البابا يمد يده الى اليهود في المانيا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]دعا البابا بنديكتوس السادس عشر الخميس الى علاقات اوثق بين الكاثوليك واليهود، مستخلصا العبر من الفظائع التي ارتكبها النازيون خلال المحرقة في اول زيارة رسمية له لبلده الاصلي المانيا.وعقب اجتماع مع قادة يهود في برلين، قال البابا انه على يقين بان "الثقة قد تنامت بين الشعب اليهودي والكنيسة الكاثوليكية".
غير انه اضاف "في الوقت ذاته من الواضح بالنسبة لنا جميعا انه ما زال يتعين ان تتنامى علاقة المحبة القائمة على التفاهم المشترك بين اسرائيل والكنيسة، بحيث يحترم كل جانب كيان الجانب الاخر، بحيث تؤسس تلك العلاقة في صميم اعلان ايماننا".
يذكر ان البابا البالغ من العمر 84 عاما ترعرع في بافاريا باسم يوزف راتسينغر حيث خدم كغيره من ابناء جيله في حركة الشباب الهتلرية.
وقال البابا ان المحرقة تذكر لاي مدى يمكن ان تصل الانسانية حينما ترفض الله.
واضاف "لقد كان ادولف هتلر بمثابة وثن اسبغت عليه هالات القدرة والتعالي. لقد اراد ان يضع نفسه في موضع الإله الذي نعرفه في الكتاب المقدس، الخالق والاب لكافة البشر".
واضاف "اظهرت الصور البشعة لمعسكرات الاعتقال في نهاية الحرب الى اي مدى يصل الانسان حينما يرفض الله، وكيف يكون وجه الانسان حينما يجحد بهذا الرب".
غير ان ديتر غراومان، رئيس المجلس المركزي لليهود في المانيا، قال ان هناك الكثير من الموضوعات التي ما تزال تثير غضب المجتمع اليهودي.
وقال غراومان "مسألة اخوية بيوس، التي ما تزال في نظرنا تمثل التعصب والاصولية والعنصرية ومعاداة السامية، ببساطة تمثل اسوأ ما في العصور الوسطى المظلمة وتمثل عدم امكان التصالح، وهي بين المسائل التي ما زلنا نجدها مؤلمة".
يذكر ان جمعية القديس بيوس العاشر تنخرط في مفاوضات مع الفاتيكان حول اعادة دمجها شريطة قبول بعض المبادئ الاساسية، بعد انشقاق 1988.
وكان البابا بنديكتوس السادس شعر اثار غضب اليهود في المانيا وفي بقاع اخرى بعد رفعه الحرمان الكنسي عن احد اعضاء تلك الاخوية الذي انكر المحرقة -- ثم وجهت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انتقادا نادرا لتلك الخطوة.
وقال بنديكتوس ان الكنيسة تشعر ب"قرب عظيم" مع الشعب اليهودي مستشهدا بالاعلان الرسمي للفاتيكان الذي يدعو الى "التزام لا رجعة فيه بمواصلة نهج الحوار والاخوة والصداقة".
وخلال كلمة القاها البابا امام مجلس النواب الالماني البوندستاغ، اثنى بنديكتوس على حركة الخضر في المانيا لتعزيزها احترام البيئة رغم ان العديد من نواب الخضر انضموا الى مقاطعة لاول كلمة يلقيها البابا في البرلمان.
ودافع البابا عن دور الله ومفهوم الطبيعة في تشكيل الثقافة الاوروبية والفلسفة السياسية، محذرا من توجه حداثي نحو الاستناد المنطقي على الظواهر مع اي رفض للماورائيات، وهو ما وصفه بالتهديد لانسانية البشر الحقة.
وتحدث البابا بلغته الالمانية الاصلية عن الحاجة الى العدالة، محذرا من انه حينما يفقد السياسيون بوصلتهم الاخلاقية، يمكن ان يؤدي ذلك الى وصول حركات اشبه بالنازية.
وقال "حينما يعتبر المنطق المادي نفسه الثقافة الوحيدة الكافية ويستبعد كافة الحقائق الثقافية الاخرى باعتبارها ثقافات ثانوية، يضع ذلك من قيمة الانسان، بل يهدد إنسانيته" بما قد يشجع "حركات متطرفة وراديكالية" لسد الفراغ الذي باتت تشهده الثقافة الغربية.
وقال البابا امام النواب الالمان ان "خدمة الحق ومكافحة هيمنة الباطل كانت وما تزال المهمة الاساسية للعمل السياسي".
واثنى على الحركة البيئية في المانيا واعتبر انها "ما تزال صرخة (...) لا ينبغي تجاهلها او الدفع بها جانبا ..".
وانتهى خطاب البابا بوقوف النواب والتصفيق له. وكان البابا قد تعرض لانتقادات شديدة من جانب زعماء الخضر واحزاب اخرى يسارية حيث قالوا انه يهدد بتقويض الفصل بين الكنيسة والدولة.
خلال الخطاب الذي استمر 20 دقيقة تجنب البابا القضايا التي يشير اليها خصومه ومنها فضائح الانتهاكات الجنسية لقساوسة فضلا عن معارضة البابا القوية للاجهاض وللممارسات الجنسية المثلية ولرسامة النساء ككهنة.
وكان بضعة الاف قد احتجوا على زيارة البابا بعضهم ارتدى ازياء تنكرية على هيئة واقيات ذكرية او كراهبات.
كما خرج ممثلون عن المثليين في ألمانيا احتجاجا على ما وصفوه بآراء بنديكتوس التي "عفا عليها الزمن" لجهة الممارسات الجنسية، وحمل بعضهم لافتات كتب عليها "عداء المثلية يقتل!".
وفي وقت سابق للزيارة التي تستمر اربعة أيام تطرق البابا الى ضحايا التعرض لاعتداءات كان قساوسة كاثوليك مسؤولين عنها.
ودعا البابا المؤمنين الى "الصبر على هذه الفضائح الرهيبة" وعدم التخلي عن الكنيسة التي هي اكبر بكثير من مجرد "رابطة ثقافية او رياضية".
واشار الفاتيكان الى احتمال عقد اجتماع بين البابا وبعض الضحايا، كما حصل في دول اخرى، الا ان مثل هذا اللقاء سيتم في سرية تامة. واعتبرت الصحف الالمانية ان هذا اللقاء يمكن ان يتم الجمعة او السبت.
وصرح البابا بعد استقباله من قبل الرئيس كريستيان فولف في برلين واستعراض حرس الشرف "لم آت هنا سعيا وراء مصالح سياسية او اقتصادية معنية، على غرار رؤساء دول اخرين، بل للقاء الناس والتكلم عن الله".
واضاف عقب لقائه الرئيس فولف، وهو كاثوليكي مطلق من زوجته الاولى "بالنسبة الى الدين، نلاحظ عدم اكتراث متزايد في المجتمع الذي يعتبر في قراراته ان مسألة الحقيقة عقبة ويعطي الاولوية للمصالح النفعية".
وبعد لقاء المستشارة ميركل بالبابا، صرحت انهما تحدثا عن الاضطرابات التي تعم الاسواق المالية في الوقت الراهن، وعن حاجة السياسيين "للتحلي بالزعامة للقيادة وليس للانقياد".
وامام البابا جدول اعمال شاق يشمل إلقاء 18 عظة وخطابا في الرحلة الحادية والعشرين التي يقوم بها دوليا.
ومن المقرر ان يلقي بنديكتوس كلمة امام 70 الف شخص في الاستاد الاولمبي التاريخي في وقت لاحق الخميس.