عزيزتى لا تقلقى ستكونين على ما يرام انت الآن فى المستشفى وتحت عناية فائقة من الطاقم الطبى ونحن سنكون معك طوال الوقت لن نفارقك
تنظر زوجتى بنظرة حزينة مكسورة لعلها لا تصدقنى لا لا فهى تعلم اننى لم اكذب عليها قط وها هى صغيرتنا ذات العشرة اعوام تمسك بهذا المكعب السداسى الأوجه لكنها خطفت نظرة سريعه لأمها عندما وجهت كلماتى لها ثم ما لبثت ان عادت لتديره فى عدة اتجاهات مختلفة وبسرعه شديدة وأنا انظر لزوجتى المريضة على فراشها وبدأت اعد من واحد لعشرة: واحد اثنان ثلاثة أربعه خمسة ستة سبعه ثمانية تسعه عشرة
زوجتى العزيزة على فراش المرض تشيح بوجهها بعيدا والدموع مكتومة فى عينيها تنطق بلسان الحال كفى كفى
وأنا أضع يدى على فمى كى لا أكرر هذه الأرقام مرة أخرى وابنتى فى نفس اللحظة تدير مكعبها بسرعة وفى اتجاهات مختلفة وتكاد لا تلتفت لأمها المريضة وأنا أحاول أن ألومها لكن أنا الآخر أجاهد كى
لا لن أكرر هذه الأرقام الكريهه مرة أخرى
كلما نظرت لعينيها أجد مزيجا من الأحزان والحسرات أظنها تذكر يوم الخطوبة السعيد والأقرباء يتهامسون عن جمال فستانها وعن ابتسامة العريس ووده الزائد او لعلها تذكر يوم عقد القران وهى تبدو كالزهرة فى البستان والفتيات يتخاطفن باقات الورود وهى تزهو بحسنها وبدخولها بيت الزوجية
أو لعلها تذكر يوم ولادة ابنتنا الوحيدة وكان وجهها وضاءا كوجه القمر ليلة اكتماله
لم تكن تعلم أننى وابنتى سنكون سبب تعاستها وأن نخرجها من حلمها القديم لأسرة سعيده الى عالم غريب الأطوار نحيا فيه معها بأجسادنا وقد سلبتنا بعض الاشياء التافهه سلبتنا أرواحنا
كم اعطتنا من عمرها من قوتها من أمالها وهى سمحة النفس ونحن ماذا اعطيتاها؟؟؟ (واحد اثنان ثلاثة) حتى قبل أن نتوحد مع أشيائنا الغريبة (أربعه خمسة ستة سبعه ثمانية تسعة عشرة) لم نعطها شيئا من أيامنا أو سعادتنا حتى خارت قواها وأصبحت ممدة على فراش المرض ولعلها تتمنى الموت على أن تعيش مع أجساد تمارس تلك الطقوس الرتيبة التى تقتلها ببطء اذن فأهلا بالموت ان كان سيخلصها من تلك البلادة وحالة اللاموت واللا حياة!!!1
واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة آه يا زوجتى العزيزة سبعه ثمانية تسعة عشرة ياابنتى هل لك أن تتوقفى قليلا عن تحريك المكعب بهذه السرعه حتى ولو فى الوقت الذى أبدأ أنا فيه بالعد؟؟؟
لكن لماذا اظلمك وأطلب منك أن تفسدى متعتك بيديك لأستمتع أنا بأرقامى
نظراتك الحزينة اليائسة ماذا أفعل معها الآن؟؟آه يا الهى ما هذا؟؟ المحلول يتوقف فجأة الجميع مشغولون بالخارج بالحالة التى جاءت فى حادث منذ لحظات ولن يصل أحد من المسعفين وزوجتى الحبيبة صارت تأخذ انفاسها بصعوبة هى تحرك رأسها يمينا ويسارا وها هو معدل نبضات القلب يتهاوى وتتهاوى معه يد زوجتى التى تحاول أن تشير الينا ما ذا أفعل واحد اثنان ثلاثة آآآآو أربعه انتهى أيتها الأرقام بسرعه خمسة ستة ماذا بعد الستة وماذا عن نبض القلب الآن سبعه ثمانية ابنتى العزيزة حاولى أن تنقذى أمك وستدعى أحدا التفتى اليها ارجوكى والابنة أصبحت تحرك مكعبها بشكل أسرع من المعتاد وصارت تعيش داخل مكعبها ولا تسمع صوت أنين أمها ولكن حركات المكعبات الصغيرة تحتك ببعضها وأنا ثمانية تسعة عشرة واحد اثنان مرة اخرى سامحينى يا زوجتى أنفاسك هذه وكأنها تخرج من صدرى لكن أنا عاجز عن فعل شئ ولم أكن أيضا من قبل قادرا على فعل شئ
بدأت الملاءة فوق صدر زوجتى تقل حركتها للأعلى وللأسفل هاهى قاربت على السكون تماما كأنفاس زوجتى الطاهرة
ونبضات ذلك القلب الابيض تصل الى الصفر القلب الذى طالما أحبنا ابنتى هل أنهيت ترتيب المكعبات اقولها بنظرة خاطفة لابنتى التى كانت بدات تشاهد توسلات امها وعينيها المغرورقتان بالدموع ويدها التى اصبحت بلا حراك ولكن كان لابد من أن تزيد سرعتها فى تحريك المكعب وهى تنتفض ويسيل العرق على وجنتيها
لحظات يدخل الطبيب والتمريض يهرعون الى سرير زوجتى يحاولون انعاش القلب المريض الذى تلقى الطعنة الاخيرة فى آخر لحظة من حياته الطعنة التى لم تدع مجالا لأى انعاش طبى ولتغمض العينان الجميلتان على مشهد آخر درامى من حياة مكسورة لأسرة توحدت ولكنها لم تتوحد يوما ما