أغنية: قالت لي بكره كلمات الشاعر والزجّال: حسين السيد لحن وأداء: فريد الأطرش
قالت لي بكره و دحنا بكره لو صدقت تبقى موش بيعاني لو خلفت موش ح أقول نسياني ح أقول بكره هو اللي ما جاشي وح استنى ليه ما استناشي لحد بكره؟ *** وليه الحيرة بتّسبق في قلبي وفايتة بتّمسي؟ حرام يعني الأمل يشفق عليا مرة من نفسي واللا يعني كتير عليا فرحتي الحلوة اللي جاية؟ مش جايز تصدق وتجيني واتكذب خوفي ماليني؟ *** طلعت يا فجر بدري مش كنت تستنى فجري؟ كان بدي تستنى اشوية وأعرفك بيها واتشوف الفجر على أصله في اخدودها وعينيها لو شفتها واعرفتها حسنك يتوه فيها زمنها جاية كمان شوية لو حتى غابت سنة عليا دا وعد منها ومنها هي لا غرابة في مضمون هذه الأغنية القصصي، فقد ألـّفها الشاعر الكبير "حسين السيد" المعروف بنصوصه الغنائية الدرامية، ومن ضمنها ما تغنى به هذا الفنّان الكبير من أنغام جميلة، مثل (ارحمني و طمني) و(يا بو ضحكة جنان) و(أكلك منين يا بطة) والأخيرة من أغاني الأطفال، وقد شدت بها الفنانة "صباح" وغيرها العديدات، فهي جميعها تتسم بهذا الطابع الغنائي المتميز والنادر، ولا غرابة أيضاً، في أنْ تظهر للأسماع بهذه الروعة، فوراء ذلك، تقف قامة موسيقية عظيمة، وخامة صوتية فريدة، في عطائها الفنّي. إنّ المتتبع للمنجز الغنائي والموسيقي للفنّان الراحل "فريد الأطرش" روحاً لا فناً، يعرف أنّه كان على الدوام، يتفاعل مع النصوص الغنائية، التي لا تجنٍّ في كلماتها على الحبيب، فهو سامٍ في حياته وفي فنّه، ويترفع على مجرد معاتبة الحبيب، ففي أعماله الغنائية نجده سمعاً، ينحى إلى جلد الذات ويحيا على الأمل، وهذا ما تظهره لكم معاني هذه الأغنية، التي من مطلعها، يرفع عقيرته عالياً، في المقطع الذي يقول فيه (ليه ما استناشي لحد بكره؟) مُمطـّـطاً في كلمة (ليه) بنفسه الطويل، الذي عِهدناه عليه في مثل هذه المواضع من أغنياته الطويلات الزمن، ومُحتجاً بها على كل من يلومه على انتظاره الذي سيطول، فقد حسم الأمر من بداية الأغنية بحزم ٍو صبر، حالما وضع احتمال انتفاء مجيء حبيبته، حينما ينشد: لو صدقت تبقى موش بيعاني لو خلفت موش ح أقول نسياني وتحسباً لأيةِ نصيحةٍ، قد تأتيه من أحدهم، لينهي بها انتظاره، وقبل ذلك، ليضع نهاية لظنونه ويسدّ الباب أما مخاوفه، نظراً لما لاقاه في التجارب التي مرّ بها قبل ذلك، فهي ليست المرة الأولى، التي يتعرض فيها لمثل هذا الموقف، كما تبيّن لمسامعي. عموما فإنّ مقدمة الأغنية الموسيقية، التي استهلتها الفرقة الموسيقية بآلة القانون، تبيّن و تعطي من الوهلة الأولى، إحساساً بأنها أغنية زمنية، أي بقصد، أنّ في مضمون كلماتها، يكمن العامل الزمني، وهو انتظار الموعد، فنقرات العازف على آلة القانون، وأظنه قائد الفرقة الماسية المايسترو "أحمد فؤاد حسن" هي من توحي بهذا الإحساس التمهيدي الذي درج عليه "فريد الأطرش" في ألحانه وموسيقاه وأغنياته، ثم يندبُ حظـَّـه العاثر، الذي بدأ يُسرِّب إليه شيئاً فشيئاً، الشكوك في أمر غياب من ينتظرها، ثم يعود ليمحو دائرة الظنون، التي تدور به، بإعادته لهذا البيت عند نهاية كل مذهب و(كوبليه): وح استنى ليه ما استناشي لحد بكره؟ ثم يأتي ليلقي باللائمة على الفجر - فجر يوم اللقاء - كأنه رأى أنه قد أتى قبل ساعته، ومنعه من أنْ يبدأ يومه الموعود، ممتعاً ناظريه برؤية محبوبته، فهي بـِطلتها في عينيه أجمل من طلعته، بعدما صوّر لنا إقبال الفجر بتباشيره، وهو يختال ويمشي الهوينة، على موسيقا حديثة، هي شبيهة بالموسيقا الصينية، الآتية من أقصى الشرق، جهة مجيء الفجر وشروق الشمس، ثم يتسول إليه بحزن مُفرِّح، ليستبقيه في الانتظار هو الآخر، معانداً حتى الطبيعة، لما يطلب إلى الفجر، أنْ يؤخر في قدومه، حينما يهمس إليه في الكوبليه الثاني (زمنها جاية كمان شوية) ويحاول أنْ يصفها له، لعلـَّه يتراجع عن ذلك، وليتهرب من الجرح الذي قد يصيبه، فهو كالذي لا يريد أنْ يبدأً اليوم أصلاً، فيعطي لها فرصة انتظار أكثر بتأجيل اليوم المرتقب، لكأنه أحسّ بأنها ستحنث بوعدها. إذن فهي دراما غنائية مصورة، قام الموسيقار الكبير، بتصويرها لنا من خلال لحنه وموسيقاه وأدائه، وإظهار المؤثرات الصوتية، التي يتمتع بها من حشرجات وارتعاشات، ليكون بهذه التقنيات الصوتية، مثل الممثل، الذي يؤدي دوره بكل تلبس للشحصية، فقد شاهدناه في هذه الأغنية، قد شخّص للمستمع بصوته فقط، دور العاشق الممتلئة وجدانياته بالشاعرية... لندعه لمشاعره هذه، التي أعلن من بداية الأغنية، بأنه عازماً على الاستمرار عليها ولا يريد أنْ يصحو منها، وأنهى بها ثلث الساعة من الغناء بالإصرار على مقولته في مطلعها، كأن شيئاً لم يكـُن: قالت لي بكره وادحنا بكره لو صدقت تبقى موش بيعاني لو خلفت موش ح أقول نسياني ح أقول بكره هو اللي ما جاشي وح استنى ليه ما استناشي لحد بكره؟ وهذه هي فلسفة العاشق الفنّان، الذي يخادع نفسه، ولا يريد أنْ يخسر الرِهان على من أحبّ، لئلا يكون للكراهية في قلبه موضعٌ، حال انتفاء إتيانها في الموعد، فلنتركه لشأنه، ولا دخل لنا بما ابتغى لنفسه، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بنت مصر فريديّة أصيلة
عدد المساهمات : 3040 تاريخ التسجيل : 11/04/2011
موضوع: رد: فريدالاطرش في طوال الاغاني 7/4/2018, 16:21
الكاتب الرائع الاستاذ زياد العيساوي من الكتاب الليبين المنصفين للموسيقار فريد الاطرش وكتب الكثير عنه تحيه شكر واحترام لهذا الكاتب الرائع وتحيه لحضرتك استاذنا القدير وليد علبى على جهودكم الكبيره التى لا تنقطع ونسأل الله ان يبارك لكم فى عمركم ويمدكم بالصحه والعافيه
وليد علبي الاداره- كبار الفريدين
عدد المساهمات : 37914 تاريخ التسجيل : 01/01/2013
موضوع: رد: فريدالاطرش في طوال الاغاني 7/4/2018, 20:21