اللواء باقي زكي صاحب فكرة مدافع المياه التي قهرت الساتر الترابي
شاهدت المياه تذيب جبال الرمال بالسد العالي
فأدركت قدرتها علي إسقاط بارليف المنيع
اليهود أقاموا الساتر بجوار القناة لحمايته فسخرنا مياهها لتدميره
هشام عبدالحفيظ
خط بارليف هو سلسلة من التحصينات الدفاعية التي تمتد علي طول الساحل الشرقي لقناة السويس بُني من قبل إسرائيل بعد استيلائها علي سيناء عقب حرب 1967 وكان الهدف الأساسي من بناء الخط هو تأمين الضفة الشرقية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية خلالها وسمي الخط بذلك الاسم نسبة إلي حاييم بارليف القائد العسكري الإسرائيلي وقد تكلف بناؤه حوالي 500 مليون دولار.
تميز خط بارليف بساتر ترابي ذات ارتفاع كبير من 20 إلي 22 مترا وانحدار بزاوية 45 درجة علي الجانب المواجه للقناة كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمي "دشم" علي مسافات تتراوح من 10 إلي 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جندياً تنحصر مسئوليتهم علي الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلي مكان القوات التي تحاول العبور. كما كانت عليه قواعد ثابتة للدبابات بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف عند استدعائها في حالات الطوارئ كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حالة محاولة القوات المصرية العبور والتي قامت قواتنا المسلحة بسدها تمهيداً للعبور في واحدة من أعظم العمليات.
روجت إسرائيل طويلاً لهذا الخط علي أنه مستحيل العبور وأنه يستطيع إبادة الجيش المصري إذا ما حاول عبور قناة السويس كما ادعت أنه أقوي من خط ماجينو الذي بناه الفرنسيون في الحرب العالمية.
وكان خط بارليف يعد من أقوي الخطوط الدفاعية في التاريخ الحديث حيث يبدأ من قناة السويس وحتي عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء علي امتداد الضفة الشرقية للقناة وهو من خطين يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية بطول 170 كم علي طول قناة السويس وضم خط بارليف 22 موقعاً دفاعياً و26 نقطة حصينة تم تحصين مبانيها بالأسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد أعمال القصف كما كانت كل نقطة تضم 26 دشمة للرشاشات و24 ملجأ للأفراد بالإضافة إلي مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات و15 نطاقاً من الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة تتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متر مربع وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة ويتصل كل موقع بالمواقع الأخري سلكياً ولاسلكياً بالإضافة إلي اتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الإسرائيلي في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل.
بالرغم من كل ذلك تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 والذي وافق يوم كيبور أو عيد الغفران لدي اليهود من عبور الخط وأفقد العدو توازنه في أقل من ست ساعات من عبور قناة السويس ويرجع الفضل في تمكن قواتنا الباسلة من عبور خط بارليف الحصين إلي فطنة وذكاء اللواء باقي زكي يوسف رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني وصاحب فكرة استخدام ضغط المياه لإحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف في سبتمبر عام 1969 والتي تم تنفيذها في حرب أكتوبر عام .1973
التقت "الجمهورية" اللواء باقي زكي يوسف ليروي قصة فكرته العبقرية التي أعادت للوطن عزته وكرامته بعد 6 سنوات من هزيمة 1967 المهينة فعلي الرغم من صغر سنه وقتها وحضوره اجتماعاً وسط قادة كبار إلا أنه أطلق الفكرة التي ردت لنا أرضنا وكرامتنا.. فكرة بسيطة وسهلة وعبقريتها كانت في بساطتها.. غيرت تاريخ مصر المعاصر وتاريخ المنطقة بل وسجلت كبراءة اختراع وأصبحت تُدرس في الجامعات علي مستوي العالم.. فكرة استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في خط بارليف قال في البداية "كنت برتبة مقدم وكان عملي في الأصل ضابط مركبات حيث تخرجت في كلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1954 وتم انتدابي للعمل في مشروع السد العالي في الفترة من أبريل 1964 إلي 5 يونيه 1967 وعندما انتهت فترة الانتداب تم تعييني رئيساً لفرع المركبات بالفرقة 19 مشاة الميكانيكية بالجيش الثالث الميداني التي أخذت أوضاعاً دفاعية غرب القناة عام 1969 وكان عملي كضابط مركبات يتمثل في مسئوليتي عن أعمال صيانة وإصلاح السيارات.
السد العالي
استطرد اللواء باقي قائلاً: "خلال عملي بالسد العالي كنت أري المياه تشق الحجارة وتذيب جبال الرمال وأثناء تواجدي غرب القناة كنت في كل يوم أنظر إلي ذلك الساتر المنيع وأقول لنفسي لو أن ذلك كان في أسوان لكنا محوناه تماماً من علي وجه الأرض ومن هنا أتت الفكرة وتملكت من رأسي وفي مايو 1969 صدرت للفرقة تعليمات بالاستعداد للحرب والعبور وكان عليها إيجاد الحلول لكل المعوقات وكانت أكبر مشكلة أمام الفرقة هي التغلب علي الساتر الترابي وفتح ثغرات فيه وقامت الفرقة بالعديد من التجارب والدراسات تركز معظمها علي استخدام المفرقعات إلا أن نتائج هذه التجارب لم تحقق ما استهدفته الفرقة وأثناء اجتماع القادة برئاسة اللواء سعد زغلول عبدالكريم لدراسة الأفكار المقترحة للعبور قام قائد الفرقة بشرح المهمة ونشأة الساتر وتكوينه وأبعاده ووجدت أن كل الاقتراحات التي تم عرضها كان زمن فتح الثغرة فيها كبير يتراوح بين 12 و15 ساعة والخسائر البشرية المتوقعة لا تقل عن 20% من القوات كما جذب انتباهي أثناء سماعي لشرح خواص ذلك الساتر أن قاعدته مكونة من الرمال فطلبت من قائد الفرقة السماح لي بالتحدث وقررت للقادة هذه الرمال بني عليها خراسانات وطالما أن قاعدة الساتر مازالت رملية فإنه من السهل فتح ثغرات بها عن طريق دفع المياه واقترحت استخدام طلمبات قوية تسحب المياه من القناة وتوجهها علي الأساس الرملي فيسقط.
ذهول
قال اللواء باقي زكي: "عندما اقترحت ذلك فوجئت بصمت الجميع وظهر علي وجوههم الذهول والاستغراب فأخبرتهم أني شاهدت ذلك يحدث بالفعل بمنطقة السد العالي.. فتم فتح باب النقاش بين قادة كل الأسلحة كل في تخصصه وفي اليوم التالي توجهت للواء طلعت حسن علي قائد الجيش الثالث الميداني في حضور رئيس سلاح المهندسين واللواء ممدوح جاد تهامي نائب رئيس هيئة العمليات وشرحت فكرتي التي لاقت قبولاً وتأييداً وبعد أسبوع تم إبلاغي أن الرئيس عبدالناصر أمر بدراسة الفكرة وتجربتها وتنفيذها في حالة النجاح".
أضاف قائلاً: "قام سلاح المهندسين بدراسة الفكرة من كافة جوانبها وأجري حوالي 300 تجربة عملية وميدانية بمضخات مختلفة الأنواع حتي تم التنفيذ وعبرنا في 6 ساعات وشاهدنا النتيجة بأنفسنا بفضل فكرتي.
المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/
اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير
الطف بنا يا لطيف الله لطيفا بعباده يرزق من يشاء
اللهم يا لطيفا بخلقه
يا خبيرا بخلقه
يا عليما بخلقه
الطف بنا يا لطيف يا عليم يا خبير
**************************