أسمهان وشبيهات صوتها يرحلن مثلها

أسمهان وشبيهات صوتها يرحلن مثلها

هل يمكن أن تكون طبيعة الأصوات، مثل الأماكن والأسماء، سبباً في إسعاد أو شقاء أصحابها؟

بقلم: مصطفى نصر

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

أبوس النار ما تحرقنيش ** أبـوس خـدك يلهلبني

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هناك أصوات حالمة مغردة مثل صوت المطربة أسمهان، صوت له صفات خاصة، يفرض نفسه على مستمعيه، "يشفط" الهواء حوله، ولا يجعلك تشرد في شيء غيره. صوت يجمع بين البهجة والحزن معاً. ذلك الحزن سمة تصاحب أصحاب هذه الأصوات وترافقهم إلى أن يموتوا.
لقد ماتت أسمهان (رائدة هذه المجموعة من الأصوات المغردة) يوم 14 يوليو/تموز عام 1944 قبل أن تنتهي من تصوير فيلم "غرام وانتقام". ماتت وعمرها لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمرها، يعني ماتت في عز شبابها، وهكذا ماتت كل الأصوات المشابهة لصوتها.
سبحان الله، ما هو السر في ذلك؟!
لقد كتبتُ من قبل عن دكتورة متخصصة، تحدثت في برنامج تليفزيوني فذكرت أن للأماكن تأثير على ساكنيها. فقد تسبب قطعة أرض - مقام عليها عمارة – الأمراض لساكني العمارة. وفي الريف والأحياء الشعبية يتحدثون كثيرا عن هذا، فيقولون: إن هذا البيت عتبته (حلوة)، بمعني أن ساكنيه قد اغتنوا بعد السكن فيه، وآخر عتبته (وحشة)، بمعنى أن ساكنيه حدث لهم مكروه بعد أن انتقلوا إلى هذا السكن الجديد، وأعرف دكاكين كلما استأجرها مؤجر يفشل في تجارته، حتي أٌغلقت وخاف الناس من استئجارها.
وكتبتُ عما ذكره مؤلف كتاب "الأغاني" عن إبراهيم بن المهدي الذي أرجع سوء حظه، وما لاقاه من مآسي إلى اسمه إبراهيم، حتى قال: "وما رأيتُ والله أحداً بهذا الاسم إلا قُتل أو نُكب، أو رأيتهُ مضروباً أو مقذوفاً أو مظلوماً".
هل يمكن أن تكون طبيعة الأصوات، مثل الأماكن والأسماء، سبباً في إسعاد أو شقاء أصحابها؟
• المطربة جيهان
لقد ألحت أسمهان على يوسف وهبي ممثل ومخرج فيلم "غرام وانتقام" بأن تأخذ إجازة قصيرة، لتستحم في مياه رأس البر، واضطر أن يوافقها، رغم حاجته للوقت لينتهي من تصوير الفيلم، وماتت في سيارتها في الريّاح التوفيقي ما بين ميت غمر وأجا، وهي في طريقها لرأس البر. ماتت في 14 يوليو/تموز 1944 ولم تشهد الفيلم ولم تكمل تصويره.
كان من المقرر أن تقف أسمهان أمام المحققين وتشهد لصالح يوسف وهبي الذي ذهبت إليه لتنتقم منه لقتله حبيبها؛ فأحبته، وأن ينتهي الفيلم نهاية سعيدة – كالعادة - ويتزوجها يوسف وهبي، فبحثوا عن فتاة تشبهها في الشكل والصوت، ووجدوا الفتاة سارة أحمد مسعود، وهي من أصل تركي حباها الله برقة وبصوت ملائكي قريب الشبه بصوت أسمهان، وكانت قد قدمت برنامج "عذراء الربيع" واختاروا لها اسم "جيهان" فظهرت فى الفيلم من تصوير خلفى وجانبي، وهى تحكي للمحققين أول الفيلم عن حادث مقتل أنور وجدى وعدة مشاهد ربط أخرى تم تصويرها من الخلف أو من بعيد. وهي كانت أقل حجماً من أسمهان، وحذف يوسف وهبي الجزء الباقي الذي كان مقرراً أن تترافع فيه أسمهان أمام المحكمة، وينتهى الفيلم نهاية سعيدة، وفضل أن ينهيه، وقد جن بسبب موتها، وقضى باقي عمره في مستشفى المجانين.
واشتهرت "جيهان" بأغنية "هيا إلى المروج" من تلحين محمود الشريف. وقامت بالبطولة الثانية في فيلم "السجينة رقم 17" من إنتاج ماري كويني في أغسطس/آب 1949.
لكن سوء حظ الأصوات المشابهة لصوت أسمهان أنه طاردها في عنف فقد اختارها الأستاذان حافظ عبدالوهاب وعبدالوهاب يوسف لبطولة برنامج "غروب" وكان هذا البرنامج؛ غروب حياتها أيضا، فقد مرضت لكنها عاندت نفسها وذهبت لكي تسجل البرنامج ودرجة حرارتها فوق الأربعين، ولما دخلت الأستوديو في شارع علوي كان الأستوديو مزدحما بالممثلين وأفراد الكورس، فضلاً عن فرقة التخت الشرقي، واندمجت في العمل، فظلت واقفة من التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساءً والحمى تسري في عروقها، وبعد انتهاء التسجيل نقلت بعربة الأسعاف إلى المستشفى ورحلت في التاسع من سبتمبر/أيلول عام 1949. ولم تستمع إلى برنامج غروب الذي كان سبب موتها.
• المطربة نادية فهمي
كنتُ في طفولتي مولعاً بمتابعة الأفراح التي تقام في شوارع وحواري حينا، فأقف لمتابعتها للصباح، حيث لم يكن يُسمح للأطفال بالجلوس على المقاعد في هذه الأفراح. فاسمع أغنية تغنيها النساء في كل الأفراح تقريباً:
عرفت كتير ما حيرنيش ** غيرك أنت وغلبني
أبوس النار ما تحرقنيش ** أبـوس خـدك يلهلبني
لم أكن قد سمعت هذه الأغنية في الراديو من قبل، واكتشفت أن الممثلة هند رستم قد غنتها في أحد الأفلام. ثم اكتشفت أن المغنية الحقيقية للأغنية هي "ثريا عبدالعزيز فايد" التي اشتهرت باسم "نادية فهمي".
صوت مغرد قريب الشبه بصوت أسمهان. وقد غنت مع عبدالحليم حافظ أغنية "أنت حبي"، مما جعل الأستاذ محمد التابعي الذي كان مجنونا بحب أسمهان، يكتب في أخبار اليوم مرشحا نادية فهمي لبطولة الفيلم الذي سينتج عن حياة أسمهان. لكن سوء حظ أسمهان وشبيهاتها في صوتها؛ طارد نادية فهمي أيضا ففي رحلة فنية للترفيه عن الجيش في منطقة فايد القريبة من الإسماعلية، حملت سيارة الجيش الفنانين محمد رشدي ونادية فهمي والفرقة الموسيقية التي رافتهما في إحياء الحفل. وفي الطريق، طلبت نادية من المطرب محمد رشدي أن يغير مكانه معها لتستطيع أن تنام، وتم التغيير بالفعل، وإذ بعربة لوري محملة بأنابيب البوتجاز تصطدم مع سيارة الجيش، فتبتر ساق نادية فهمي وتموت على الفور، وتكسر ساق محمد رشدي.
• المطربة نازك
صوت آخر يشبه إلى حد كبير صوت أسمهان، جاءت هذه المرة من العراق، هي "هيبت محمد الحسيني" ينتهي نسبها إلى أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام. واشتهرت باسم "نازك"، غنت أغاني كثيرة من تلحين كبار الملحنين، فغنت لفريد الأطرش "ما تقولش كنا وكان"، وغنت لمحمد فوزي "كل دقة في قلبي بتسلم عليك"، ومن شدة نجاح الأغنية، تم تصوير فيلم على اسمها لمحمد فوزي وسامية جمال، واشتركت نازك في بطولته، وغنت مع محمد فوزي أغنية عن الأم أيضا. ولحن لها رياض السنباطي ومحمود الشريف وأحمد صدقي، وغيرهم، وغنت في حفلات على مستوى البلاد العربية؛ أغاني أم كلثوم. لكن لعنة صوت شبيهات أسمهان طاردتها أيضا، فقد سافرت إلى لبنان، واستشهدت في الحرب الأهلية هناك.
مصطفى نصر ـ الإسكندرية

عدد المساهمات : 267 تاريخ التسجيل : 13/09/2010

الكثير من هذه المعلومات لم اكن اعرفها وبفضل الله وهذا المقال تم معرفتها
شكرا لحضرتك استاذ وليد تجوب شبكة النت كلها لتحضر لنا روائع وروائع تتحدث عن الموسيقار
الف شكرا استاذ وليد علبى

الأخ الفاضل محمدالسيد البري
يسعدني جدا تحيتك الطيبة التي تشكل عندي مصدر اعتزاز
شكرا جزيلا لحضرتك
مع اطيب تمنياتي لك دوام التألق والتوفيق

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» أسمهان الأنوثة والدفء في صوتها
» من قتل أسمهان؟
» أشياء تسقط منك ولكن لا تسمع صوتها
» لا يفوتكم / فيلم فرنسي عن أسمهان / من تسجيلي الخاص : " أسمهان ، ديفا شرقية " /الجزء الأول / مع الترجمة بالعربي
» كاتب مسلسل «أسمهان» الأصلي ممدوح الأطرش: سلاف فواخرجي لا تتناسب مع شخصية أسمهان والمخرج شوقي الماجري لم يدرس نص العمل!