تركيا بين تنفيذ أجندة الناتو وطموحاتها الإقليمية

تركيا بين تنفيذ أجندة الناتو وطموحاتها الإقليمية
د. أشرف الصباغ
من روسيا اليوم
لا شك أن النظام السابق في مصر لم يكن منفذا للمشاريع الأمريكية فقط في المنطقة، بل وأيضا مشاريع وأجندات حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة. وعندما انهار هذا النظام في 25 يناير 2011، كان لابد أن تبحث واشنطن عن بدائل مؤقتة إلى أن تسفر الأحداث الجارية في شمال أفريقيا وسوريا واليمن عن نتائج ملموسة. ومن الواضح أن إسرائيل لم تعد عنصرا كافيا لتحقيق مصالح الناتو والولايات المتحدة، لأن الأخيرين يعرفان جيدا أنها غير مقبولة في المنطقة إلا من بعض الأنظمة التي فشلت في إقناع شعوبها على مدى عشرات السنين بطيبة إسرائيل وحبها للسلام ورغبتها في العيش بأمان وسلام مع سكان غزة والفلسطينيين عموما وجنوب لبنان، بل وحتى مع حرس الحدود المصريين.. الحديث لا يدور إطلاقا حول اليهود أيا كانوا، بل عن دولة عنصرية تكره محيطها الإقليمي وتحتقره وتستهين بدماء أبنائه وأرواحهم.
فجأة ظهرت تركيا كلاعب أساسي يمتلك العديد من الأوراق التي تمكنه من إطلاق الوعود والتهديدات والتحرك بسهولة وسلاسة بين دول المنطقة، لدرجة أن بعض القوى، سواء قوى وتيارات سياسية أو أنظمة رسمية استبدادية، بدأ يمهد لأهمية وضرورة عودة الباب العالي في حالة أشبه بما كان عليه الحال في ميدان التحرير يوم 29 يوليو 2011. وفي الواقع، فدور تركيا برز بقوة منذ سقوط النظام العراقي الاستبدادي وسيطرة واشنطن ودول حلف الناتو على العراق تماما، سواء عن طريق القوة العسكرية أو وضع نظام موال لها كليا. والهدف ببساطة هو ملئ الفراغ الذي أحدثه سقوط الطاغية في العراق في مواجهة اللاعب الإيراني النشط الذي يرغب بدور دولي وليس فقط إقليمي.

من هنا تحديدا، ومع تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط وسقوط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا، أصبح الدور التركي رئيسيا بكل المعايير وهو ما يتوافق مع طموحات تركيا عضو حلف الناتو والدولة الإسلامية الكبرى وصاحبة الباب العالي القديم في تحقيق حلمها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يمكن أن ينهار في أي لحظة بفعل عوامل افتصادية صرفة. هكذا يجري تعزيز دور تركيا الذي ظهر في الملف الليبي بقوة، وفيما يجري أيضا في سوريا التي يناضل شعبها حاليا ضد نظام استبدادي. كما أن دعم الدور التركي لا يأتي فقط من جانب الولايات المتحدة وحلف الناتو، بل وأيضا من جانب دول الخليج وكل الأنظمة التي تريد أن تناطح برأس غيرها وعلى حساب غيرها حتى وإن أهدرت أموال شعوبها.

إن الدور التركي لا يقتصر على ما يحدث في سوريا فقط (الحديث يدور عن سوريا شعبا وأرضا لا عن النظام الاستبدادي)، بل من المخطط له أن يمتد إلى جميع أرجاء المنطقة ليصبح الدور الواقعي والفعال في مواجهة إيران التي ستدير ظهرها للنظام السوري بمجرد انهياره على غرار النظام الليبي (وهذا ما حدث بالفعل في تصريح للرئيس الإيراني أحمدي نجاد يوم 23 سبتمبر 2011 قال فيه إن الوقت لم يفت بعد أمام إيران والولايات المتحدة لإصلاح علاقاتهما). هنا ستكون المنطقة قد أغلقت أبوابها بدرجات كبيرة أمام اللاعب الإيراني الطموح الذي سيشعل النيران في لبنان مع سقوط نظام الأسد عن طريق فلول النظام السوري وخلايا حزب الله. ولا يستبعد الكثير من المراقبين أن تتجه طهران نحو أفغانستان وأذربيجان ودول آسيا الوسطى الأخرى التي تعتبر مناطق نفوذ تاريخية لروسيا.

بذلك تكون الولايات المتحدة وحلف الناتو قد وجدا مرتكزا مؤقتا في ليبيا إضافة إلى العراق، وعززا دور تركيا (كقوة كبرى وكنموذج للدولة) في المنطقة، وكحائط صد ضد إيران وهو ما يرضي بكل المعايير دول الخليج. ومن ثم دفع طهران نحو مناطق نفوذ روسيا التاريخية والتي أصبحت الصين تشاركها فيها بدرجات مختلفة في أوزبكستان وقيرغيزيا بشكل رئيسي. وبالتالي لن تمر هذا التحركات الجيوسياسية بدون صدامات بين مصالح روسيا وإيران، واحتكاكات بين الأخيرة والصين. وستتوقف إدارة العلاقات بين موسكو وبكين وطهران على درجة مرونة هذا الطرف أو ذاك، ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة للولايات المتحدة وحلف الناتو. ولكن هذا كلام سابق لأوانه بسبب تشابك مصالح روسيا والولايات المتحدة وقدرة الأخيرة على إخضاع موسكو وتقليص حركتها. وكذلك النهج الصيني الناعم والمرن للغاية في إدارة علاقاته الإقليمية والدولية.

يبقى الدور المصري المحاط بالغموض وبمشاكل الماضي والحاضر في ظل ما يجري داخل مصر نفسها من جهة، وحصارها بالأحداث الليبية وبما قد يستجد في ليبيا من جهة أخرى. هذا إضافة إلى دفع مصر إلى مواجهات إن لم تزد من ضعفها فقد تدفعها إلى أحضان قوى إقليمية تطمح لأدوار بديلة لدور مصر، وتعيد القاهرة من جديد إلى نفس دورها في فترة حكم مبارك. هكذا تحاول واشنطن الاستفادة من التغيرات في المنطقة عن طريق ترميم الباب العالي القديم وتجديده. فما هي الخيارات أمام مصر ما بعد 25 يناير؟ المقصود، الخيارات على مستوى الداخل والإسراع في إعادة بناء نظام الدولة بما يتوافق مع روح ثورة 25 يناير وطموحات أبنائها وتطورات القرن الواحد والعشرين. وكذلك على مستوى تحالفاتها الإقليمية والدولية؟

زيارة أردوغان إلى القاهرة والحلف التركي المصري

وصل أردوغان إلى القاهرة ليأثر قلوب المصريين والعرب "بخطاب" يذكرنا "بخطب" زعماء الستينيات الكبار في لحظة تاريخية حرجة رحبت بالثورات وبإجهاضها في آن واحد، وتحولت دول صغيرة جدا إلى دول عظمى، بينما دول إقليمية كبيرة تتحول إلى غبار تاريخي. جاء أردوغان إلى القاهرة ليركز على كل نقاط الاتفاق مع القيادة المصرية (غير الموجودة أصلا)، ويفتح آفاق العالم أمام مصر جديدةة ديمقراطية علمانية (على الطريقة التركية العسكرية – الدينية). ولعب في الوقت نفسه على وتر القضية الفلسطينية متجاوزا حتى الفلسطينيين أنفسهم. هكذا أصبحت تركيا في لمح البصر معادية لإسرائيل وتهدد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إذن، ماذا بقى لتعلن أنقرة الحرب على العالم؟! في الوقت نفسه، لم يتغير موقف تركيا من إيران، أو الأكراد والأرمن!

نعرف أن مصر ليست تركيا ولا بحجم تركيا ولا بنفوذ ولا تأثير تركيا. هكذا شاء النظام الاستبدادي الذي حكم مصر لمدة 30 عاما. وهكذا تقلص دور مصر الإقليمي بنتيجة تخريب البنية الداخلية وتسييد الاستبداد والعنف وقوانين الطوارئ وتكميم الأفواه وبيع مصر أو تمليكها بالمجان لكل من هب ودب سواء من المصريين أو العرب الذين يدركون جيدا قيمة ما نهوه وسلبوه، وفي الوقت ذاته يدعون أن بضاعتهم رخيصة ولا قيمة لها!

الآن تأتي تركيا كلاعب إقليمي ودولي لترسي معادلات جديدة في المنطقة تمهيدا لدور إقليمي أكبر، ودولي أكثر اتساعا وشمولا. من حق تركيا، عضو حلف الناتو، أن تبحث عن مصالحها وتدافع عنها وتتحالف مع من تشاء لتحقيق أهدافها ومصالحها القومية والوطنية انطلاقا مما تملكة من قدرات وطاقات وإمكانيات. ولكن ماذا بشأن مصر الضعيفة المنهكة، ليس طبعا بسبب الثورة وإنما بسبب الاستبداد واستمراره وانهيار المؤسسات البدائية أصلا وتخلف نظم الحكم والإدارة والإصرار على سياسة خارجية تابعة سواء للمحيط الإقليمي أو الدولي على حد سواء؟!

لا أحد عاقلا يمكن أن يمانع في إرساء علاقات متينة واستراتيجية مع تركيا. ولكن مثل تلك العلاقات لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع بين قوى غير متكافئة مهما كان حسن النية والكلام المغزول والمعسول والأمال العريضة. فهل هناك ضمانات بعدم جر مصر إلى حلف الناتو؟ هل هناك ضمانات بعدم استبدال المنظومة الإقليمية العربية؟ هل هناك ضمانات بعدم تقليص دور مصر الإقليمي التاريخي ولو حتى نظريا؟ ندرك جميعا، ومع الأسف، أن دور مصر الإقليمي توارى تماما لأسباب داخلية بحتة، ولا يجب أن نلقي باللوم على السعودية أو قطر. وإذا استمر النظام العسكري في إعادة إنتاج النظام السابق فقد تسقط مصر في مستنقع مسموم على مستوى الجغرافيا والتاريخ والطائفية التي ستنتج حتما مشكلة عرقية تظهر مقدماتها في أطراف مصر شرقا وغربا وجنوبا، ناهيك عن الأصول العربية والأصول المصرية.

ماذا لدى مصر من عناصر القوة الكامنة: الاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والتكنولوجيا والسياسة والقوة العسكرية الحقيقية؟ ماذا لدى مصر من عناصر القوة الفعالة أو المؤثرة: الإرادة السياسية والعقلية الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى؟ إن حاصل ضرب مجموعتي العناصر هذه ببعضها البعض هو القوة التي تمنح الدولة دورها الإقليمي الذي يضعها على طريق دور دولي يحقق مصالحها القومية والوطنية.

ثلاثون عاما من التخلف والاستهتار والاستبداد والسياسة الخارجية الفاشلة بكل المعايير غيبت مصر تماما عن الساحتين الإقليمية والدولية. ومع إصرار النظام العسكري الحاكم في مصر على إنتاج النظام والإبقاء على المنظومة الإدارية السابقة والحفاظ على كل القوانين المعيبة والقمعية ووضع العربة أمام الحصان، لا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق أهداف ثورة 25 يناير أو تحقيق المعادلة الحسابية البسيطة الواردة أعلاه. كل ذلك لا ينفي إطلاقا قدرة النظام العسكري الحالي في مصر على المتاجرة بالثورة. ولا ينفي أيضا قدرة وسائل إعلام النظام السابق، التي وجدت في النظام العسكري الحالي سيدا جديدا، على ضرب الثورة وإحداث فراغ معلوماتي وإعلامي تسبب في خلط الأوراق وإيقاع المواطن البسيط في حالة تخبط. إذا كان الهدف من كل ذلك هو إعادة إنتاج النظام السابق، والحفاظ على نفس المنظومات الإدارية والذهنية، فلا حديث هنا عن تدشين علاقات تكافؤ لا مع تركيا ولا مع قطر ولا حتى مع أثيوبيا وجمهورية جنوب السودان.

إن تركيا تدير وجهها الآن إلى المنطقة العربية ككل، لا إلى مصر وحدها. وذلك لأسباب جيوسياسية محضة بعضها يخص تركيا كقوة إقليمية والبعض الآخر يخصها كعضو في حلف الناتو مكلف بتنفيذ برنامج الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه كل دول أوروبا تقريبا. ولكن مصر كانت بعيدة دوما عن الأحلاف والتكتلات وهذا تحديدا من أهم مميزات مصر وصفاتها التاريخية. ولكن أي مصر؟ إنها مصر القوية لا الضعيفة المهلهلة اجتماعيا وتعليميا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، لا مصر الواقعة في مستنقع القمع والاستبداد وقوانين الطوارئ والحكم العسكري أو الديني

تركيا تسعى لمصلحتها وهذه سبب زياره اردوغان للقاهره وبعض البلاد العربية
مع الشكرا استاذه ليلى

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير
الطف بنا يا لطيف الله لطيفا بعباده يرزق من يشاء

اللهم يا لطيفا بخلقه
يا خبيرا بخلقه
يا عليما بخلقه
الطف بنا يا لطيف يا عليم يا خبير
**************************

اكيد استاذى والا لما جاء لمصر
شكرا لحضرتك

كل يجرى وراء مصالحه
مع التحيه والاحترم

» زيارة منازل نزار قباني وأسمهان على رأس أجندة السياح في سورية
» سفينتان تنطلقان من تركيا إلى غزة
» اغاني الموسيقار في تركيا
» هل تنجح تركيا حيث فشلت إيران؟
» تركيا تعثر على حطام طائرة إسرائيلية