Naif Ali ليتنا نحكم على جوهر الأمور وليس على الظاهر والقشور... أغرب ما في موضوع الغناء والتلحين في الوسط العربي، أنّ المنافسة في هذا المجال غير مبنية على قواعد وأسس موضوعية بحتة، بل إنها مبنية على اعتبارات شخصية واهية لا تمت لعالم الفنّ الراقي بأيّة صِلَةٍ.. لقد حورب فريد الأطرش ليس فقط لأنه الأعظم في مجال الفنّ، بل لأنه لا ينتمي إلى فئة معيّنة بالذات، أو ربما وهذا هو الأنكى، لأنه ينتمي إلى فئة معينة لا تروق لأولئك الحاقدين والحاسدين، وهم للأسف كثر، وهذا الأمر هو أعجب العجب!!! ما علاقة العبقرية في الانتماء؟ لماذا حورب فريد الأطرش؟ أليس لأنّ موسيقاه فيها من السحر ما لا نجده عند الآخرين؟ أليس لأنّ صوته فيه من العَظَمَةِ ما لا نجده عند الآخرين؟ أليس لأنه ملك العود على مر السنين؟ والسؤال الذي يقض المضاجع هو، هل يعقل أن يحارب العظيم لا لسبب إلّا لكونه العظيم في مجاله؟ أليس حَرِيّاً أنْ يُكَرَّمَ فريد الأطرش من أبناء شعبه أوّلاً ؟ أليس غريباً أنْ يطالَ التعتيمُ أعمالَ فريد الأطرش ؟ أليس مخزياً أنْ يُعدَمَ تراثُه من أرشيف التلفزيون المصري وبحجة واهية أنّ هذا التراث يشغل حيّزاً كبيراً من الأرشيف ؟ لماذا كرّمَ الغربُ فريد الأطرش ؟ أليس لكونه عبقرياً ؟ لماذا يُكَرٍّمُ الغربُ العباقرة من كل أرجاء العالم، بينما نحن العرب لا نكرم إلا من ينتمي إلى الفئة التي ننتمي إليها ؟ هل تختلف مقاييس العبقرية من مكان لآخر؟ عندما نتعلم أنّ الحكم على الأشخاص منوطاً بقيمتهم الإنسانية والعالمية، سنعرف كيف نكرم العظماء، عرباً كانوا أم غرباء... لقد أصبح فريد الأطرش عالميّاً بعبقريته الفنية التي لا تجارى، وتخطّى بها كل الحدود فأصبح العالم كله بيتَهُ وصار مسرحاً واحداً لأعماله الخالدة.. لقد صدق الكاتب المصري الكبير توفيق الحكيم عندما قال : " الأُمّةُ الحَيَّةُ يحيا فيها أمواتُها ،و الأُمّةُ المَيِّتَةُ يموتُ فيها أحياؤُها"... أمّا أنا فأقول : الأُمّةُ التي لا تُكَرِّمُ عُظَماءَها لن تستطيعَ إنجابَ العظماء ،وأمَّةٌ هذه هي حالها لا تستحق الحياة... نقطة سطر جديد!!! لقد صدق النابغة الذبياني عندما قال، وكأنه يخاطب فريد الأطرش: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أعْطاكَ سَوْرَةً تَرى كُلَّ مَلْكٍ دونَها يَتَذَبْذَبُ فَإِنَّكَ شَمْسٌ والمُلوكُ كَواكِبٌ إذا طَلَعْتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهُنَّ كَوْكَبُ