الحان عبدالوهاب مزيج من الحان الاخرين

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قبل الخوض في اقتباساته من ألحان فريد الأطرش ألحان عبد الوهاب مزيجٌ من ألحان الآخرين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فريد الأطرش
رغم المعارك حامية الوطيس التي خاضها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في ستينيات القرن الماضي لإقصاء الموسيقار خالد الذِكر فريد الأطرش عن الساحة الفنية لصالحه ولصالح العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ دون أن تصيب غَرَضَها، إلا أنَّ عبد الوهاب حينما كان يأتي على ذكر فريد الأطرش لم يكن ينتقد أعماله الفنية بل كان ينتقد شخصَه بالقول بأنه ((وِدَني))، أي يستمع للنميمة أو الوشاية فيصدِّقها، ويقصد عبد الوهاب بذلك أنَّ فريد الأطرش كان يصدِّق ما ينقله إليه أحباؤه وأصدقاؤه وأصحابه الغيارى عليه من أنَّ عبد الوهاب يسعى لإقصائه عن الساحة الفنية لصالحه ولصالح عبد الحليم.. والحقيقة أنَّ فريد رأى بأم العين ومنذ مطلع الستينيات وحتى وفاته عام 1974 المكائد التي حاكها ضده عبد الوهاب وعبد الحليم لإقصائه وإنهائه فنِّياً وكان بالتالي بغنىً عن أن يسمع ذلك من أحد، وقد خصَّصنا حديثنا السابق لهذا الأمر..
إنَّ عدم انتقاد عبد الوهاب لألحان فريد الأطرش معناه أنَّ الأول كان معجباً أيما إعجاب بألحان بلبل الشرق، وخير دليلٍ على ذلك ما سنكشف عنه ولأول مرة وهو أنَّ موسيقار الأجيال قد استعار من ألحان فريد جملاً لحنية بكاملها وضمَّنها أهم ألحانه، لتُشَكِّلَ جُمَلُ فريد الموسيقية العمودَ الأساسي لألحان عبد الوهاب تلك.. ولا يسعنا هنا سوى ترداد ما قاله موسيقار الشباب محمد فوزي في حديثٍ له إلى مجلة ((آخر ساعة)) المصرية بتاريخ 18/ 12/ 1957 (ص22)، إذ قال: ((أما من الناحية الفنية فعبد الوهاب مزيجٌ من زكريا أحمد و(محمود) الشريف ورياض السنباطي و(محمد) القصبجي و(محمد) فوزي وكلِّ مَنْ يستطيع أن يُجري ألحانَه على ألسنة الناس)).. وكان موسيقار القرن الواحد والعشرين عمار الشريعي كثيراً ما يردِّد كلاماً شبيهاً بذلك عندما كان يقول ما معناه أنَّ عبد الوهاب كان مثل النحلة التي تنتقي عَسَلَها من أزهارٍ متعدِّدة، لتعطينا في النهاية عسلاً صافياً طَيِّبَ المِزاجِ مُتْقَنَ الصُنعِ فائقَ الجودة..
وقبل الخوض في استعارات عبد الوهاب من ألحان فريد الأطرش يهمُّنا بدايةً أن نقول أنه ومن خلال تتبُّعنا لأعمال عمالقة الموسيقى العربية بشغفٍ شديد اكتشفنا أنَّ من عادة موسيقار الأجيال التالي:
أولاً، انَّ عبد الوهاب كان يتأثر بكل لحنٍ جديدٍ مميَّز فور ظهوره إلى العلن، كما فعل على سبيل المثال لا الحصر حين ظهور أغنية فريد الأطرش ((إسألي الفجر والغروب)) في فيلمه ((رسالة غرام)) مع مريم فخر الدين والذي عُرض لأول مرة في 22/3/1954، ليقدِّم عبد الوهاب أغنيته ((دعاء الشرق)) بعدها بشهرٍ أو أكثر على المنوال نفسه (وهو ما سنكشف عنه في عددٍ مقبل).. وكذلك عقب ظهور أغنية عبد الحليم ((على قد الشوق اللي في عيوني يا جميل سلِّم)) من ألحان كمال الطويل، ليقوم عبد الوهاب بتلحين أغنيته ((قلبي بيقول لي كلام وانت بتقول لي كلام)) على نسقها ومن المقام الموسيقي نفسه (مقام اللامي).. وفي الندوة التي أقامها الموسيقار كمال الطويل ضمن معرض الكتاب العربي في بيروت عام 1997 (وكان كاتب هذه السطور من ضمن الحضور وقمنا بتسجيل هذه الندوة) ذكر كمال الطويل أنه لحَّن عام 1957 سبع أغنيات لنجاة الصغيرة في مبنى الإذاعة اللبنانية بدون أي آلة موسيقية مكتفياً باستخدام يديه للإيقاع على طاولة من الخشب، ولاحقاً سجَّلت نجاة هذه الأغاني بصوتها بمصاحبة الفرقة الموسيقية، وأنَّ إحدى هذه الأغنيات السبع قام عبد الوهاب باقتباسها كاملةً دون أن يذكر الطويل اسم أغنية نجاة ولا أغنية عبد الوهاب (المعروف أنَّ أغنية عبد الوهاب المقتبسة من إحدى أغنيات نجاة التي لحَّنها كمال الطويل هي ((لأ مش أنا اللي ابكي))، التي ظهرت عام 1959).. وروى الموسيقار الكبير محمود الشريف للدكتورة رتيبة الحفني (مديرة دار الأوبر المصرية في التسعينيات) أنه لحَّن لحناً تقول كلماته ((يا لابسين الملا/ لبس الملا غِيَّة))، فأُعجب عبد الوهاب باللحن وجعل الشاعر أبو السعود الإبياري يؤلِّف كلاماً آخر على هذا اللحن، ثم أعطاه لرجاء عبده (في فيلم ((الحب الأول)) عام 1944) وجاءت الأغنية بعنوان: ((البوسطجيَّة اشتكوا/ من كتر مراسيلي))، وباتت هذه الأغنية من أشهر أغنيات رجاء عبده، ويومها قال عبد الوهاب لمحمود الشريف (حينما جاءه معاتباً): ((لحنك يا محمود نجح واشتَغَل كويِّس، سيبني أَشْتَغَل أنا كمان باللحن ده)).. ويتابع محمود الشريف روايته لرتيبة الحفني قائلاً أنه صَمَتَ وعانق عبدَ الوهاب (راجع كتاب رتيبة الحفني ((محمد عبد الوهاب، حياته وفَنُّه))، ص113، إصدار دار الشروق عام 1991).. وفي الإطار نفسه فإنَّ الموسيقار والأديب الراحل محمد عبد الحميد توفيق زكي كان يصر في مؤلفاته والمقابلات الإذاعية التي كانت تُجرى معه على أنَّ أغنية عبد الوهاب ((أحب أشوفك كل يوم)) ( عام 1928) ليست من ألحان عبد الوهاب بل هي من ألحان الشيخ مرسي الحريري، ومن جهتنا نجهل الكثير من ألحان الشيخ الحريري والتي لا بد استمع إليها الموسيقار زكي في الثلاثينيات من القرن الماضي، وهو لا شك يقصد بكلامه هذا أنَّ عبد الوهاب نسخها نسخةً طبق الأصل..
ثانياً، أنَّ من عادة عبد الوهاب، وخاصةً في السنوات العشر الأولى من تاريخه الفنّي، إذا ما أعجبه لحنٌ للآخرين أن يبني على نسقه ألحاناً عدة وليس لحناً واحداً فحسب، كما حصل مع طقطوقة يغنيها مطرب الملوك صالح عبد الحي، وقد استمعنا إليها ذات يوم من إذاعة الشرق الأوسط المصرية وسجَّلناها، ويقول مطلعها ((ما دام خيالِك في عينيَّ/ ما تفكَّريش يوم أنساكي)) من ألحان المطرب والملحِّن الشعبي البارع أحمد شريف (صاحب الأغاني الأشهر من أن تُعَرَّف: العرق سوس/ إتمخطري يا حلوة يا زينة/ مبروك عليكي عريسك الخِفَّة)، وهذه الأغنية تكاد تكون مغيَّبة عن الإذاعات ونادراً ما يأتي على ذكرها أحد، وقد اقتبسها عبد الوهاب كما هي في طقطوقته ((خايف أقول اللي في قلبي)) عام 1928، ثم عاد واقتبسها في أغنيته ((إمتى الزمان يسمح يا جميل)) عام 1932 بفواصلها ولازماتها الموسيقية وبقفلتها، أي بشحمها ولحمها وعظمها، وكرر اقتباسها في مطلع طقطوقته ((حب الوطن فرض عليَّ)) عام 1933.. وفعل كذلك مع أغنية أم كلثوم ((على بلد المحبوب ودّيني)) من ألحان العملاق الزاهد رياض السنباطي عام 1935، حيث اقتبس عبدُ الوهاب مقدَّمتها الموسيقية وجعلها المقدِّمة الموسيقية لأغنيته ((يا وابور قول لي رايح على فين)) والتي غنّاها في فيلم ((يحيا الحب)) عام 1937، ثم اقتبس مطلعها الغنائي وجعله مطلع أغنيته ((ما احلاها عيشة الفلاح)) والتي غناها في فيلمه ((يوم سعيد)) عام 1939، ثم عاد واقتبس مطلعها الغنائي لثاني مرة وجعله مطلع أغنيته ((مين عندنا زيِّك يا خضرة)) عام 1943..
ثالثاً، أنَّ عبد الوهاب كان يستوحي من ألحان غيره حتى ولو مضى عليها مدةً من الزمن قريبةً كانت أو بعيدة، كما فعل مع أغنية فريد ((أحبابنا يا عين ما هم معانا)) من فيلم ((حبيب العمر)) مع سامية جمال عام 1947، وبنى عليها كل المقدمة الموسيقية لأغنيته ((القيثارة)) (أيُّ سِرٍّ فيك إني لستُ أدري) عام 1954، أو حينما لحَّن أغنيته ((قول لي عمل لك إيه قلبي)) عام 1957 على المنوال نفسه لأغنية فريد ((ما نخبيش عليك)) التي غناها في فيلمه ((آخر كذبة)) مع سامية جمال عام 1950.. أو كما فعل عام 1965 حينما قام باقتباس المقدِّمة الموسيقية لأغنية صباح ((عالضيعة يمَّا عالضيعة/ وديني وبلا هالبيعة)) من مقطوعة موسيقية لحَّنها محمد الموجي في فيلم ((بنات بحري)) عام 1960 (بطولة عبد السلام النابلسي وماهر العطار وآمال فريد) وتحمل المقطوعة اسم الفيلم نفسه ويردِّد الكورال فيها: ((يا بنات بحري/ وانا احب البحري واموت بالبحري يا عيني عالبحري))، أو كما فعل حينما استوحى المقدمة الموسيقية لأغنيته ((النهر الخالد)) من سمفونية تشايكوفسكي ((1812))، ونكاد نكون متيقِّنين من أنَّ عبد الوهاب إنما أراد تقليد إنسيابية الموسيقار محمد الموجي في الأغنية التي لحَّنها لعبد الحليم عام 1953 ((يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا اسمر)) وخصوصاً مقدمتها الموسيقية.. ونحن هنا بغنىً عن ذكر لائحة اقتباسات موسيقار الأجيال الشهيرة من الأعمال العالمية والتي وضعها عام 1964 الصحافي الراحل محمد التابعي، لكن نريد أن نضيف إلى هذه اللائحة آخر أغنية لحَّنها عبد الوهاب وهي قصيدة نزار قباني ((أسألك الرحيلا)) عام 1990 من غناء نجاة الصغيرة، حيث اقتبس عبد الوهاب موسيقى سداسية الإيقاع من كونشيرتو رقم1 لتشايكوفسكي وبنى عليها كامل المقطع الموسيقي الذي يأتي قبل غناء نجاة ((إِنْزَعْ حبيبي معطفَ السَفَرْ/ وابقَ معي أيامَ العُمُرْ))، وقد استخدم فيه عبد الوهاب إيقاعاً خليجياً سداسياً، وقد قمنا بعمل مونتاج بالتتالي لموسيقى سيمفونية تشايكوفسكي وللموسيقى المشابهة لها من ((أسألك الرحيلا)) وأسمعناه لأستاذنا الكبير حسن صبرا عام 1990 حيث فوجىء بمدى تشابه اللحنين بل قل تطابقهما..
رابعاً، أنَّ من عادة عبد الوهاب، حينما كان يبدأ بالتلحين لمطربٍ أو مطربة لأول مرة، أن يستوحي من أجمل ما لحَّن الآخرون لهذا المطرب أو تلك المطربة، كما فعل مثلاً مع فايزة أحمد حينما لحَّن لها أغنية ((حمَّال الأسيَّة)) عام 1957 وهي تكاد تكون نسخة طبق الأصل من الأغنية التي سبق أن لحنها لها الموسيقار كمال الطويل ((أقول له إيه)) (نتمنى عليكم أن تستمعوا إلى أغنية ((أقول له إيه)) عبر الإنترنت، فهي نادراً ما تُذاع وقد تمَّ تغييبها عن الإذاعة المصرية بفعل فاعل، ولتلمسوا لمس اليد مدى تطابق أغنية ((حمَّال الأسيَّة)) معها)، أو كما فعل مع أسمهان حينما شاركته في غناء أوبريت ((مجنون ليلى)) في فيلم ((يوم سعيد)) عام 1939، فإنَّ عبد الوهاب أدخل إلى ((مجنون ليلى)) موسيقى أغنية أسمهان ((نويت أداري آلامي))، التي لحَّنها لها شقيقها فريد الأطرش عام 1937..
خامساً، أنَّ من عادة عبد الوهاب وهو يلحِّن لأي مطرب أن يستوحي جملاً موسيقية من آخر ما غنى هذا المطرب من ألحان الآخرين، كما فعل عام 1975 في أغنية عبد الحليم الوطنية ((المركبة عَدِّت))، التي لحَّنها عبد الوهاب على عجلٍ في خمسة أيام كما يذكر كاتب الأغنية الشاعر مصطفى الضمراني، لتذاع في الخامس من آذار/مارس عام 1975 بمناسبة افتتاح الملاحة مجدَّداً في قناة السويس بعد ثماني سنوات من إقفالها بفعل العدوان الإسرائيلي عام 1967.. هذه الأغنية نرى أنها شبيهة جداً بألحان الموسيقار بليغ حمدي لعبد الحليم، ونكتفي هنا بالإشارة إلى أنَّ جملة ((يا ريِّس المركب يا ريِّسنا/ خَطْوِتْنَا بيك تِكْمَل يا ريِّسنا)) هي نسخة طبق الأصل من جملة ((أي دمعة حزن لا لا لا لا/ أي لحظة جرح لا لا لا لا)) من أغنية عبد الحليم ((أي دمعة حزن لا))، التي لحَّنها له بليغ حمدي عام 1974، وهكذا..
سادساً، أنَّ من عادة عبد الوهاب ملاحقة الفولكلور الشعبي العربي وإدخال ما يعجبه منه إلى أغانيه، ومنها مثلاً أغنية ((الويّ الويّ يا يُمَّة)) (كلمات صالح جودت) والتي لحَّنها لعبد الحليم حافظ عام 1968 ليغنِّيها في المغرب، فنجد أنَّ عبد الوهاب اقتبس لحناً شعبياً شهيراً يُغنَّى في بلاد المغرب العربي على طول الساحل الإفريقي الشمالي ووضعه في مقطع ((قولي لي مين زَيِّك/ والله مالِك زَيّ/ دا البدر من ضَيِّك/ صُعُب عليه الضَيّ))، وهو اللحن الشعبي الذي ظهر في التسعينيات في أغنية حميدي الشاعري وهشام عباس ((لا كان على الخاطر/ ولا كان في النيَّة/ أعشق ولد شاطر/ ملاني حنِّيَّة)).. ومنها أيضاً ما رواه الفنان والمخرج السينمائي الراحل محمد سلمان لـ((الشراع)) في حديثٍ أجراه معه رئيس التحرير الأستاذ حسن صبرا والزميلة ماجدة صبرا مطلع التسعينيات، روى فيه سلمان أنه بينما كان يتناول الطعام مع عبد الوهاب في أحد مطاعم مدينة زحلة اللبنانية عام 1942 كان هناك واحد من النَوَر يعزف لحناً على البزق، فاستدعاه عبد الوهاب وأعطاه بعضَ القروش مقابل أن يكرِّر على أسماعه اللحن الذي يعزفه، ويتابع محمد سلمان قوله بأنَّ هذا اللحن بنى عليه عبد الوهاب المقدمة الموسيقية لأغنيته ((ردي عليَّ كلِّميني/ شوفي عينيَّ صدَّقيني))، والتي غناها عبد الوهاب في فيلمه ((ممنوع الحب)) عام 1942.. ومن جهتنا لدينا تسجيل صوتي لمقابلة إذاعية مع عبد الوهاب يروي فيها أنَّ أم كلثوم كانت حاضرةً معه حفلة افتتاح فيلمه ((ممنوع الحب)))، وما أن بدأت في الفيلم أغنية ((ردِّي عليَّ)) حتى التفتت إليه أم كلثوم سائلةً إياه باستغراب: ((إسمه إيه مقام الأغنية دي؟!)).. وكوكب الشرق معذورة في هذا السؤال لأنَّ الأُذن المصرية لم تعتد على سماع هذا المقام الموسيقي المستعمل كثيراً في العراق، والغرابة في هذا المقام هو أنه ليس له قرار اعتيادي ينتهي إليه عند ختام الجملة الموسيقية كما باقي المقامات، ومن هنا تسميته بالمُحَيَّر وهو الأمر الذي لا تألفه الأُذن ما لم تَعْتَدْ عليه..
سابعاً، أنَّ من عادة عبد الوهاب الإقتباس من الغناء الديني وتجويد القرآن وحتى من الأذان، وقد روت الفنانة شويكار أنها كانت مع عبد الوهاب في سيارة تعبر بهما شوارع العاصمة اللبنانية بيروت في أعقاب نكسة عام 1967، فصودف أن صدح صوت الأذان من أحد الجوامع، فوجدت شويكار عبدَ الوهاب يدندن لحناً شبيهاً بلحن هذا الأذان ويقول ((حي حي حي على الفلاح))، لتستمع بعد بضعة أيام إلى هذا اللحن في أغنية ((طول ما أملي معايا/ وف إيديَّ سلاح))، مع الإشارة إلى أن عبد الوهاب هو الذي صاغ مطلع هذه الأغنية الوطنية (وأكمل صياغة باقي المقاطع الفنان منصور الرحباني) وقد تعمَّد عبد الوهاب أن يُدخل إلى مطلع هذه الأغنية جملة ((حي على الفلاح)).. ومن جهتنا، نرصد اقتباساً آخر لعبد الوهاب من أذانٍ للشيخ عبد الحليم رمضان وهو كثيراً ما يذاع من إذاعة القاهرة، وقد وضعه عبد الوهاب في أغنية ((لبنان الحب)) التي لحَّنها لوردة عام 1982 (كلمات حسين السيد)، وذلك في مقطع ((يآآآآ شجر الأرز في لبنان/ إيه اللي بيجرى في لبنان/ كان ضِلِّك حضن الحيران/ وفروعك تعزف ألحان/ ولا أعظم ريشة فنان/ يآآآآ جبال الصبر في لبنان/ الفجر مصيره مصيره حيبان/ وبعلبك حتشوف النور/ ومصير الأيام حتطول/ وتتاوى كل الأحزان))، وكما تلاحظون فإنَّ كلام الأغنية يتحدَّث عن الفجر، وقد وضع عبد الوهاب أذان عبد الحليم رمضان حينما يُنَغِّم ((الله أكبر الله أكبر)) (وخاصةً التَنَغُّم في كلمة ((الله)) الثانية) في تَنَغُّم كلمة ((يآآآآ)) في أداء وردة، وأَخَذَ القفلة ووضعها في كلمات ((الأرز)) و((لبنان)) و((الصبر)) و((لبنان)) و((مصيره)) و((حيبان))، وأخذ تَنَغُّم الشيخ رمضان في كلمة ((الله)) الثانية ووضعه في جمل: ((كان ضِلِّك حضن الحيران))، ((وفروعك تعزف ألحان))، ((وبعلبك حتشوف النور))، ((ومصير الأيام حتطول))، وهو لحنٌ منسوخٌ طبق الأصل، مع الإشارة إلى أنَّ هذا المقطع هو أشهر ما في تلك الأغنية..
ثامناً، أنَّ من عادة عبد الوهاب إذا ما التقى بأحد الملحنين المبتدئين أن يطلب منه إسماعه آخر ألحانه، أو قد يأتي الملحن المبتدىء إلى موسيقار الأجيال متلهِّفاً ليُسمعه لحنه، فإذا ما أُعجب عبد الوهاب بهذا اللحن سارع إلى ((لطشه)) كما هو وغنائه بصوته أو إعطائه إلى مطربٍ آخر، ليَظْهَر لحن عبد الوهاب وييقى لحن الملحِّن الأصلي طي الكتمان.. وقد حدث ذلك على سبيل المثال مع الموسيقار محمد الموجي، الذي التقى بعبد الوهاب عام 1954، حيث يروي الموجي في حديثٍ للإذاعة المصرية (لدينا تسجيله الصوتي) أنَّ عبد الوهاب طلب منه إسماعَه آخر ألحانه، فانبرى الموجي بكل حماس يُسْمعه لَحْنَين لم يكونا قد ظهرا إلى العلن بعد، فأُعجب عبد الوهاب باللحن الأول الذي يقول مطلعه: ((أكتب لك جوابات واستنى ترد عليَّ/ وابعت لك سلامات يا اغلى من نِنِّي عينيَّ)) فنصح عبد الوهاب الموجي بأن يعطيه للمطربة ليلى مراد لتغنيه (وهذا ما حدث لاحقاً)، بينما لم يقل عبد الوهاب شيئاً عن اللحن الثاني، ليُفاجأ الموجي بعد أسبوعٍ واحدٍ بظهور لحنه هذا بصوت عبد الوهاب ولكن مع تغيير الكلام، وتجنَّب الموجي في حديثه مع الإذاعة المصرية ذكر اسم الأغنية التي ظهرت بصوت عبد الوهاب، لكنَّه كان دائماً ما يذكرها في كواليسه الخاصة، وكان من ضمن من ذكرها لهم الناقد الفني طارق الشناوي، الذي نشرها في مجلة ((روز اليوسف)) في 13/ 5/1991، أي عقب وفاة عبد الوهاب بعدة أيام، قائلاً إنَّ أغنية الموجي التي ظهرت بصوت عبد الوهاب مع تغيير الكلمات هي أغنية ((أحبك وانت فاكرني/ واحبك وانت ناسيني/ عشان طول ما انت هاجرني/ أَفَكَّر إمتى حتجيني)) (كلمات حسين السيد)، فيروي الموجي لطارق الشناوي أنه غضب وذهب إلى عبد الوهاب محتجاً، فاسترضاه عبد الوهاب قائلاً: ((إنَّ الأب عندما يُعجَب بـ((كرافات)) (ربطة عنق) أحد أبنائه فإنَّ من حقِّه أن يستعيرها)).. ومنذ ذلك الحين والموجي لا يُسمِع عبد الوهاب أيَّ لحنٍ من ألحانه قبل أن يقدِّمه للناس..
تاسعاً، أنَّ من عادة عبد الوهاب لاحقاً، وبعدما درج جميع الملحنين الجدد على عدم إسماعه ألحانهم قبل ظهورها إلى العلن خشية أن يسطو عليها، أن راح يتحرَّى بنفسه عن آخر ألحان الملحنين الشُبَّان، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما رواه بصوته لإذاعة صوت العرب في التسعينيات الموسيقار والأديب الراحل محمد عبد الحميد توفيق زكي (وقد سجَّلنا هذا الحديث ونحتفظ به)، إذ روى أنَّ عبد الوهاب التقى بعازف الأكرديون فاروق سلامة أثناء إحدى البروفات الموسيقية عام 1974، فسأله عن آخر الألحان التي يتمرَّن على عزفها، فأجابه فاروق سلامة أنه يتمرَّن على عزف أغنية جديدة لمحرم فؤاد بعنوان ((لولا الملامة يا هوى)) من ألحان حلمي بكر، وكان الأخير آنذاك من الملحنين الشُبَّان، فطلب عبد الوهاب من فاروق سلامة أن يسمعه هذا اللحن، فأسمعه إياه، فسأله عن اسم الشاعر الغنائي الذي كتب هذه الأغنية، فأجابه: مرسي جميل عزيز.. حينها أرسل عبد الوهاب بطلب الشاعر الغنائي الكبير وأعلمه بأنه يريد كلام ((لولا الملامة)) له ليلحِّنه، فأُحرج مرسي جميل عزيز ووافق على طلب عبد الوهاب، الذي أعطى الأغنية لوردة الجزائرية.. ومن جهته فإنَّ الموسيقار والأديب محمد عبد الحميد توفيق زكي يقول في الحديث نفسه إنَّ لحن عبد الوهاب ((لولا الملامة)) بصوت وردة هو نفسه لحن حلمي بكر، وخاصةً أنَّ بكر كان قد أسمعه لحنَه.. أما حلمي بكر فيروي قصة هذه الأغنية في البرنامج الإذاعي نفسه قائلاً إنه قصد مدينة الإسكندرية ذات ليلة من عام 1974 بصحبة مرسي جميل عزيز وسهرا في سيارته حتى طلوع الشمس، مرسي يؤلِّف وبكر يلحِّن، ثم قصدا مطعماً يقدِّم الفول وجلسا على المائدة وهما يصفِّقان ويغنِّيان أغنية ((لولا الملامة)) حتى أثارا انتباه الحضور ودهشتهم.. ومن جهتنا نريد هنا أن نضيف شيئاً آخر لا يقل خطراً عما حصل، إذ قمنا عام 1998 بتسجيل حلقة من البرنامج الإذاعي ((شاهد على العصر)) والذي كان يقدِّمه في إذاعة القاهرة رئيس الإذاعة المصرية آنذاك الشاعر عمر بطيشة، والمقابلة كانت مع واحد من عمالقة الإذاعة المصرية محمد محمود شعبان، الشهير بـ((بابا شارو))، والذي كان يرأس الإذاعة المصرية طوال السبعينيات من القرن الماضي.. لقد ذكر بابا شارو أنَّ عبد الوهاب كان يتَّصل به، أثناء رئاسته الإذاعة المصرية، ليطلب منه أن يمتنع عن إذاعة ألحان حلمي بكر، محرِّضاً إياه ضدَّه واصفاً ألحانه بأنها رديئة، فرفض شعبان تلبية غرضه رفضاً قاطعاً.. وكان هدف بابا شارو من رواية هذه الواقعة أن يقدِّم دليلاً على عدم استجابته للتدخلات الخارجية في العمل الإذاعي حتى لو أتت من عبد الوهاب نفسه.. وهنا نريد من جهتنا أن نربط بين سعي عبد الوهاب إلى منع إذاعة ألحان بكر في الإذاعات المصرية وبين سرقته لحناً من ألحانه، إذ من الطبيعي أن تكون ثارت قيامة حلمي بكر في الوسط الفني ومجالسه الخاصة متَّهماً عبد الوهاب بسرقة لحن "لولا الملامة" منه، لذا سعى عبد الوهاب إلى معاقبته بأن حاول منع إذاعة ألحانه في الإذاعات المصرية..

حسين أحمد صبرا

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الف شكر لك استاذنا القدير
<<< وليد علبي >>>
على هذا المقال الفاضح
والذي اصبح جليا لكل من يعرف النقد الفني
وهكذا ما بني على فاسد فهو فاسد
والنتيجة ان الالقاب التي نالها كانت بلا معنى وبلا اساس
وفي النهاية فان الحق والحقيقة هي التي تعلو
والتاريخ هو الي يسجل ويحكم بكل عدل وبدون تحيّز
دمت مشرقا ورائدا متميزا
وذخرا للموسيقار ومنتداه الزاهر ولنا جميعا
مع خالص المودة والتقدير
واطيب ااماني
والشكر موصول للاستاذ
(( حسين احمد صبرا ))

استاذي القدير ابو وحيد
مطالعة مهمة تدخل الى عمق الحقيقة
التي كما قلت تنجلي عن واقع مزيف بادعاء الابداع لمن لايستحقه
ولكن التاريخ في المرصاد وهو المنصف
وما ستأتي به الايام سوف يظهر الصورة اكثر وضوحا
بتوثيق عالمية الموسيقار وعظمة نبوغه
دمت رائدا مبدعا فيما تطرحه
وتقبل خالص الامتنان وفائق الاحترام

المصدر: منتديات الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان- http://freed.arabstar.biz/

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» خدعة عبدالوهاب
» خدعة عبدالوهاب
» فريد الاطرش.. في عيون الاخرين
» مقارنة بين ورد اسمهان وورد الاخرين بقلم محمود الاحمدية
» صور للموسيقار مع عبدالوهاب