لم يسبق أن تعرض فنان عربي -لأي بلد انتمى -إلى هذا الكم من الجدل كما تعرض له فريد الأطرش.. وقد يكون السبب الرئيس وراء هذا الجدل هو «شخصية» فريد الإنسان، والفنان، فالظروف التي رافقت ولادته والمراحل التي جاءت بعدها تركت تأثيراتها وتداعياتها المباشرة على شخصيته، وأبرزها مقتل «أسمهان توأم روحه-كما كان يسميها- ومرحلة عدم الاستقرار التي جعلت الأسرة تنتقل بين بلدان عدة.. هي تركيا وسوريا وفلسطين ولبنان ومن ثم مصر وهي المحطة الرئيسة لرحلته إلى عالم المجد والشهرة.. والخلود.
كانت الحرب الدائرة في جبل العرب بسوريا بين آل الأطرش والفرنسيين وراء هروب أسرة فريد إلى مصر العام 1923. واستطاعت الأم بذكائها أن تدخل مصر من دون أي أوراق رسمية بحجة معرفة رئيس وزرائها حينذاك سعد زغلول الذي رحب بالأسرة وصرف لها معاشا شهريا لبضعة أشهر قبل أن تسقط وزارته.. مما جعل الأم تعمل في النهار وتغني في الأفراح ليلا لتعيل أبناءها الثلاثة فؤاد وفريد وأسمهان.. يمكن القول إن فريد الأطرش ولد في الزمن الصعب سياسيا واجتماعيا وفنيا.. وفي هذا الإطار الفني يمكن الحديث عن مشواره المضني أيضا إلى عالم الغناء والموسيقى في زمن يوجد فيه عمالقة سبقوه إليهما أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ورياض السنباطي ومحمد القصبجي وزكريا أحمد وغيرهم، مما جعل مشوار ه مع أخته أسمهان أكثر صعوبة لأسباب ذكرتها وأخرى لن أذكرها لأنها معروفة نتيجة التكرار.. رائد «الأوبريت» مر فريد بمراحل عدة قبل أن يصبح فريد الأطرش الذي نعرفه كموسيقار ومطرب قدم مئات الألحان لنفسه ولأخته أسمهان ولعشرات المطربين العرب وكان أول فنان عربي على الإطلاق يقدم الاستعراض في السينما، من خلال «أوبريتات موسيقية غنائية راقصة» أبدع في ألحانها وغنائها مع أسمهان، وصباح، ونور الهدى، وعصمت عبد العليم، وغيرهم. ويحسب له -ولو أن هناك من لا يزال يعمل على طمس تاريخه وتفرده بكل الوسائل -أنه قدم هذا النوع من الفن وكان رائدا له وقلده فيه كل من غنى في عصره مثل محمد فوزي وليلى مراد وعبد العزيز محمود وكارم محمود إلى جانب عدد آخر من الفنانين من بينهم نعيمة عاكف وفيروز الصغيرة «وانتشرت ظاهرة الأفلام التي تنتهي بأوبريت استعراضي من بداية الأربعينات حتى نهاية الخمسينات.. وكان أول فيلم لعبد الحليم حافظ العام 53 «لحن الوفاء» يتضمن هذا الأسلوب في تقديم الاستعراض الغنائي.. لكنه لم يتكرر معه لأسباب عديدة لا داعي لذكرها الآن. عازف ماهر لماذا كان فريد مثيرا للجدل؟ لأن هناك من أراد أن يضعه دائما في الصف الثاني من الملحنين.. على اعتبار أنه تلميذ في مدرسة رياض السنباطي الذي شارك في تعليمه العزف على العود أثناء وجوده في معهد الموسيقى في القاهرة.. ولكن فريد كان ماهرا في العزف على هذه الآلة قبل أن يلتحق بالمعهد.. فقد تعلمه على يد والدته التي تجيد العزف والغناء أيضا وهو في سن صغيرة، كما بات معروفا. وكان مدحت عاصم مدير الإذاعة المصرية وقتذاك قد سمعه يعزف في أحد أستديوهات الإذاعة وعندما دخل عليه الأستديو وجد نفسه أمام شاب يافع نضر الطلة لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره ومن يومها عمل فريد في الإذاعة وقدم له مدحت عاصم لحنا من ألحانه بعنوان «ميمي أو من يوم ما حبك فؤادي « وبعدها غنى «أفوت عليكي بعد نص الليل لما تنامي» من ألحانه وأثارت كلماتها بعض المسؤولين في الإذاعة لأنها- كما قيل- تخدش الحياء «لكن فريد سرعان ما قام بعمل استفتاء شعبي عليها بعد أن غناها عند سفح الهرم العام 1939بوجود الملك فاروق» ومن بعدها اعتمدت في الإذاعة «وبدأ فريد رحلته مع اللحن والكلمة وقدم ألحانا لا تنسى ولا تزال تعيش في الوجدان لنفسه ولغيره من المطربين ولأسمهان بصورة خاصة لأنها حظيت بأكبر عدد من الألحان وربما بأجملها مثل «أهوى» يا بدع الورد يا جمال الورد» واللحن الخالد «ليالي الآنس في فينا، وغيرها الكثير «باستثناء أوبريت وثنائيات فيلم انتصار الشباب الذي مثلاه معا. الإحساس بالظلم ما كان يراد لفريد أن يتخطى غيره من عمالقة الموسيقى الذين التفوا حول» أسمهان «وقدموا إليها روائعهم.. وبشكل خاص محمد القصبجي لكن ذلك لا يعني التقليل من شأنه لرفع شؤونهم.. فلكل مجتهد نصيب كما يقول المثل وينبغي تقييم اللحن وليس عمر المبدع وتجربته.. فإذا كان هؤلاء العمالقة قد سبقوه فهذا ليس ذنبا يتحمل وزره، وما الذي يمنع أن يكون بينهم إذا كان يستحق ذلك من دون وضع اعتبارات لا تقدم ولا تؤخر: وتدخل في باب المنافسة أو المحاربة أو الغيرة هذا يحدث في كل المجالات الإبداعية وفي كل مجتمع. وفي كل زمن.. لكن فريد لم يكن يرضى بأن يحل ثانيا بعد عبد الوهاب على اعتبار أنه مطرب وملحن وليس ملحنا فقط.. وبالطبع هناك من كان يساند فريد في موقفه وهناك من كان يرفض « ولا يكتفي بالرفض وإنما يحرض ويشاكس ويشن عليه الحملات.. وهذا الوضع لا يزال قائما حتى الآن عبر مواقع الإنترنت» والفيس بوك حيث تكثر الصفحات الخاصة بالفنانين العمالقة وتحديدا فريد الأطرش الذي يعتبره جمهوره مظلوما سواء في الإعلام أو في التقييم خصوصا وأنه تعرض لمنافسات غير شريفة ولنوع من المؤامرات جعلت أم كلثوم» ترفض الغناء من ألحانه كذلك عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة.. وقد اشعلت الصحافة نار المنافسة بين فريد وعبد الحليم في الستينات ولا تزال مشتعلة حتى الآن رغم رحيل كل عمالقة ذلك الزمن الجميل.. وإنصافا لفريد أقول إن الجدل الذي أثاره لم يكن كله سلبيا وإنما فيه الكثير من الإيجابية حيث سبق الجميع في الوصول إلى العالمية بتوزيع ألحانه أوركستراليا عن طريق الموسيقار الفرنسي الشهير فرانك بورسيل الذي أعاد توزيع مقدمة أغنية «حبيب العمر» «ونجوم الليل» و«رقصة ليلى» كما أدى العديد من المغنين الكبار أغانيه باللغات الفر نسية والروسية والتركية وحتى الصينية.. كان حلم فريد الأطرش أن تصبح موسيقانا العربية الشرقية «عالمية يسمعها الغرب كما يسمعها الشرق وقد تحقق له ولألحانه ذلك لكن الظاهرة لم تعمم بعد رحيله ومن الأقوال التي قد تعطي فريد الأطرش حقه كموسيقار فريد ما قاله بليغ حمدي بعد رحيل فريد بأيام: «قد يأتي من يفهم أكثر منا في الموسيقى ليقيِّم فريد موسيقيا» فقد تجاوزت موسيقاه «القوالب الجاهزة» وأصبح لديه تيماته الخاصة التي مزج فيها بين عذوبة الشرق وتكنيك الغرب.. في الذكرى التاسع والتلاتون لملك العود الموسيقار فريد الأطرش نقول: إن فريد لا يزال فريدا. > > [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [/size]
مهدي سعدان فريديّ أصيل
عدد المساهمات : 8706 تاريخ التسجيل : 22/10/2010
موضوع: رد: فريد لايزال فريدا 13/8/2014, 01:16
شكرا لك الأخ الكريم وليد علبي على نقلك لنا هذا المقال للاستاذة عواطف الزين مشكورة هي أيضا و تقبل تحياتي
فريد لايزال فريدا الف شكر استاذنا القدير وليد علبى المقال عن موسيقار الازمان حبيب حياتنا كلنا فريدالاطرش الذى عانى من الظلم والاضطهاد طوال مشواره الفني ومازال مضطهادا من الاعلام المصري حتى الان اشكرك جزيل الشكر لمجهودك الكبير وتواصلك الدائم بارك الله فيك ودمت ذخرا لمنتدانا الحبيب والشكر موصول لكاتبة المقال(عواطف الزين)
نعيم المامون ضيف شرف
عدد المساهمات : 4503 تاريخ التسجيل : 23/07/2011
موضوع: رد: فريد لايزال فريدا 14/8/2014, 03:07
وليد علبي كتب:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ومن الأقوال التي قد تعطي فريد الأطرش حقه كموسيقار فريد ما قاله بليغ حمدي بعد رحيل فريد بأيام: «قد يأتي من يفهم أكثر منا في الموسيقى ليقيِّم فريد موسيقيا» فقد تجاوزت موسيقاه «القوالب الجاهزة» وأصبح لديه تيماته الخاصة التي مزج فيها بين عذوبة الشرق وتكنيك الغرب.. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size][/color]
أخي الحبيب.. الفريديّ الغيور.. الأستاذ وليد علبي ألف شكر لحضرتك على هذا المقال الجميل.. إنّ الموسيقار الرّاحل بليغ حمدي.. بعد رحيل فريد الموسيقار فريد الأطرش.. لم يكفّ عن الثّناء عليه.. والتّنويه بموهبته.. بل تأثيره فيه وتأثّره به.. وهناك كتابات وأحاديث ومواقف موضوعيّة مُنصفة لموسيقار الأزمان.. وهي كثيرة والحمد لله.. وكثيرون هم زملاء "الفريد" الّذين اعترفوا له بموهبته الفذّة.. سيّما بعد وفاته.. ورحيل منافسهم القويّ والخطير.. وعلى رأسهم محمّد عبد الوهاب.. والقائمة طويلة.. ومن ثمّة فقد صدق فيه قول الشّاعر الأمير أبي فراس الحمدانيّ: «سَيَذْكُرُني قَوْمي إِذا جَدَّ جِدُّهُمُ *** وَفي اللَّيْلَةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْرُ» وتقبّل أخي الكريم.. خالص مودّتي وصادق احترامي وتقديري
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37541 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
موضوع: رد: فريد لايزال فريدا 14/8/2014, 11:57
اميرة المنتدى زهر الحب اشكرك جزيل الشكر على ماتفضلت به من مشاركة مشجعة وراقية تحمل ضمن طياتها اواصر المودة دمتي ذخرا للمنتدى الحبيب وتقبلي خالص امتناني وتقديري
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37541 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
موضوع: رد: فريد لايزال فريدا 14/8/2014, 12:04
اخي القدير نعيم المأمون تحية تقدير واعجاب لما تخطه يداك من روائع اتابعها بشغف واعمل على تعميمها لتكون نمودجا لتوثيق مسيرة الخالد بفنه فريد الاطرش دمت متألقا ولك مني اصدق الامتنان والاحترام