المطرب قدم فريد الأطرش خلال مسيرته الفنية عدداً كبيراً جداً من الألحان الهامة التي أثارت جدلاً نقدياً واستحثت الدارسين على البحث والتحليل في هذا النتاج الكبير والغزير لموسيقار شق طريق الفن بكفاح مرير وموهبة حقيقية ومعرفة موسيقية عميقة جعلته جديراً بالمكانة التي وضعته في القلوب من المحيط الى الخليج كأحد أكثر الفنانين العرب جماهيرية على الإطلاق. فريد الأطرش كان مؤسسة فنية مكتملة العناصر، هو مثلث موسيقي متساوي الأضلاع غناءً وعزفاً وتلحيناً. فريد الاطرش المطرب يمتلك مساحة صوتية كبيرة متفردة ومتوائمة مع خصوصيته كملحن، وبالتالي كان يصعب على غيره أداء بعض ألحانه التي غناها بنفسه، لا سيما تلك التي ترتكز على إظهار مساحته الصوتية الهائلة وقفلاته الخاصة المميزة. صوت عملاق بإجماع الدارسين وذوي الاختصاص بغضّ النظر عن القماشة الصوتية التي قد يُختلف حولها بين «محبّ غالٍ ومبغض ضال». طوّع فريد أداءه الشامّي النشأة للغناء المصري بشكل مذهل، وقد أدى الموال المصري بأسلوبه الخاص الشامي الروح، فجمع الى الرقة والحنان وسلاسة الأداء المصري، العنفوان والقوة التي يتميز بها الاسلوب الغنائي لأداء الموال في بلاد الشام. اما ألحانه للآخرين فكان يراعي فيها اسلوبهم الخاص وقدراتهم الصوتية في الأداء مع منحها اسلوباً فريداً كان يتميز به هو. لذلك كان باستطاعة أي متذوق للموسيقى أن يميز أعمال فريد الأطرش من غيرها بسهولة نظراً لوضوح بصماته وتفرد أسلوبه في تناول المقامات الشرقية وتوظيفها بطريقة تجمع بين المدرستين الشامية والمصرية مما يجعله صاحب اتجاه موسيقي حقيقي في تاريخ الفن العربي المعاصر.