كان كل يوم ينطوي تزداد فيه شهرة أسمهان وتتسع مع شهرة شقيقها فريد، بل إنه كان سبقها إلى الشهرة، ليس بغنائه فحسب، بل أيضا بألحانه، وطرقت السينما بابهما، اذ جاءت الفرصة لتجمعهما معاً لأول وآخر مرة في فيلم سينمائي.
كان تلحمي وبيضا ينويان إنتاج فيلم «انتصار الشباب»، فذهب ميشال بيضا إلى فريد الأطرش ليعرض عليه الفكرة، ومعه حسني نجيب مدير ستوديو مصر. قبل فريد وسعد جداً بالعمل الذي سيجمعه وأسمهان، وهنا بدأ نجيب يتحدث عمن سيضع ألحان الفيلم فنظر إليه فريد مندهشاً وقال له: أنا طبعاً !
ولأن نجيب لا يعرف المجاملة صاح بفريد: أنت طبعا! وماذا يفعل كبار الملحنين عندنا، ماذا يفعل السنباطي والقصبجي، وهل تظن أن ستوديو مصر يجازف بالمشاركة في إنفاق آلاف الجنيهات على فيلم تضع أنت ألحانه؟
أثارت سخرية نجيب غضب فريد، وسارع بيضا يشيد بألحان الأخير، وبادر تلحمي بضم صوته الى صوت بيضا في الإطراء على فريد، فهوّن ذلك عليه، لكنه لم يثنه عن كبـريائه واعتزازه بنفسه، فقال لنجيب: إذا لم أضع ألحان الفيلم فإنني لن أعمل فيه!
قالها وسكت، وكأنه لا يريد مساومة، وأعلن الإصرار في عينيه، فقام نجيب يفتح باب المفاوضات: أنت تضع ألحان أغانيك، أما أغاني أسمهان فعندنا آخرون يضعون ألحانها!
- لا يستطيع ملحن من الذين تقول عنهم أن يفهم صوت شقيقتي أسمهان كما أفهمه ... هم عمالقة لا أنكر، لكنني أنكر أن تتخطوني إلى غيري في ما يتعلق بها!
بدأ الغضب على وجه نجيب، فنظر إلى أحمد بدرخان مخرج الفيلم ليقول شيئا، لكن الأخير آثر الصمت.
أحسّ فريد ببوادر الخطر، وكانت تلك أول فرصة تسنح له ليعمل على الشاشة الجذابة ، وهو مجنون إن ضيّعها، فأدرك أنه الخاسر إن ركب رأسه، وعليه أن يعالج الأمر بالحكمة، فقال لنجيب في هدوء: أرجوك يا حسني بك، أعطني فرصة أثبت لك فيها أنني أستطيع أن أقدم لك ألحانا ناجحة، لي ولشقيقتي... فإذا لم تعجبك ألحاني فاعهد بها إلى من ترى من الملحنين. وجد نجيب ما يرضيه في ذلك الحل، وقال لفريد معاتبا وضاحكا: أنت رجل بلا ضمير ، ستحكم على نفسك بالفشل ... بألحانك، فما ذنب شقيقتك لتحكم عليها بالفشل معك؟
خشي تلحمي أن تكون الفكاهة قاسية، فحاول أن يخفف من وقعها، وفي الوقت نفسه يحسم الموضوع قبل أن يعود حسني في رأيه: حسني بك يداعبك يا فريد... ما دام انتقل إلى مرحلة الدعابة فمعنى ذلك أنه وافق، ونحن شركاء في الفيلم، ونثق بك... مبروك هيا وابدأ العمل.
[/size]
[size=48]"انتصار الشباب"
قبل أن ينتهي الفيلم كان بدرخان واسمهان تزوجا، غير أن فريد الأطرش حين شاهد الفيلم أحس أنه سخيف ليس ثمة ما يضحك وما يطرب فيه... ولم يصارح بمشاعره أحدا، بل خرج من الأستوديو وهو مهموم، وكان موعد عرض الفيلم على الجمهور اليوم التالي، فلم يهدأ وتمثلت له في الحلم صورة حسني نجيب وهو يقول له: «أنت رجل بلا ضمير» وقال لنفسه وهو بين النوم واليقظة: «أنا حقاً بلا ضمير... سأسقط وأشد معي أختي إلى الهاوية نفسها، كان نبغي أن أتركها لحظ أسعد إن أنانيتي وغروري وكبريائي سيحطم كل شيء».
صباحًا لم يتناول طعام الإفطار وهرول إلى السينما وتلكأ الى ان أطفئت الأنوار فتسلل إلى مقعد في الظلام، وبدأ الفيلم فاحتبست أنفاسه وأحس أن قلبه وكأنه صرير عجلات قطار ، وقام يتمشى ليقاوم الملل، وتعجب فالناس يضحكون أو يقولون آهة الاستحسان فحسبهم مجانين، وعندما شارف الفيلم على النهاية ترك أسمهان في مقعدها بعد أن قال لها إنه سيختفي في حجرة آلات العرض، فعجبت لتصرفه. انتهى الفيلم ودوى التصفيق من أرجاء السينما، وبحث الجمهور عن الأبطال فوجد أسمهان، أما فريد فقد خيّل إليه أن التصفيق زمجرة من الجمهور، وكأنه زئير غضب، فلما قال له المهندس الذي يدير الفيلم: مبروك يا أستاذ.
سأله في فضول: هل صفق الجمهور؟
أجاب الرجل: تصفيق مدوٍّ... أخرج إلى جمهورك يا أستاذ فريد، إنه يبحث عنك.
أما أسمهان فأشارت للجمهور إلى حيث يختفي فريد، فقفز عدد منهم إلى الحجرة العليا، وارتبك في أول الأمر ثم ابتسم ابتسامة باهتة، فلما هتفوا له تشجّع وشكرهم، وحين وقف على مقعده اختطفوه اختطافاً وحملوه على الأعناق، واغرورقت عيناه بالدموع، وتخيل صورة نجيب في تلك اللحظة، وتمنى أن يراه أمامه الآن ليريه نجاحه وتصفيق الجمهور، وهو يحمله وبجواره شقيقته أسمهان بعد أن ارتفع بها إلى عنان السماء ، وليس كما قال نجيب إنه سيكون السبب في سقوطها ونهايتها، وعندما مضى الجمهور بفريد فوق الأكتاف خارج دار السينما كان الباب المنخفض يعترض رأس فريد فسمع صوتاً يصيح به في جزع: فريد ... فريد وطي دماغك عن الباب.
نظر فريد إلى صاحب الصوت، فوجده نجيب في شرفة حجرة مدير السينما.
كافح الموسيقار البسيط مع أخته المطربة نادية في سبيل الرزق . يعثران على عمل بأحد الملاهي إلا أن المدير يطردهما لامتناع نادية عن مجالسة الرواد . يعانيان من العذاب والتشرد . تقع نادية في حب الثري محيي الذي يتفق معها على الزواج ولكن والدته تعارض .
أما وحيد فهو يحب أيضًا فتاة ثرية ويتفق مع أخيها على الزواج منها . يتزوج محيي من نادية غير عابئ بأمه وينجح وحيد في تقديم الأوبريت التي كان يحلم بإخراجه .
و من أشهر أغاني الفيلم الاوبريت اللي جمع بين البلبل فريد و الرائعة اسمهان ..انتصار الشباب
" أوبريت ليالى الأندلس"
- فريد و أسمهان من فيلم إنتصار الشباب تأليف : أحمد رامى 1941 قصة : عمر جميعى حوار : بديع خيرى سيناريو و إخراج : أحمد بدرخان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
أشرف الزيات فريديّ أصيل
عدد المساهمات : 9892 تاريخ التسجيل : 05/12/2012
موضوع: رد: خفايا فلم انتصار الشباب 23/7/2014, 13:14