في مجلة الكواكب يوليو عام 1945 كتب الموسيقار فريد الأطرش مقالا عن شقيقته أسمهان في الذكرى الأولى لرحيلها قال فيه:
كانت أسمهان فنانة في كل شيء حتى في أكلها وشربها وملبسها إلا أنها كانت تميل إلى العزلة والهدوء، تتجنب لقاء الناس حتى يظنها البعض متكبرة متعجرفة أحيانا وفي بعض الأحيان كانت تميل إلى الصخب والضوضاء.. وهذا حال الفنانين.
لم تكن طفولة أسمهان تدل على أنها ستصبح مطربة وكانت تميل إلى الجلوس بجوار الفونوجراف تستمع إلى قصائد أم كلثوم وغيرها من المطربات والمطربين، ولم يخطر بذهن أحد أن أسمهان لها صوت جميل إلى أن حدث ذات يوم أن دعتنا أسرة صديقة تقيم في حلوان لتناول الغداء واستمعنا هناك إلى أسطوانة لأغنية أم كلثوم (إن كنت أسامح وانسى الأسية) وفى طريق عودتنا فوجئنا بأسمهان تغنى الأغنية بصوتها الرخيم.. ووقتها عرفنا أن أسمهان صوتها جميل، ودار بعدها الصراع في أسرتنا حول التقاليد انتهى بعمل اسمهان مطربة.
وكانت أسمهان كريمة إلى حد الجنون، وقد سبب لها كرمها الكثير من الأزمات لدرجة أنها كانت تعطى المتسول خمسة جنيهات قطعة واحدة.
أما أسمهان المطربة فكانت ذات إحساس فنى مرهف ومقدرة قوية على فهم اللحن بعد سماعها له مرة واحدة، وأروع خصائصها كمطربة ــ وأنا أتحدث عنها كملحن ـــ أنها كانت تغنى بإحساس، وكانت تحس بكل ما تقوله إحساسا عميقا صادقا، وكانت كل قطرة دم في عروقها تهتز مع أحاسيسها.. لهذا كانت أسمهان مطربة لن يجود الزمان بمثلها.
وقد لمعت أسمهان لمعانا سريعا بعد ظهورها في دنيا الطرب، ونجحت بسرعة شديدة واستطاعت أن تكتسب الإعجاب والتقدير إلى جانب الاحترام الكبير. إن أسمهان بموتها قد تركت ــ وأنا أقول هذا كمنتج سينمائى وفنان ــ تركت فراغا كبيرا في دنيا الموسيقى والغناء