في مثل يومه 6 يونيو من عام 1961.. صدر العدد 514 من مجلّة «الكواكب».. وقد كتب رئيس تحرير المجلّة، الأستاذ مجدي فهمي، في ركن «ناس وحكايات من بيروت» عن عودة "الفريد" ليغنّي في لبنان.. بعد غياب سبع سنوات: ”كانت قاعة سينما ريفولي مليئة على اتّساعها بالنّاس. ناس من كلّ طبقة، من كلّ بلد، من كلّ عمر، جاءوا جميعاً يسمعون فريد الأطرش الذّي وقف لأوّل مرّة، بعد سبع سنوات كاملة، يغنّي في لبنان. كان يغنّي من قلبه: «حبيبي سلامتك سلامة ابتسامتك». وسمعت همساً خافتاً كأنّه الصّلاة إلى جواري. واستدرت لأجد سيّدة جليلة يختفي وجهها كاملاً وراء حجاب رقيق. وسمعتها تقول: «سلامتك انت يا حبيبي». وظننتها تدعو لابن غائب، فابتسمت من قلبي. وسألتني بعد تردّد: هل أنت من القاهرة؟ فأجبتها: نعم. هل أنت صديق لفريد؟ فرددت على محدّثتي الّتي أسمعها ولا أراها: نعم يا سيّدتي. فقالت في صوت خفيض: «بربّك اطلب إلى أقرب النّاس إليه أن "يرقيه" فهو اللّيلة معرّض للحسد». وصدّقوني أنّ ما قالته جارتي المختفية وراء حجاب كان صحيحاً.. فقد غنّى فريد ليلتها كما لم يغنّ في حياته.. ولأوّل مرّة أرى جمهوراً يصرّ على سماع تقاسيم فريد قبل أن يسمع صوته. وقد نسي فريد ليلتها عوده، فاضطرّ إلى أن يرسل من يحضره، ثمّ احتضنه وراح يصلح أوتاره مدذة ربع ساعة كاملة كان الجمهور يحبس خلالها أنفاسه حتّى لا يعكّر صفو الفنّان.. وقسّم فريد.. وغنّى.. وأحسست أنّه عاشق ينبض قلبه نغماً.. وأحسست أنّ كلّ واحد ممّن كان يسمعه كان في حفل عشقه“.. وكانت صفحة «حدث هذا الأسبوع» قد نشرت خبرين حول "الفريد": «فريد الأطرش أهدى صباح لحناً لإحدى أغنيّات «الحبّ كده». الفيلم من إخراج محمود ذو الفقار وقد انتهى التّصوير منه هذا الأسبوع».. و«الفيلم الّذي سيقوم ببطولته فريد الأطرش لحساب استوديو مصر سيبدأ تصويره في الأسبوع الأوّل من يوليو القادم.. بلاتوهات استوديو مصر أدخلت فيها آلات تكييف الهواء».. أمّا بصفحة «بيني وبينك».. حيث يقدّم "طرزان" أجوبة هزليّة عن رسائل القرّاء.. فقد كتبت مواطنة من البحرين: نحن نحسدكم لأنّكم تشاهدون فريد الأطرش وتسمعون وتشاهدون حفلاته.. وتساءل مواطن من غزّة: متى نرى مطربنا فريد الأطرش في حفلات أضواء المدينة؟.. ورفقته.. ومن أجل ذكرى الزّمن الجميل.. ومتعة الرّوح.. رائعة «حكاية غرامي».. من فيلم «من أجل حبّي» (1959)..