وهو في إيامه الأخيرة وفي أشد حــالات مرضـه ؟

اشكرك استاذه بنت مصر
مقال رائع استمرى فى تميزك اختى الكريمه

سعيده بردكم الجميل اخى الكريم استاذ منعم ابو طالب
شكرا على المرور والرد الرائع

شكرا لكى اختى بنت مصر على المقال الجميل

الف شكر اختي الفاضلة الاستاذة
**** بنت مصر ****
على جهودك وحضورك الجميل
واسمحي لي ان اوجه بعض الانتقاد للمقال :
- ما مناسبة كلمة ( الاطرش ) الاولى التي سبقت اسم الموسيقار ؟
- اين الحوار مع الموسيقار ؟
- ما علاقة هتلر بالمقال عن الموسيقار ؟
- ولد الموسيقار عام 1917 كما صرح هو نفسه عدة مرات
- اسم والده هو فهد الاطرش
- اسم خطيبته الصحيح هو سلوى القدسي ( الخياط )
- اسم الراقصة الجزائرية المشهورة هو ( ليلى )
- ثم ان كل الناس احرار في تصرفاتهم الخاصة وفريد مثلهم حر في رفض الزواج او اعلان الخطوبة
فلماذا ينتقد دائما على تصرفاته ولا تذكر الحانه واعماله الفنية ؟؟!!!
وقديما قالوا : الغرض مرض - وهم يحقدون ويغارون من عبقريته وشهرته التي تفوقت على الجميع
مع الاحترام والتقدير لشخصك الغالي

مشكورة على المجهود الأخت بنت مصر