دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المشرّعين الأوروبيين إلى تقديم الدعم "للربيع الفلسطيني" عبر تأييد انضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة.وقال عباس في خطاب ألقاه اليوم أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والمؤلفة من نواب 47 دولة في ستراسبورغ بفرنسا، "لقد أيدتم ودعمتم الربيع العربي الذي طالب بالديمقراطية والحرية، وها هو الربيع الفلسطيني قد جاء ليطالب بالحرية وإنهاء الاحتلال.. إننا نستحق دعمكم، نثق بكم وبأنكم لن تتخلوا عنا ولن تتركونا وحدنا".
ورأى أن العالم الذي احتفى بالربيع العربي يقف اليوم أمام اختبار لمصداقيته، متسائلا "هل سيسمح لإسرائيل أن تبقى دولة فوق القانون وفوق المساءلة والمحاسبة؟".
وقال عباس الذي كان يتحدث باللغة العربية إن "الشعب الفلسطيني ينتظر أن يسمع الجواب، وبعض هذا الجواب عندكم سيداتي وسادتي الممثلين المنتخبين لشعوب أوروبا، وشعبنا يناشدكم أن تنهضوا بمسؤولياتكم".
وأشار إلى أن "128 دولة عضوا في الأمم المتحدة تعترف اليوم بدولة فلسطين على حدود 1967، ومن بينها 17 أعضاء في مجلس أوروبا، كما تقيم فلسطين علاقات دبلوماسية متطورة مع 24 دولة أخرى في المجلس وأكدت العديد منها -خصوصاً تلك المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي- استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين في الوقت المناسب".
وأضاف "حسنا، نحن نقول لكم بصدق: الآن هو الوقت المناسب"، كما ذكر أن "أوروبا استثمرت الكثير من الجهد والمال في دعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية"، ودعاها إلى "الاعتراف بدولة فلسطين" لحماية الإنجازات التي تحققت بفضل "الجهد والمال الأوروبيين".
انسداد الأفق
وقال عباس إن "بشائر الربيع الفلسطيني تجلّت بأروع صورها حين نزل مئات الألوف إلى شوارع مدن وقرى فلسطين ومخيمات الشتات يعبّرون بصوت واحد عن إرادتهم في أن تكون فلسطين الدولة رقم 194 في الأمم المتحدة".
وأكد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية أن الشعب الفلسطيني سيواصل مقاومته الشعبية السلمية ضد الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل العنصري، "مقدماً بذلك نموذجاً ملهماً لقوة الشعب الأعزل في مواجهة الرصاص وقنابل الغاز والجرافات".
كما تطرق إلى موضوع المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وقال إنه "في ضوء انسداد أفق المفاوضات، لم نجد سبيلاً سوى التوجه إلى المجتمع الدولي لندعوه إلى التدخل لفتح آفاق جديدة أمام عملية السلام، وذلك من خلال الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من (يونيو) حزيران 67".
السلام والاستيطان
وانتقد الرئيس الفلسطيني الممارسات الإسرائيلية على الأرض، وقال إن "السلام والاستيطان نقيضان لا يلتقيان، وبناء المستوطنات في أراضٍ محتلة وإسكان المستوطنين فيها من قبل قوة الاحتلال هو انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".
وشدد على أن وقف الاستيطان "أحد الشروط الضرورية" لاستئناف المفاوضات، معربا عن أسفه "لإصرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وضع شروط جديدة ومستحيلة".
وفي رسالة إلى الجانب الإسرائيلي الذي ما فتئ يستعمل العنف لمواجهة الحق الفلسيطيني، قال عباس إن "السلام هو الذي يصنع الأمن لا القوة العسكرية ولا الهيمنة والتوسّع الجغرافي، ولا يمكن الحفاظ على السلام بالقوة وإنما بالتفاهم".
وأضاف من هذا المنطلق "كان موقفنا الإيجابي من بيان الرباعية الأخير الذي أعاد تحديد مرجعيات عملية السلام، وخصوصاً مبدأ الدولتين على حدود عام 67".
صراع ديني
وأكد عباس أن "المطالبة بأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية شرط مسبق غير مقبول، لأن ثمة خطرا أن يحوّل ذلك الصراعَ المحتدم في منطقتنا إلى صراع ديني".
وشدد على نبذه العنف والإرهاب رغم "الاستفزازات الكثيرة من الطرف الإسرائيلي"، وقال "لن نسمح لهم بأن يجرّونا إلى التطرف.. لن نسير في هذا الطريق".
يشار إلى أن زيارة الرئيس الفلسطيني تأتي بعد يومين من منح الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا المجلسَ الوطني الفلسطيني وضع "شريك من أجل الديمقراطية"، وهي المرة الثانية التي تمنح الجمعية مثل هذا الوضع بعد منحها للبرلمان المغربي.
وقال مقرر الجمعية تيني كوكس إن هذا الوضع يمنح الشعب الفلسطيني فرصاً جديدة، ويمكن اعتباره جزءا من الربيع العربي.