مصر محتاجة إلى بطل
كتب ابراهيم عيسى فى جريده الدستور المصرى هذا المقال
مصر فى حاجة ماسة إلى البطولة.
أعرف أن هناك ملايين الأبطال ممن لا نعرفهم يمشون فى شوارع مصر ودروبها كل يوم من هؤلاء البسطاء الطيبين الساعين على رزقهم بشرف وكبرياء وعزة وإخلاص رغم ضيق الحال وضنك الظروف.
لكن هؤلاء أبطال فعلا لكنها بطولة عادية وصامتة ويومية.
نحن فى حاجة إلى بطل معلن بالمعنى الوارد فى القاموس لكلمة بطل «شَجُع واستَبْسل وضحَّى».
الشعوب التى لا تجد بطلا فى حياتها تكتشفه وأحيانا تخترعه لتلتف حوله وتتباهى به وتتعلم منه وتتمثل به وتتقوى بقوته.
ومشكلة مصر هذه الأيام أنها بلا قائد ولا قيادة، فهى فى مرحلة من السيولة النفسية التى تؤدى إلى أحاسيس من الارتباك والإحباط والتوتر لا يمكن أن تتجاوزها من دون أن يكون هناك قائد أو قيادة موضع تقدير والتفاف، ولأن الواقع السياسى يعانى من السيبان والتسيب، ولكن هناك مجموعات من ثوار يناير ومن كارهيهم، ومن المؤمنين بالثورة ومن خصومها لن تسمح بوجود قائد محل إجماع على الأقل خلال فترتنا الحالية التى قد تطول، فلن ترحمه هذه الجهات المتناقضة من الطعن والهجوم والتشويه. أى مرشح رئاسة محتمل تحت قصف نيران معادية لن تجعله خلال حملة انتخابية طويلة ومملة وسخيفة قادرا على توحيد الجموع، بل سيصل إلى مقعده فى الحكم ممزق الملابس ومثخن الجسد من فرط وإفراط الاتهامات والطعنات.
إذن المشروع الآن هو البطل لا القائد.
فى هذه المرحلة الانتقالية فإن مشاعر الناس المضطربة وعدوانيتهم المتطرفة والوحشية العصبية التى تتصف بها الآراء والأفكار والسلوكيات لدى النخبة والعامة معا قد تتجه فورا إلى التهكم من البطولة أو البطل إن ظهر الآن، فالمزاج العام مناكف وممانع وعدائى!
هذه الحفرة التى رمتنا فيها سنوات الاستبداد والطغيان ومرحلة قتل النماذج الشريفة والاستخفاف بالبطولة وتسخيف الدفاع بالروح وبالدم وبالوقت والجهد والمال عن القضايا النبيلة، لن نخرج منها إلا باستدعاء الأبطال إلى حياتنا، واحترام البطولة فى مواجهة الجبن والخِسّة والضعف، وتقدير البطل (الشجاع المستبسل المضحى) فى مواجهة العادى المسالم، أو الطبيعى المستسلم، أو الأنانى السلبى!
ولكرم ربنا علينا ولأن هذا الشعب «ابن لذين» فعلا، فلديه كنوزه التى لا يمر يوم إلا ونرفع التراب عن الأرض فنكتشف معابد وتماثيل ومقابر تبهر البشرية بعمرها الأسطورى وقيمتها غير المُقدَّرة بمال الدنيا، فإننا نملك كذلك كنزا هو أبطال حرب أكتوبر، كنزنا البشرى الإنسانى المعاصر الحى (رغم موت أصحابه الأحياء عند ربهم يرزقون). ولعلى من الذين يلحون دائما فى تذكرة الناس بالبطل إبراهيم الرفاعى أمير الشهداء قائد المجموعة 39 صاعقة، التى كانت وستظل علامة على مصر التى لا تنام ولا تموت ولا تمرض ولا تضعف، بل مصر العظيمة الخالدة أبدا. ظل الرفاعى لست سنوات يقود أشرف وأجرأ الرجال فى عمليات خلف صفوف العدو فى قلب معسكراته ومواقعه وفوق دُشمه وحصونه يضرب ويَقتُل وينسف ويدمر ويلقى فى قلوبهم الرعب ويخلق بين صفوفهم أفدح الخسائر. كان إبراهيم الرفاعى هو من اخترق خط بارليف قبل أن يفعلها أبطال 6 أكتوبر، وأول من عبر القناة قبل وقت طويل جدا من لحظة العبور العظمى، وأول من كسر أسطورة الجيش الذى لا يُقهر قبل أن تتحطم ظهيرة العاشر من رمضان. كان الرئيس جمال عبد الناصر لا ينام قبل أن يتحدث فى التليفون مع قادة الجيش ليعرف هل عاد الرفاعى من عمليته فى سيناء؟ ويطمئن على عودته.
وحين كانت المعركة حاسمة والجيشان فى حرب المواجهة الكاملة يتلقى مكالمة تليفونية تحت قصف النار من الرئيس أنور السادات، يطالبه بتدمير معبر الثغرة الذى عبره الإسرائيليون. كان الرفاعى يشق طريقه داخل عمق صفوف العدو المتكتلة والمتحركة وهو يحمل مع جنوده مضادات الدبابات يحلف بالله أنه لن ينحنى أبدا، ففى صباح 6 أكتوبر هاجم الرفاعى محطة «بترول بلاعيم» لتكون أول عملية مصرية فى عمق إسرائيل، ثم مطار شرم الشيخ صباح مساء السابع من أكتوبر، ثم رأس محمد، وشرم الشيخ نفسها طوال يوم 8 أكتوبر، ثم شرم الشيخ للمرة الثالثة فى 9 أكتوبر، ثم مطار الطور الإسرائيلى فى 10 أكتوبر، واستطاع فى هذا اليوم قتل جميع الطيارين الإسرائيليين الموجودين فى المطار، ثم قام بدك مطار الطور مرة ثانية فى 14 أكتوبر، ثم آبار البترول فى الطور يومى 15 و16 أكتوبر. ضرباته فى خصر العدو وبطنه وقلبه وعقله منذ ست سنوات كانت موجعة وهائلة، وضرباته منذ يوم ٦ أكتوبر كانت قاتلة وباهرة.
وفى التاسع عشر من أكتوبر، سيجهض الثغرة وهو يضع أجهزة الاتصال بجنوده حول عنقه واقفا شامخا فوق التبة ينزل على شارون بشواظ من نار ولهب، ويفاجئ العدو الذى ظن أنه تمكن واستوطن، وجنود الرفاعى يطلبون منه أن يخفض رأسه وأن يخفى قامته حيث يندفع شارون بمدافعه يريد أن ينال من قائد هذه المجموعة التى ذبحت كبرياء إسرائيل، المدافع تصب نيرانها على موقع إبراهيم الرفاعى فتذهب شظية من فوهة مدفع لتضع على صدر الرفاعى الوسام الأعظم، تحت قصف المدافع وضرب النار وقذف الصواريخ ودم إبراهيم الرفاعى ينزف فى حضن جنوده الجبارين الملتاعين بمشهد قائدهم الأعظم وهو يقفز نحو الشهادة، نظر مبتسما وقال لهم تلك الجملة التى حفرها فى قلوبهم:
«يا سلام يا ولاد أما ريحة الجنة حلوة بشكل
المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/
اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير
الطف بنا يا لطيف الله لطيفا بعباده يرزق من يشاء
اللهم يا لطيفا بخلقه
يا خبيرا بخلقه
يا عليما بخلقه
الطف بنا يا لطيف يا عليم يا خبير
**************************